بلغت نصف مليار خلال العام الماضي فقط.. «الموازي» ينهب المليارات ويفسد التعليم
- غمدان اليوسفي
مليونان و280 ألف ريال هي قيمة البكالوريوس في الكليات العلمية نظام "موازي" بجامعة صنعاء.
كثيرون لايعلمون ذلك, لكن هذا هو الواقع في الوقت الحالي، بل إن الأمر مرتفع على ذلك في كلية "الطب البشري ب 500 ألف ريال نظرا لأن الدراسة فيها 6 سنوات بينما البقية 5 سنوات.
من كان يتخيل أن الطالب سيشتري شهادته الجامعية بمبلغ كهذا في حين كان يحلم بتحصيل علم حقيقي في جامعة حكومية مجانية.
ك "قنبلة" موقوتة تمر السنوات، وتتزاحم الملايين في خزائن جامعة صنعاء من نظام التعليم الموازي مخلفة مآس لأسر أرادات فقط أن تواصل تعليم أبنائها في جامعة قيل إنها حكومية.
أكثر من 439 مليون ريال دخلت صناديق 12 كلية في جامعة صنعاء من إجمالي 22 كلية موزعة في العاصمة وغيرها من المناطق والمحافظات وذلك خلال العام الماضي فقط، نصف هذا المبلغ دفعه طلاب 4 كليات علمية هي "الطب البشري"،"طب الأسنان"، "الهندسة"،"كلية الحاسوبـ" بينما لم نتمكن من الحصول على المبالغ المدفوعة في كلية الصيدلة لكن بعض المصادر أشارت إلى أن المبلغ يقدر ب 138 ألف دولار.
وصلت المبالغ التي دفعها الطلاب المسجلون في نظام التعليم الموازي في هذه الأربع الكليات مليوناً و114 ألف دولار, أي 221 مليوناً و835 ألف ريال.
2450 دولاراً رسوم سنوية
يدفع الطالب الذي يرغب بالتسجيل في إحدي الكليات العلمية "الطب البشري"،"طب الأسنان"، "الصيدلة"، "الهندسة"،"كلية الحاسوبـ" نظام موازي -لأن العام محصور جدا- مبلغا قدره 2450 دولاراً كل عام, تخصم منها مائتا دولار بعد السنة الأولى، ويستمر الأمر حتى السنة الخامسة والسادسة في كلية الطب البشري.
يضطر آلاف الطلاب للجوء إلى التعليم الموازي نظرا لمحدودية القبول في اختبارات القبول التي تعد وسيلة من وسائل نهب الأموال بحيث يتم اختيار 150 طالبا من بين 1500 أو 500 من بين 2600 كما حدث في كلية الهندسة.
لايرسب الطلاب في امتحانات القبول, بل إن المقاعد محدودة فيضطرون إلى التعليم الموازي.
بدأ النظام الموازي في 2005-2006 بالسماح بقبول 10%, لكن الأمر لم يتم الإلتزام به وفتح الباب في العام الماضي ليرتفع إلى 25 %, وتم تجاوزه ليصل هذا العام إلى 50% ولم يتبق بعد هذا سوى إعلان جامعة صنعاء جامعة خاصة.
يكشف خطاب من وزير التعليم العالي لرئيس جامعة صنعاء مدى الفضائح التي حدثت في أعداد المسجلين بنظام التعليم الموازي، ولم يكن وراء تلك الفضائح سوى السعي للحصول على أموال على حساب كل القيم العلمية.
للعلم فإن المبالغ التي يدفعها طلاب التعليم الموازي, لاتورد إلى وزارة المالية ولا تدخل ضمن ميزانية الجامعة ولاضمن الحساب الختامي ولا ضمن أي شيء.
818 نسبة تجاوز في العام الماضي
جاء في خطاب وزير التعليم العالي لرئيس الجامعة: "لاحظنا أنكم تجاوزتم الطاقة الاستيعابية بالنسبة للنظام الموازي والنفقة الخاصة والتي حددها المجلس الأعلى للجامعات بنسبة 20-25% من إجمالي الطاقة الاستيعابية بالنظام العام المقدمة من قبلكم في كل تخصص، حيث وجدنا أن نسبة المقبولين بنظام النفقة الخاصة والموازي قد تجاوزت أكثر من 100% من إجمالي الطاقة الاستيعابية بالنظام العام في بعض التخصصات".
أظهر وزير التعليم العالي كثيرا من الحياء في خطابه ولم يقل لرئيس الجامعة إن نسبة التجاوز بلغت في كلية "طب الأسنان" 818% لكن جدولا مصاحبا للخطاب تضمن ذلك، مشيرا إلى أن المسجلين في الكلية بالنظام العام 44 طالبا بينما كان مقررا أن يتم استيعاب 11 طالبا للموازي لكن الكلية سجلت 101, أي أن عدد التجاوز بلغ 90 طالبا برغم أنه لا يتوافر سوى 40 مقعدا للجانب العملي.
جدول وزير التعليم العالي يكشف تلاعباً مرعباً حيث بلغت نسبة التجاوز في كلية الإعلام بلغت 429% حيث تم تخفيض عدد المقبولين في النظام العام من 220 طالبا إلى 105 فقط بينما تم تعويض ذلك العدد وأكثر من نظام الموازي وتم تسجيل 291 طالبا بعد أن كان المقرر 55 طالب.
أما في كلية "الطب البشري" فقد بلغت نسبة التجاوز 378% حيث تم تسجيل 134, بينما كان مقررا من قبل مجلس الجامعات 28 طالبا إضافة إلى التجاوز بطالبين في النظام العام.
لايختلف الأمر في كلية الهندسة فقد تم تسجيل 214 ألف, بينما كانت الطاقة الاستيعابية 138 كما تم التجاوز بعدد 181 طالبا في النظام العام ليصير عدد العام 1108 طلاب.
كما بلغ التجاوز في كلية الآداب 419 طالبا، و247 في كلية الحاسب الآلي، و385 في التربية, و269 في الشريعة, و992 في التجارة, و177 في تربية عمران, و127 في تجارة خمر.
أرقام لاتوحي سوى بالأموال التي انتشلت من جيوب الطلاب، بينما يتدهور الواقع التعليمي في الجامعة بشكل مريع.
من أجل تحسين التعليم وليس الاستثمار
نشأ نظام التعليم الموازي لتحسين الأوضاع التعليمية حيث كانت بعض الكليات تعاني من ازدحام في عدد الطلاب مايؤدي إلى انعكاس ذلك على العملية التعليمية سلبا حيث تم طرح فكرة التعليم الموازي لتحسين أوضاع أساتذة الجامعات وتطوير الجانب العملي.
الأمر سار على غير الطريق المراد له, فلم يتم عمل أي شيء حيال ذلك, ولم يدخل أي شيء إلى كليات جامعة صنعاء من الأشياء المتعلقة بالمعامل أو ماشابه, خصوصا كليات الطب, بينما يعاني أساتذة الجامعة من زحمة الطلاب, حيث لا يدرس طلاب الموازي في ساعات إضافية سوى في السنة الأولى ويتم خلطهم من السنة القادمة ولايسلم للأساتذة أية مبالغ نظير هذا.
كل هذا يثير القهر في أوساط الناس, لكن مايثير الغثيان هو ذلك الحديث لنائب رئيس الجامعة الصباري، حيث يقول إن ال 2450 دولاراً التي يدفعها الطلاب في الكليات العلمية "قليلة" مقارنة بالكليات العلمية في الجامعات الأهلية، لأن مقارنة التعليم العام بالخاص في حد ذاته استفزازا لمشاعر البسطاء من الناس، وثانيا لأننا مازلنا نتحدث عن جامعة صنعاء "الحكومية"، ولأن الموازي ليس سوى لتحسين العملية التعليمية وليس للاستثمار, كما جاء على لسان رئيس الجامعة خالد طميم.
من تصريحات الصباري أيضا أن "التعليم المجاني موجود لمن استطاع أن يتفوق في امتحانات القبول وهناك طاقة استيعابية لمن استطاع أن يصل إلى هذه المرتبة ونجح في امتحان القبولـ".
وكأن الصباري لا يعلم أن آلاف الطلاب متفوقين ونجحوا في امتحان القبول وحصلوا على درجات ممتازة لكن التحجج بالطاقة الاستيعابية حرمهم من ذلك, ومن أموالهم التي دفعت مقابل اختبار القبول، لكن لا بأس فما أسهل الكذب والمغالطات!
في النهاية يبقى الحديث عن هدر تلك الأموال, ومن المستفيد منها, لأنها في النهاية تذهب أدراج الرياح, وإلا فماذا يعني أن يكون في كلية طب الأسنان مقاعد تطبيقية أقل من تلك التي تملكها بعض الكليات الخاصة، أو أن يدرس طلاب كلية الإعلام في مبنى لايصلح للمواشي, أو أن يظل المدرسين لأشهر أمام أبواب الكليات باحثين عن تذاكر سفر للمشاركة في مؤتمرات خارجية؟
بلغت نصف مليار خلال العام الماضي فقط.. «الموازي» ينهب المليارات ويفسد التعليم
2007-08-30