صنعاء 19C امطار خفيفة

بافطيم لـ«النداء»: شلّوا الدنيا، وخلّوا اسمي.. بغيت بصل بافطيم يبقى بصل بافطيم..

2007-09-06
بافطيم لـ«النداء»: شلّوا الدنيا، وخلّوا اسمي.. بغيت بصل بافطيم يبقى بصل بافطيم..
* لا أحد يكذب عليك.. با فطيم اللي لقي البصل.. ولو هو غيره كان سماه باسمه 
* يوم شافوا ذري بافطيم زين شلّوه.. 
* لو ما حافظت أنا على البصل كان ما بتشوفه في ذي البلاد
- لقاء: هشام علي السقاف
ذهبت إليه وبرفقتي زملاء اصطحبتهم نحمل قراراً من رئيس الهيئة العامة للبحوث الزراعية صادراًَ في 25 يوليو 2007 يلغي الاتفاقية الاحتكارية التي أبرمتها الهيئة مع إحدى المؤسسات الاستثمارية الخاصة في مايو الماضي والتي أثارت زوبعة كبيرة في أوساط المزارعين وجمعياتهم بوادي حضرموت، وكنا نعتقد أننا نقدم إليه هدية كان يتمناها بعد أن سمح هذا الإلغاء بأن يتمكن هو نفسه صاحب الاسم من إكثار وتسويق البصل المسمى باسمه، ولكننا فوجئنا بأنه قابلنا شاخطاً:
ما الغوا اسمي. مكانكم مخلينهم يترزقون به في غرفة ذات عمود واحد فيها تلفزيون وجهاز الستلايت وسرير متواضع يقابلهما يجلس عليه الفلاح الأشهر في اليمن صالح محفوظ بافطيم (80 عاماً) صاحب اسم البصل الأغلى عربياً. لم نستطع حتى بالدغدغة أن ننتزع ابتسامة من وجه هذا الفلاح السيئوني الأسمر في محاولة منه لإقناعنا بالوقوف إلى جانبه للمحافظة على اسمه من السطو.
الفلاح الذي يفتخر بأنه علّم أولاده التسعة عشق الأرض الذي ورثه من أبيه وأجداده واستطاعوا أن ينحتوا به أسماءهم في قلوب المزارعين والمستهلكين حتى صارت عائلة بافطيم رائدة الثقة والجودة في عالم البذور أياً كان نوعها.
نذكّر أن هذا اللقاء جاء على خلفية تداعيات قضية لا نود تكرار تفاصيلها هنا ونكتفي بما نشر عنها في "النداء" منذ 27 يونيو 2007 حول الاستيلاء على اسم هذا الفلاح من قبل هيئة البحوث الزراعية التي تنكر له أي حق في الاختراع والاستنباط (وحول هذا يشتعل أكثر من موقد) نقدمه بلهجة الفلاح بافطيم العصية على فهمها من قبل البعض بسبب حالة الشلل التي أصيب بها قبل خمس سنوات وظل من حينها طريح الفراش نفسه في الغرفة ذاتها بكامل قواه العقلية المتحدي بها الآخرين.
هذا جزء من الحوار الأول في تاريخ الصحافة اليمنية مع بافطيم، صاحب اسم بذور البصل والقمح والطماطم والقادم الذي لم يسرق بعد.
> متى بدأت البصل؟
 - أنا ما اعرف.. أنا أعطونا إياه أيام قحطان الشعبي أعطونا مصرا.. عفرته.. يوم عفرته حصلت بصلات ماشي كماها.. وكل ما ساعة جابوا لي صنف عفرته.. بس شفت ماشي كماها.
> أعطوك مصرا وذريته وعفرته وبعدين؟
 - لقطت الزين.. وبعد ما لقطته بقيت ازرعه.. والقيت له مطيرة وحدة.. وخليته وحده.. وأنا ألفه بنفسي.. شفته هوذا البصل الزين..عفرته.. وافصله.. ولي هو زين أعفره.. وكل سنة ألقط الزين.. وتميت على كذا كم سنين.
> متى عطيته أصحاب الأبحاث؟
- اوهوه اوهوه!! ذا كذه من أول.. شلّوه من أول.
> أنت أعطيتهم إياه أم هم جوا شلوه؟
- جوا شلوه.. جوا هم.. ما انا داري من هم.. جوا قالوا بغينا ذري منك. هم أصحاب الأبحاث
> من هم؟
- ما اعرفهم.. من إدارة الزراعة، وذروه في البيطرة.. وعفروه فيها ويوم شافوه زين عفروه وبعدين جربوه.. ويوم شافوه زين عفروه.. واعطوه من ذري من ما لقّاه كماي.
> أنت فرحت يوم سموه بافطيم؟
- لا، لا، ما فرحت.. ولا قلت بغيت شي وشرطت شي.. جوا شلّوا بصل زين فرحت.
> لكنك فرحت يوم سموه بصل بافطيم؟
- كيه فرحت.. كيه فرحت.. جوا قالوا بغينا ذري يا بافطيم، بعد ما اشتهر عند الفلاحين ذري بافطيم.
> القمح اللي لقّاه أبوك الله يرحمه الآن سموه معاده باسمه؟
- إيوه.. لكنه أصناف جم.. أصناف جم.. لكن ذا الهلباء حبوه جم.. جم حبوه، شافوه خفيف.
أنا البصل عفرته كله.. كله البصل أنا عفرته.. بعدين جابوا ذري جم..
ولكن الفلاحين تموا قالوا ما بغينا إلا ذري بافطيم.. يوم شافوه زين ويتناقلون, شوه ذا ذري بافطيم.
> ذلحين ما هم الهيئة اللي سموه بافطيم.. الاَ الفلاحين؟
- أقول لك الفلاحين هم قالوا بغينا ذري بافطيم..
> الهيئة تقول هم سموه من شان يكرمونك؟
- هم سموه؟! هيا هيا؟! الاسم شلوه.. الاسم كذه من عاد الحكومة الاولة.. أيام قحطان.
> الحكومة حتى الأولى قالت هي التي كرمتك بالاسم؟
- الفلاحين كلهم يوم شافوا البصل زين بغوا بصل بافطيم.. وحتى الفلاحين ما شلوه ألا بعد ما جربوه.
> حتى الحكومة الأولى ما هي هي اللي سمته؟
- لا، لا.. الاَ هو باسمي عند الفلاحين كذا.. أنا الذي زرعته.. هم شلوه باسمي، ما شليته.. وما هو أنا ألقيته من ربها ألا لي جابوه من أيام قحطان وذريوه حتى في الخارج أنا تميت محافظ عليه لو ما هو أنا كان ما حد هو ذا البصل في البلد أبدا.. كان كذا ضاع.. لو ما تميت أنا حافظه كان قد ضاع لاشق.
> لو ما حفظته انته كان ماشي بصل؟
- ما بتحصّل كماه خلاص.. أنا اللي حفظته.. جابوه من عندي شلوه.. أنا حفظته.. لو ما كان أنا كان ضاع لاشق.. وجابوا هندي ما يحتفظ حتى شهر ونص.. هذا يتمي هوذا هو.
> لكن بصلك من الهندي؟
- الحكومة جابته أقولك يا ولدي أيام قحطان بعدين أنا حافظت عليه.. وبعدين يا ولدي انته ما تعرف كم قعدت ألقط وأعفر فيه. أنا علمت عيالي كلهم.. علمتهم بعد البصل البطاطس.. علمت عيالي.. واستامن عليهم.
> الرئيس علي عبدالله صالح جاء زارك؟
- يوم جاء وأنا نايم في البقعة ذي لي خمس سنين كذنا.. ما شفته.. أشوفه في التلفزيون جاء إلى المزرعة.
> ولو شفته إيش با تقول له؟
 - أنا أشوف للتربة.. ما أشوف لحد أبدا.. الاسم حقي ما بغيت شي منه.. ولا بغيت شي من حد... الذري حقي وبغيت الذري يبقى على اسمي ذري بافطيم للناس كلهم.
> الرئيس علي عبدالله صالح وجه لك ب5 فدان وحراثة والبئر؟
- يا ريت.. جاء باجمال وجاب جسّامة تشتغل في المزرعة.. والماء في البير خلّص.
> إيش بغيت؟
- بغيت الذري يبقى بصل بافطيم بس.. هو بصل بافطيم يبقى بصل بافطيم.. ولا بغيت شي.. ولا محتاج لشي.. بغيت بصل بافطيم يبقى بصل بافطيم.. اسم بصل بافطيم ما بغيت حد يقول انه لقّاه.. أنا لقيته.. ما حد لقّاه.. أنا اللي تابعته من ذري ومن عفر ومن كل شي.. أنا تعبت فيه ما لقّوا شي لاشق.. لا يكذبوا عليك.. وكلنا با نموت.
 
- بمشاركة الزميل/ حسام عاشور
 
 
***
 
 
بافطيم في الوثائق الرسمية وشهادات التقدير: ليس محض أصل وراثي
في عديد الوثائق تظهر هيئة البحوث والإرشاد الزراعي وفرعها في الوادي الحضرمي، غيورين على الحق الفكري، باعتبارهما الجهة المستنبطة لأصناف البصل الشهيرة إقليمياً وعالمياً باسم بافطيم. وفي مطلع العام وجه رئيس الهيئة مذكرة حازمة إلى وزير التجارة والصناعة، يؤكد فيها أن الهيئة هي المستنبطة الوحيدة لهذه الأصناف، ولا يحق لأي جهة القيام بتسجيل العلامة التجارية إلا بعد موافقة خطية من الهيئة لضمان حقوق الملكية الفكرية.
في الأسبوع الماضي واصلت الهيئة الذود عن ملكيتها الفكرية، وقد اعتبرت تغطية «النداء» المخالفات القانونية التي أقدمت عليها وزارة التجارة والصناعة، والهيئة، وشركة الرضا (التي سجلت العلامة التجارية باسمها)، مجرد شائعات «مفادها أن صنف البصل (بافطيم) هو من ابتكار مزارع بالاسم نفسه، في سيئون بوادي حضرموت».تابعت الهيئة في ردها إنكار أصل الموضوع، إذ أكدت في تواضع جم هذه المرة، أن «لا علم لنا بماهية الدوافع الحقيقية وراء نشر هذه الإشاعة، أو خلف مثل ذلك الإدعاء نيابة عن المزارع، وحشره في موضوعات يبدو لنا أن لا ناقة له بها ولا جمل».
نوبة التواضع (القصيرة على أية حال) استمرت في فقرات تالية من رد الهيئة، فبعدما أبدت غيرتها على بافطيم (المزارع هذه المرة) الذي تم «الزج بإسمه في الموضوع»، أقحمت نفسها في أسلوب تغطية «النداء» للقضية، مستغربة أن «يظهر اسم الصحفي تارة (في مادة)، وتارة يختفي من المادة الصحفية لأسباب غير معلومة».
«النداء» لن تهتم بالرد على ما ورد في رد الهيئة من اتهامات بشأن تغطيتها، ولا ترى موجباً لبيان ما خفي على الهيئة البحثية والإرشادية، من أسباب ودوافع، لأنها غير موجودة أصلاً.
لكن الصحيفة ملزمة مهنياً وإنسانياً بإثبات أن فيض الغيرة (لدى الهيئة) على براءة وطيبة المزارع بافطيم مجرد «هشيم تذروه الرياح في وادي حضرموت».
قالت الهيئة الغيورة إن المزارع بافطيم يتم الزج باسمه، وإنها لم تعلم يوماً أنه أدعى أو يدعي انه من قام بتطوير واستنباط أي صنف من أصناف البصل.
من الآن وصاعداً سيتوجب على الهيئة أن تعلم أن المزارع صالح محفوظ يسلم بافطيم، صاحب مزرعة بافطيم لزراعة البصل، يقاضي منذ مطلع العام الجاري كلاً من وزارة الصناعة والتجارة، ومدير مؤسسة الرضى لإنتاج البذور والخدمات الزراعية، طالباً من المحكمة التجارية بالعاصمة إبطال وشطب العلامة التجارية (بافطيم) المسجلة باسم المدعى عليه الثاني.
إلى الدعوى القضائية، يمكن للإدارة العامة لهيئة البحوث والإرشاد، الإطلاع على أقوال المزارع الطيب بافطيم في هذه الصفحة، وإذا استعصت بعض المفردات العامية على الفهم، فبوسعها الاستعانة بحلفائها في فرع محطة البحوث الزراعية في الوادي.
تعزو الهيئة استنباط وتحسين الصنف المحلي المسمى «بافطيم» إلى باحثيها وعلمائها في المركز (ذمار) والوادي (سيئون)، محولة الفلاح الذي ينبض حياة وجسارة (رغم الشلل الذي يقعده) إلى محض أصل وراثي!
 على أن الوثائق الرسمية تدحض هذا الاستعلاء على بافطيم، ففي شهادة تقدير من مشروع تطوير وادي حضرموت الزراعي، يظهر بافطيم أكبر من كونه «محض أصل وراثي»، وفيها ما نصه:
لقد عمل الأخ صالح محفوظ بافطيم وعلى (مدى) عقدين من الزمن في استنباط صنفين من البذور (القمح المحلي والبصل)، وبهذا الاستنباط فقد قدم إلى الزراعة والمزارعين واليمن بشكل عام عملاً رائداً سيظل حياً على مدى التاريخ».
في شهادة تقدير ثانية من السلطة المحلية بالوادي والصحراء بحضرموت: «تثمن السلطة الجهود الكبيرة التي بذلها الأخ الفلاح صالح محفوظ بافطيم في تحسين زراعة البصل بنوعيه الأحمر والاصفر، والتي أثمرت في التوصل إلى انتاج أصناف بمواصفات ممتازة أطلق عليها «صنف بافطيم»، ونالت الاعتراف محلياً، وسيتم الاعتراف بها عالمياً».
وتقديراً لدور مزارع بافطيم في مجال إنتاج وتسويق البصل، فقد قررت وزارة الصناعة والتجارة في يونيو 2006 منحها جائزة الصناعة لعام 2006.
والشاهد من الوثائق أن بافطيم ليس محض أصل وراثي، أو مزارع أعزل من الخبرة، سُمِّيت أجود أصناف البصل بإسمه بفعل الصدفة أو التعاطف «العلمي والبحثي» من الهيئة، وإنما هو - بشهادة وتقدير الجهات المختصة - مستنبط ومنتج ومسوِّق، ومجتهد أيضاً. وهذه الشهادات جميعها تدحض مزاعم الهيئة الغيورة بأن اصناف بافطيم ليست من ابتكار المزارع، الذي تحمل اسمه.
«النداء» ليست في وارد الخوض على ما جاء في رد الهيئة من تفصيل لجهودها في تحسين أصناف بافطيم. وهي إذ تتفهم حرص إدارة الهيئة (وفرع محطة البحوث الزراعية في سيئون) على إبراز الجهود المبذولة من قبلهما في خدمة الزراعة، لا تملك التسليم بما ذهبتا إليه من نزع أي فضل للمزارع بافطيم. وإلى أن يقول القضاء كلمته الفصل في القضية، فإن من الواجب على الهيئة والشركة اللتين تتنازعان ملكية العلامة التجارية (بافطيم) أن تُعلما القراء عن دوافع وأسباب ولعهما الشديد باسم بافطيم- العلامة التجارية نقصد، لا المزارع المغلوب علي أمره. وهل يمكن عزو الأمر إلى مجرد جينات وراثية تجري في دماء المسؤولين في الهيئة والشركة؟

إقرأ أيضاً