يمضي شعفل عمر عامه الرابع عشر في المنفى «في انتظار جودو»
يأخذ جودو أحياناً هيئة «القانون». وإذا سئل القيادي الاشتراكي اللامع الذي قرأ صموئيل بيكيت جيداً: متى تعود إلى اليمن؟ فإنه يرد ممازحاً: عندما يعود القانون.
هذا شرط تعجيزي. وبوسع السياسي الذي صُنِّف على الدوام، قبل الوحدة وبعدها، في خانة الاعتدال، أن يتواضع قليلاً فيضع شروطاً ممكنة التحقق، كأن يقول: عندما يعود بيتي! لكنه لن يقول ذلك أبداً، كما ذكر لـ«النداء»، لأنه لا يريد أن يُذل، أو أن يؤذي نفسه فيطلب من الرئيس علي عبدالله صالح إعادة بيته وممتلكاته.
في حرب 1994 خسر شعفل عمر الكثير، حتى أن حصر خسائره تستلزم طواقم من العدادين. خسر حلمه: الوحدة التي ناضل لأجلها وبشَّر بها، وتغاضى عن عدم اكتمال شروطها في 22 مايو 90، أسوة بأغلب رفاقه في قيادة الحزب الاشتراكي. وهم إذ قفزوا إلى الحلم الوحدوي في لحظة شحن عاطفي، فقد استيقظوا على مصائر كابوسية، لكأنهم شخوص في مسرح شكسبير، تتجاذبهم مشاعر ألم ونقمة وانتقام وحيرة وتردد.. فخسران!
بالنسبة لحالم كبير فإن حرب 1994 كارثة على جميع الصعد. خسر حزبه الحرب، وخسر هو الحلم والزوجة والابن الأكبر، وبيتيه في صنعاء وعدن، وكل ممتلكاته، ومقعده النيابي، وإسمه في بعض الأحيان!
للمفارقة فإن الزميل مروان الغفوري كان قد جذبه إسم الخاسر الكبير قبل سنوات عدة، فاستخدمه كإسم مستعار في منتديات الانترنت. وعندما طلبت منه، هو الحالم الكبير أيضاً، أن يجري الحوار مع شعفل المقيم في القاهرة منذ نهاية الحرب، إعترف لي, لكأنني «كاهن الاعتراف», بغزوته المقدسة، وقد مازحته: لا غرابة فإسمه يغري أي دحباشي (حالم) بتفيده. على أن المتفيد الجميل مروان عاش بدوره المحنة «الشعفلية» بعد دقائق من اتصاله بشعفل طالباً تحديد موعد لإجراء الحوار، فعلى شط النيل حيث العشاق إثنين إثنين، على ما يقول مروان، سلبه نشال مصري نظارته وتلفونه السيار. وقد أمكن لمروان أن يستعيد تلفونه وهذا هو المهم بالنسبة لصحيفة «النداء» وإلا ما كان لهذا الحوار الاستثنائي أن يُنجز.
يتحدث شعفل للصحافة لأول مرة منذالحرب وقد اختار أن يطل على الرأي العام من خلال «النداء» كاشفاً حقائق مثيرة، وأسراراً تنوء بحملها «النداء»، عن الوحدة والحرب والانفصال. علاوة على تقديمه زوايا جديدة للنظر إلى شخصيات رفيعة في الحكم والمعارضة. وإلى هؤلاء، قدم الرجل نفسه دون طنطنة ولا «بهرجه»: إنسان حلّت به المصائب لكنه لم يفقد قط قدرته على الحلم.
في انتظار وحدة... وقانون!
2008-01-03