يتعرض النائب البرلماني والناشط الحقوقي والقاضي السابق، أحمد سيف حاشد لمضايقات عديدة وصلت حد التهديد والاعتقال والاعتداء ومحاولات سحب الثقة والتصفية.
فهذا النائب المنافح عن الحرية والمدافع عن الحقوق، والمشير بأصابع ضوئية لمكامن الداء ومواطن الفساد، يواجه عدواناً سافراً وشبه مستمر؛ فقد جرى احتجازه في الأمن السياسي، وتعرض للحجز في إدارة الجوازات ولم تشفع له حصانته «البرلمانية».
وفي كل مرة يتعرض النائب الشجاع للاعتقال أو التهديد، كان مجلس النواب يقابل الامر بالتجاهل، وأحياناً بلوم النائب.
وكان الأمن. وحزب الاغلبية (المؤتمر الشعبي العام) هما من يجرمان النائب، أو يعتديان عليه.
منذ بضعة أيام انضم نواب من حزب الاصلاح: صالح السنباني، وعارف الصبري، ومحمد الحزمي (إمام وخطيب دار الرئاسة)، وثلاثتهم ينتمون إلى التيار السلفي التكفيري في التجمع اليمني للاصلاح.
معروف أن الإصلاح قد قطع شوطاً بعيداً في رفض التخوين والتكفير، وشهد خطابه السياسي تحولات ديمقراطية مهمة. ولكن قيام بعض من كتلته في النواب، بالتوقيع على تجريم النائب حاشد والحسبة ضده تسيئ إلى «الإصلاح»، ولا تعزز مكانته القيادية في اللقاء المشترك. والنائب حاشد وإن كان مستقلاً إلا أنه يعتبر من أهم مؤسسي إئتلاف مؤسسات المجتمع المدني «أمم» والشخص الثاني بعد الدكتور أبو بكر السقاف في رئاسة لجنة مناهضة الاعتقال والتعذيب، ويلعب دوراً مهماً في الدفاع عن الحقوق والحريات والتعددية السياسية والحزبية والفكرية.
لا شك أن الممارسات الغامضة والإرهابية ضد حاشد، والاحتساب ضده وضد صحيفته «المستقلة» ليست بعيدة عن أجهزة الأمن وحزب الحكم الغارقين في الفساد والاستبداد.
ويعرف الجميع أن حملة التشهير والتكفير في عالمنا العربي والاسلامي، وبالاخص في اليمن، غالباً ما تستخدم كمقدمة وتبرير ديني للتصفية الجسدية. فقبل اغتيال الشهيد جار الله عمر بأسابيع معدودة، شنتت حملة في صحف مشبوهة تتهمه بإلغاء حدود الله والكفر. وعلى هذه الحملة استند قاتله في اغتياله.
وكان اغتيال الكاتب الشجاع فرج فودة معطى من معطيات الحملة التكفيرية في الاسلام السياسي، أما المعتدي على حياة السارد العظيم نجيب محفوظ، فكان مبرره كفر رواياته التي لم يقرأها، وقد ندم على نسيانه البسملة عند محاولته ذبح الأديب العالي والكبير.
تلعب السلطة اليمنية بسلاح الدين. فهي تعلن الحرب على الارهاب وتتخالف مع السلفية الجهادية والتكفيرية، وتشجع على فتح فرع لجامعة الايمان بحضرموت؛ لإذكاء الصراعات المذهبية بعد أن أشعلتها في صعدة بدعم ومساندة الفقيد مقبل هادي الوادعي ومعهد دماج.
اذا كان معهد دماج الذي شجعته اليمن والسعودية، أحد أهم مقدمات حرب صعدة فإن تشجيع المعاهد في العديد من مناطق اليمن، ومنها فتح فرع لجامعة الايمان في حضرموت هي مقدمة كبرى لحروب مذهبية وفتن عقائدية تبدأ ولا تنتهي.
إن جريمة السلطة أنها تنشر التعليم المذهبي، وتشجع التنازع القبلي والطائفي وتشجع «السلف» والتيارات السلفية لتواجه بهم المذهب الزيدي في صعدة ومعبر ومأرب، والمدارس الأشعرية والصوفية في حضرموت وتهامة، وتضعف التعليم العام.
إن من حق الناس إنشاء مدارسهم الدينية ومن حقهم التعلم وتعليم أطفالهم كما يريدون، لكن ما يجري في اليمن مختلف تماماً. فالدولة تدير الظهر للتعليم العام، وتتلاعب بالمناهج، ولا توفر الحدود الدنيا للتعليم الأساسي، وتضيق على المعلمين والطلاب، وشيئاً فشيئا تلغي مجانية التعليم. في حين تشجع، لأغراض سياسية، التعليم المذهبي السَّلفي لمواجهة المجتمع اليمني الذي يرفض الفساد والاستبداد.
يعرض خطيب وإمام جامع دار الرئاسة محمد الحزمي: هناك من يستهدف الفضائل. ونسأل فضيلته: هل من الفضيلة السكوت عن الجوع الذي يلف اليمن، كل اليمن، بجلبابه الأسود؟ هل من الفضيلة السكوت على حرب صعدة التي أزهقت أرواح المئات وشردت الآلاف؟ هل الفضيلة ممالأة السلطة في حربها الشنيعة ضد الجنوب، وتحويل الجنوب الى احتلال يزري بالاستعمار البريطاني؟ وقبل ذلك وبعده: هل الفضيلة أن تحرض على سحب الثقة عن زميك الذي نذر نفسه للدفاع عن الحقوق والحريات, عانى ويعاني الويلات, أجهزة القمع ومن خذلان مجلس نواب لا يستطيع رفع اليد إلا لتأييد الحكم وتبرير الفساد، وقمع الأصوات الاحتجاجية داخله لأعضاء محدودين من كل الاتجاهات يمثلون الضمير الحي والعين اليقظة, في مواجهة تغول القمع وتسييد القبيلة والانتصار للقيم والتقاليد البالية التي يسميها القرآن الكريم «الطاغوت».
إن الأصوات الاحتجاجية الشجاعة في النواب، الجسد المسجى بالسواد، هي الضمير الشعبي المعمول عليه في التصدي للعودة بالبلاد والعباد إلى عصور محاكم التفتيش وتكفير الخصم السياسي وسلخ جلده.
ومهمة هؤلاء النواب على قلتهم التصدي للحملة الجائرة ضد أحمد حاشد، وإدانة العودة «غير الحميدة» لأساليب التخوين والتكفير المبيحة للدم، والمهدرة للكرامة الانسانية.
كما يتحمل المشترك الذي تكرم بإصدار بيان تضامن وإدانة لهذه الأساليب البشعة.وكان موقف المدافعة الحقوقية رئيسة «منظمة صحفيات بلا قيود» ما ئزاً وشجاعاً وكان بيان منتدى الشقائق أول الغيث، فهذا المنتدى من أكثر منظمات مجتمعنا المدني تصدياً للعدوان على الحريات.
وكالعادة غاب صوت النقابة الصحفية التي يفترض أن تكون أول المدافعين عن حرية الرأي والتعبير والاعتقاد، أما اتحادنا العتيد (اتحاد الادباء والكتاب) فقد أصدر، مشكوراً،بياناً تضامنياً. ولكننا نطالب الاتحاد الادبي، والنقابة الصحفية والمحامين ومنظمات العفو الدولية، وحقوق الانسان، بالدفاع عن نائب شجاع لا جريرة له إلا دفاعه عن الحقوق والحريات، وفضح بؤر الفساد وأوكار الاستبداد.
أحمد سيف حاشد وتحالف القتل
2008-02-16