مذكرات متقشفة خليقة برجل من أهل القمة
صدرت مؤخراً مذكرات الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر وبعنوان «قضايا ومواقف»، وفيه يعرض لمراحل مختلفة من حياته، مبرزاً أدواره في المعارضة والحكم، ومواقفه خلال الأزمات الكبرى التي عاشها اليمن منذ عقد الستينات.
بلغة متقشفة تصدر عن رجل وضع نفسه دوماً في مقام الأب المترفع عن الخوض في الصغائر، يمرصاحب المذكرات بوقار يليق بشيخ قبيلة حاشد، مرور الكرام على أبرز وقائع النصف الثاني من القرن العشرين. وإذ يتقشف يتخفف من غلواء الصراعات التي كان على الدوام طرفاً أصيلاً فيها، حتى يكاد القارئ يحسب الراوي مجرد شاهد عيان خلواً من أية تحيزات تجاه أي من أطراف الصراع وليس ذاك الشيخ الجامح في نزوعه إلى السلطة والسيطرة كما يظهر في مرويات مجايليه ومناوئيه، على اختلاف مذاهبهم.
على أن صاحب المذكرات يعلم أن شهادته لا تلبي توقعات القراء من رجل بسط ظله على الحياة السياسية، وما يزال، منذ عقود، فقد استبق قارئيه فيما يشبه الاعتذار، مصدِّراً كتابه بتوضيح مفاده أنه لم يكن مثل غيره مهتماً بكتابة يوميات أو منصرفاً إلى توثيق الأحداث، قبل أن يستطرد قائلاً: أنا شخصياً لم يكن عندي الهواية (بالتوثيق والتسجيل اليومي أو الشهري أو السنوي) والاهتمام، وأنا منذ عرفت حياتي (منغمساً) في أعمال ومشاغل، خاصة أو عامة، صغيرة أو كبيرة.
سبق للشيخ عبدالله أن أظهر هذا العذر في سياق تعليقه على مذكرات الشيخ سنان أبو لحوم الزاخرة بالوثائق والمراسلات، وبخاصة تلك المتصلة بنشاط الشيخ الأحمر في عقدي الستينات والسبعينات، إذ أشار إلى انغماسه في الدفاع عن النظام الجمهوري فيما غيره منهمك في تجميع الأوراق.
لا أسرار خطيرة تتكشف من المذكرات، لا نقضاً صريحاً لروايات سابقة، لا أبعاد جديدة تظهرها في شخصية الشيخ. عدا هذا، فإنه يتفانى في تظهير صورته النمطية لدى الرأي العام كشخصية محافظة انحازت على الدوام إلى البنية الاجتماعية التي طلعت منها، وقاتلت بضراوة من أجل منظومة قيمية أرادت تعميمها وطنياً.
وفي المذكرات يزهو الشيخ بقبيلة حاشد عند كل منعرج، ويتغنى بأجداده، وينوِّه بانحياز مشائخها وتجارها وأهليها إلى الثورة والجمهورية، مبدياً امتنانه لهم لوقوفهم معه في أوقات الشدة في سنوات معارضته للرئيسين السلال والحمدي.
في تقشفة يعمِّد الشيخ الأحمر الروايات المتواترة عن أدواره ومواقفه في المحطات الفاصلة، كما في أحداث أغسطس 1968، حيث الصراع جرى، طبق تصنيفه، بين فسطاطين: الجمهوريين بقيادة العمري واليساريين بقيادة عبدالرقيب عبدالوهاب. إذ لا يجد نفسه بعد 40 سنة ملزماً باعتماد التصنيف الأدنى إلى الإجرائية البحثية لطرفي الصراع: الجمهوريين المحافظين والجمهوريين الراديكاليين.
على أن أحداث أغسطس بما هي لحظة انجراح وطني ممتد لقوى سياسية واجتماعية أخذت طابعاً مناطقياً ومذهبياً يعرض عنه صاحب المذكرات.
وبالمثل يسكت عن تفاصيل معارضته للرئيس الحمدي الذي شكل خطراً وجودياً على البنية التي تصدى الشيخ للدفاع عن مضاربها وقيمها عند كل منازلة داخل الصف الجمهوري، ولاحقاً داخل الصف الوحدوي (الشمال والجنوب).
بيد أنه يسجل إدانته الصريحة للجريمة الشنعاء التي أودت بحياة الحمدي.
وبشأن اغتيال محمد محمود الزبيري، لا يتفذلك الشيخ الأحمر كما يفعل عديدون من مشايعي الزبيري، إذ يقطع بأن الجريمة من تخطيط وتنفيذ الملكيين.
وفيما يخص انتقال السلطة بعيد اغتيال الرئيس الغشمي، يثبِّت الشيخ الرواية المتواترة عن معارضته ترشيح المقدم علي عبدالله صالح للرئاسة، واضطراره لاحقاً إلى القبول بها تحت إلحاح القيادة السعودية المتحمسة للضابط الذي كسب الجيش إلى صفه.وقد أُستدعي الشيخ الى جدة لإثنائه عن موقفه. وأرسلت الرياض لاحقاً مبعوثين إليه وإلى غيره من المشائخ لإٍقناعهم «حتى تمت الأمور»!
مهما يكن، فإن الشيخ لم يلبث أن تحالف مع الرئيس الجديد في مواجهة القوى اليسارية والناصريين. وهو أسهب في إبراز إسهاماته وإسهام حلفائه الاسلاميين في تأمين نظام الرئيس علي عبدالله صالح في أحلك الظروف. وفي هذه الحقبة تتداخل شهادته برواية الاخوان المسلمين، وتالياً التجمع اليمني للإصلاح، لجذور التحالف الاستراتيجي الذي جمع اسلاميين اليمن بالرئيس صالح، ومحصولاته، فيما يشبه المن.
وعلى الجملة فإن مذكرات الشيخ الأحمر على تقشف صاحبها وشحة الأسرار فيها جديرة بالقراءة، ومدعاة لعرض أشمل وأنفذ لفصولها.
سامي غالب
***
عارضت تولي صالح الرئاسة فاستدعاني السعوديون إلى جدة..
الشيخ عبدالله الأحمر: الحمدي أحل الناصريين بدلاً
عن البعثيين في مؤسسات الدولة فأغضب الرياض
بعد أن قدم القاضي الارياني استقالته من رئاسة المجلس الجمهوري، وقدمت استقالتي وأنا في خمر، تم تكوين مجلس القيادة، وأعلنت الأحكام العرفية وتجمد مجلس الشوري وتعطل الدستور. وعلى أساس أن هذه الحالة مؤقتة لمدة ستة أشهر ويعود الحكم المدني ومجلس الشورى والعمل بالدستور ويختار مجلس جمهوري كما اتفقنا على ذلك قبل الانقلاب مع إبراهيم الحمدي والضباط وسنان أبو لحوم ومن حضر معنا.
كان تجميد مجلس الشورى وتعليق الدستور خطوات لاحقة اتخذها إبراهيم الحمدي من مجلس القيادة ولم نتفق عليها ولا جرى أي حوار بيننا بشأنها لكن الحمدي استند على الاستقالة واتخذ هذا الموقف على أساس أنه ما دام رئيس مجلس الشوري قد قدم استقالته وقد أعلنت حالة طوارئ ونحن في فترة انتقالية فإن حالة الطوارئ تستدعي هذه الإجراءات.
بدأ الرئيس الحمدي يختلف مع مجاهد أبو شوارب وبيت أبو لحوم. وجاءوا لي وأنا في صنعاء وكانوا لا يزالون أقويا وأعضاء في مجلس القيادة وقادة في الوحدات العسكرية يحاولون استقطابي إلى صفهم للتخلص من إبراهيم الحمدي قلت لهم: أنتم أقنعتمونا به وبالحركة والآن تريدون أن تتخلصوا من إبراهيم الحمدي من أجل يصفى الجو للبعث، لا لست معكم في هذا. وحاولوا معي مرات كثيرة ورفضت. وتصاعد خلافهم مع إبراهيم الحمدي وبدأ يضايقهم من مناصبهم من مجلس القيادة ومن الوحدات العسكرية التي كانوا فيها، والتي تمكن من خلخلتها وكسب ضباطها حتى إن علي أبو لحوم ما شعر إلا والضباط كلهم ضده ومنعوه من دخول الوحدة العسكرية في العرضي.
وعندما أعلن بيان بتغيير بيت أبو لحوم من قيادة الجيش يوم 27 إبريل 1975م، عارضت ذلك. وهذا اليوم أصبح اسمه يوم الجيش، الذي سماه الحمدي، واعتبر عيداً يحتفل به كل عام، وحينما جاءت لي الأخبار وأنا في مجلس الشورى قمت من القاعة إلى مكتبي واتصلت بالحمدي تلفونياً وجرت بيني وبينه مشادة قوية. وبعدها أقصى العميد/ مجاهد أبو شوارب من منصبه القيادي العسكري وكان في الصين وعاد من الصين ونزل في مطار جدة، ثم اتجه براً إلى حجة مركز المحافظة حيث كان أيضاً محافظاً لها، وقام بترتيب الأمور في حجة ثم اتجه الى خمر. واشتد الخلاف مع إبراهيم، ولم أعد أطمئن له وتذكرت ما كان يبلغني به مجاهد وبيت أبو لحوم من قبل أنهم اكتشفوا أن هذا الرجل خطير، فخرجت إلى خمر بعد خروج مجاهد بحوالي شهرين تقريبا أو أقل.
آلية المعارضة للحمدي وفشل الوساطات الداخلية والخارجية
عندما خرجت الى خمر بدأ مسار المعارضة يأخذ موقفاً قوياً حيث استقطبنا القبائل وقليلاً من العسكر فكانت المناطق من بعد ريدة إلى صعدة معنا. أما حجه فحصل من أهلها مقاومة لكنهم سرعان ما تخاذلوا وخذلوا مجاهد الذي كان يستند إليهم وقدم لهم الخدمات.
وفي هذه الأثناء قام بعض الأشخاص بوساطات لحل الخلاف وأكثر من قام بهذا الدور القاضي/ عبدالله الحجري. لكنها كانت وساطات استسلامية ونصائح ليس فيها شيء مقابل شيء. وكانت لنا شروط وفي مقدمتها إعادة الحياة الدستورية والحكم المدني بحسب الاتفاق الذي تقرر على أساسه التغيير.
والقاضي الحجري كانت وساطته تهدئة واستسلاماً وكان يقول: خلاص تعاملوا مع هذا الإنسان ولا تطلعوا المحرة لا تتركوه وحاولوا تمسكوه وتتعايشون معه لا تطلبوا منه أكثر مما يطيق. وكان يستعمل (لاتطلعوا المحره) لأنه سيحصل كذا وكذا. كما خرج لنا من الوسطاء بعض المشائخ منهم عبدالخالق الطلوع، ومحمد يحيى الرويشان وكان صديقاً للحمدي- ومحمد حسن دماج، وعبدالله دارس وكانوا يحملون نفس الرأي الذي كان يحمله القاضي عبدالله الحجري. كانوا يحاولون ثنينا عن المعارضة مقابل أن الحمدي سوف يسمعنا ونحن نتعاون معه ونكون وإياه يداً واحدة. كما بعث إلينا الأستاذ أحمد محمد نعمان برسالة ينصح فيها بالتعاون الصادق والحذر والحيطة من الذي يسعون للفرقة بيني وبين الحمدي ويشرح فيها عن مواقفه. (وثيقة رقم «46») واستمرت الوساطات ومحاولة تقريب وجهات النظر أثناء أدائنا فريضة الحج مع إبراهيم الحمدي من قبل المسؤولين في المملكة. وأعتقد أننا لم نتفق على شيء محدد وعلي أساس أن نتواصل هنا وهناك ونحل الخلاف! لكن الموقف اشتد عندما أقدم الحمدي على حل مجلس الشورى في 22 أكتوبر 1975م وخرجت المظاهرة «لاشورى بعد اليوم». وكنت حينها في خمر والتواصل منقطع مع الحمدي. ومجاهد الذي كان أول من شد الموقف مع الحمدي وكان يدخل صنعاء ويلتقي مع الحمدي ويجري محادثات للمصالحة.
وفي هذه الأثناء والمعارضة للحمدي في أشدها، خرج إلى خمر الأمير تركي بن فيصل بن عبدالعزيز. وعندما وصل إلينا كان أكثر ما ركزنا عليه هو إظهار استياء الناس من الحمدي والتفافهم حولنا، وصادف وجوده إلتقاء القبائل فيما أسموه «مؤتمر خمر الثاني» وفعلاً رأى وسمع ما لم يكن يتوقع مما جعله يقول: «هنا الدولة هنا اليمن». لأنه رأى وجوه مشائخ اليمن وقد حاول أن يقرب وجهات النظر ويخفف من حدة الخلاف. ولست أذكر تفاصيل ما جرى بيننا من محادثات، لكنها كانت تصب في اتجاه تنقية الأجواء وتجاوز الخلافات والتصالح مع الحمدي.
واستمرت الخلافات طوال عامي 1976م، 1977م. وفي هذه الأثناء قتل القاضي عبدالله الحجري في لندن وظهرت إشاعات بأن الحمدي تآمر عليه، وكان التصاق القاضي عبدالله الحجري بالحمدي وتأييده له قد أوجد بيننا وبينه هوة، لأن وجوده في جانب الحمدي كان يخدم الأخير خدمة كبيرة، وكنا ننصح الحجري بالابتعاد عن الحمدي، لكنه كان يرفض نصائحنا، لذلك لم يمثل قتله إضعافاً لنا لأنه كان يعتبر في تلك الفترة سنداً ودعماً وظهيراً للحمدي.
الدور السعودي في دعم الحمدي
كان موقف السعودية مؤيداً لحركة 13 يونيو ولا أعتقد انه كان لها دور في التخطيط للحركة ولكن يبدو أنه كان هناك سر بينهم وبين إبراهيم الحمدي لأنهم كانوا ضائقين بالقاضي عبدالرحمن الارياني، وكانوا على علاقة بإبراهيم الحمدي ومعجبين بشخصيته، وقد دعموه في البداية. وعندما بدأ الخلاف بيننا وبين إبراهيم حاولوا التوسط وتقريب وجهات النظر، وكانوا حريصين أن أظل موجوداً في الدولة لكنهم في الوقت نفسه حريصون أن لا نهز وضع إبراهيم الحمدي أو نفرض عليه شروط أشخاص. وكانت ثقتهم بالحمدي كبيرة ووساطتهم على أساس أن نتصالح وأكون وفي الوقت الذي كانوا ينصحوني بعدم المعارضة ضد الحمدي كانوا ينصحونه أيضاً أن لا يصعد الموقف معنا وكانوا على ثقة أنه معهم ويستند إليهم وكان يطرح عليهم أنه يريد بناء دولة، ونحن مراكز قوى ولابد أولاً أن يتخلص من مراكز القوى ليستطيع بناء دولة وهذا بخلاف رغبتهم، وكانت القيادة السعودية ترغب بوجود حاكم قوي يستطيعون أن يدعموه وهو في أيديهم وقادر على التعامل بدلاً من الفوضى.
وكان ما يطرحه الحمدي يلقي تجاوباً من المثقفين والشباب داخل اليمن وخارجه خاصة وأنه كان خطيباً مفوهاً ومؤثراً.
وخلال فترة الخلاف لم ينقطع تواصلنا مع المسؤولين في المملكة ولم تتقطع وساطتهم بيننا وبين الحمدي، فقد كان سفيرهم بصنعاء دائم التردد علينا لهذا الغرض. وقبل مقتل الحمدي أبلغنا السفير السعودي عزمنا على زيارة السعودية وتوجهنا براً إلى الطائف مع مجموعة من المشائخ من كل مكان، في شهر رمضان قبل مقتل الحمدي بشهرين أو أقل لنؤكد لهم أننا رافضون للحمدي، وأننا مستندون إلى القاعدة الشعبية، وبقينا في الطائف حوالي ثلاثة أسابيع أو أكثر. وكان محسن اليوسفي يتحرك بين صنعاء والطائف من أجلنا وهو وزير الداخلية وذلك في محاولة لتسوية الخلاف بيننا وبين إبراهيم الحمدي خاصة بعد أن تخلص من مجاهد ومحسن العيني وبيت أبو لحوم والتيار البعثي في الوقت الذي بدأ بإقامة العلاقات مع النظام في عدن وإحلال الناصريين بدلاً عن البعثيين في مؤسسات الدولة. فبعد أن تظاهر لهم أنه كان يخدمهم بتصفية البعث الذي كانوا على عداء معه وقدموا له الدعم والتأييد إذا به يحل الناصريين بدلاً عنهم، والسعوديون لا يختلف موقفهم من الناصريين عن موقفهم من البعث إلا أنهم كانوا يعتبرون الناصريين ضعفاء في تلك الفترة.
انقلاب الغشمي على الحمدي وتبنيه
لنهج الحمدي في إبعاد المشائخ
كان أحمد الغشمي يتبنى نفس موقف الحمدي ضدنا، وعندما بدأ بالإعداد لحركته ضد إبراهيم لم يكن بيننا وبينه أي تفاهم أو تقارب أو حتى مجرد إيحاء بما ينوي فعله، ولهذا كان مقتل الحمدي مفاجئاً لنا وقد استقبلت النبأ باستياء شديد فهذه جريمة وما كان يجب أن تصل الأمور إلى هذا الحد.
وبقدر ما كان القتل جريمة استنكرناها، فإن التغطية القبيحة التي صاحبت الجريمة اعتبرناها أشد قبحاً وقد أدنتها وبعثت في ليلتها رسالة حملها الأخ/ علي شويط، قلت لهم فيها إن التغطية مشينة وغير مشرفة، لأنه كان يجب أن تعلنوا أنكم قمتم بانقلاب وتعلنوا مبرراته بدل البكاء والأناشيد العسكرية وهذا الكذب والتغطية القبيحة.
دخل مجاهد أبو شوارب بعد الانقلاب والتقى بالغشمي، الذي لم يفتح معنا أي حوار وإن كان قد بعث لنا من يطمئننا ويؤكد لنا أن الخلاف الذي كان موجوداً بيننا وبين الحمدي قد انتهى، ويطلب منا أن نبقى في خمر، وأن لا ندخل صنعاء، حتى المشائخ الذين كانوا مقاطعين صنعاء طلب منا أن نبلغهم أن لا يدخلوا صنعاء، حتى أن الشيخ أحمد ناصر الذهب وكان من المشائخ الذين كانوا عندي في خمر دخل بعد مقتل الحمدي وأرجعه الغشمي قبل أن يدخل صنعاء وجلس في قرية القابل شمال العاصمة.
وظل الغشمي يطلب منا التريث وان لا ندخل صنعاء وانه سوف يلتقي بنا كضيوف في بيته في ضلاع، والتقينا به وأكد لنا أنه معنا وأننا وإياه في خط واحد وعلينا أن نؤجل أي شيء، وقال: اتركوا لي فرصة!!
وعندما أعلن إنشاء مجلس الشعب التأسيسي أظن أنه أشعرنا بذلك مسبقاً، ولم يكن عندي أي مطالب على أحمد الغشمي حتى يتبين موقفه.
مقتل الغشمي والموقف من انتخاب
المقدم/ علي عبدالله صالح
بعد مقتل الغشمي قررنا دخول صنعاء قلنا: لا ننتظر حتى تأتي تعليمات ممن سيأتي بعده تمنعنا من الدخول ولم يكن لدينا أي محظور أمني ووصلنا صنعاء يوم دفن الغشمي بتاريخ 26/6/1978. وكان منصب الرئيس شاغراً، وكان هدفنا أن نحاول تصحيح خطئنا الذي ارتكبناه في 13 يونيو 1974، وإعادة الحكم المدني. ودخل معنا الشيخ/ سنان أبو لحوم وجميع المشائخ الذين كانوا خارج صنعاء من كل مكان، وحاولنا جميعاً إعادة الوضع المدني وبذلنا قصارى جهدنا في مجلس الشعب، ومما شجعنا أن القاضي عبدالكريم العرشي هو رئيس مجلس الشعب التأسيسي الذي تولى الأمر بعد مقتل الغشمي، وقلنا له استمر حتى ترتيب الأمور طبقاً للدستور، وأكدت في رسالة لرئيس وأعضاء مجلس الشعب أن يناقشوا أولاً كيف تحكم اليمن وليس المهم من يحكم اليمن. (وثيقة رقم «47»).
وصارحنا علي عبدالله صالح وترجيناه- وكنا نعرفه من قبل ولم نكن نرغب بأن يتولى هو منصب الرئيس لأننا من ناحية كنا نعتقد أنه غير قادر على تحمل المسؤولية، ومن ناحية أخرى- وهي الأهم- كنا نصر على عودة الحكم المدني لكي نكفر عن خطئنا السابق، وكان معنا في هذا الموقف بعض المشائخ منهم سنان أبو لحوم وأحمد علي المطري وأما الكثير من المشائخ فكانوا يقفون معنا في النهار حيث كان حوش منزلي يمتلئ بهم، وفي الليل يذهبون إلى القيادة وأعضاء مجلش الشعب!!
كان هذا موقفنا في البداية، لكن علي عبدالله صالح أصر واستطاع بذكائه وحنكته أن يكسب الجيش ويفرض نفسه على القادة ومن هم أعلى رتبة ومكانة ومنهم القائد العام/ علي الشيبة وزير الدفاع وفرض نفسه على الجميع.
كما أصر معه الإخوان في المملكة العربية السعودية حتى استدعوني إلى جدة فعلاً وجاءوا بطائرة تنقلني إلى هناك لإقناعي بعلي عبدالله صالح. لقد أيدت السعودية بشكل واضح ودعمت بقوة علي عبدالله صالح، وبذل العميد/ صالح الهديان الملحق العسكري للمملكة جهوداً كبيرة لإقناعنا، كما خرج علي بن مسلم من السعودية يقنعني ويقنع بقية المشائخ وجلس في صنعاء حتى تمت الأمور.
* مقتطفات من الكتاب
عارضت تولي صالح الرئاسة فاستدعاني السعوديون إلى جدة.. الشيخ عبدالله الأحمر: الحمدي أحل الناصريين بدلاً عن البعثيين في مؤسسات الدولة فأغضب الرياض
2007-11-01