إهمال أمني لاجتماعات القاعدة بمأرب قبل الحادثة بأيام
وسط سيل المواقف المنددة محليا من أحزاب ومنظمات، وخارجيا من دول ومنظمات، لم يعلن حتى فجر ثالث أيام أسوأ تفجير إرهابي –من حيث الخسائر الإنسانية غير المرتبطة بأي نشاط سياسي أو اقتصادي- أي تفاصيل جراء التحقيقات الميدانية، رغم إعلان الرئيس علي عبد الله صالح أن "الأجهزة الأمنية كانت لديها معلومات منذ حوالي 4 أيام قبل الهجوم الإرهابي حول احتمال حدوث حوادث إرهابية وتفجيرات".
صالح الذي أعلن عن عقده مؤتمرا صحفيا خاصا بـ"صحفيين خليجيين" أمس الثلاثاء، قال إن
المرجح أن "يكون (مرتكب الحادث) غير يمني وفقا للمعلومات الأولية التي توفرت للأجهزة الأمنية". لكنه عاد ليقول إن "الأجهزة الأمنية تجري تحرياتها الآن وهم يعملون فحوصات في المعمل الجنائي
خاصة للحمض النووي". معلنا أنه أبلغ "وزارة الداخلية عن إعلان مكافأة 15 مليون ريال لكل من يدل أو يلقي القبض على أي من هؤلاء الإرهابيين المتورطين في هذا العملـ".
وفيما قال عضو مجلس الشورى، عبد الله أحمد المجيديع، في اجتماع للشورى خصص للحادثة، إن مندوب الأمن السياسي في محافظة مأرب أبلغ الجهات الأمنية في اجتماع لها الأربعاء الماضي عن معلومات لديه تثبت اجتماع لتنظيم القاعدة في محافظة مأرب في يوم اجتماع الجهات الأمنية نفسه، للتخطيط لعملية. فقد هاجم مجيديع وأعضاء من كتلة المؤتمر الشعبي إلى جانب المعارضة "الأجهزة الأمنية" في جلسة أخرى لمجلس النواب، "عدم قيام أجهزة الأمن بالاحتياطات اللازمة وأخذ معلومات مندوب الأمن السياسي مأخذ الجد".
وفيما تساءل محمد بن ناجي الشايف عن مليارات الريالات المعتمدة للانتشار الأمني، فإن نبيل الباشا تساءل عن إجراءات الأمن المتخذة إزاء بيانات نشرت وتضمنت تهديد القاعدة. فيما قال النائب الإصلاحي نجيب غانم الدبعي إن معلومات تؤكد أن المسؤولين عن السياحة في مأرب كانوا أثناء الانفجار خارج المحافظة في أعمال عبثية. ونقل صخر الوجيه النقاش إلى المطالبة بزيارة الأمن السياسي والقومي ووزارة الداخلية وتقصي الحقائق بشأن حادثة مأرب وقضايا الانتهاكات التي تطال حصانات النواب وتقديم تقرير يناقشه المجلس لمعرفة مكامن الخلل في الأجهزة الأمنية التي قال إن خوف المواطن زاد بزيادة عددها.
وحسب مصادر "نيوزيمن" فإن توجيهات "عليا" بالتحقيق في "كيفية تعاطي أجهزة الأمن اليمنية مع المعلومات التي تداولتها وسائل الإعلام عن تهديدات تنظيم القاعدة خلال الشهر الأخير". جراء إخفاق "ثلاثة أشهر من النشاط الأمني الذي كانت تديره أعلى القيادات الأمنية وبخاصة في المناطق المشتبه فيها ومنها السواحل اليمنية ومحافظة مأربـ" في "منع عملية التفجير التي أودت بتسعة قتلى من المدنيين إضافة الى انتحاري لم تحدد هويته حتى الآن".
ونسب الموقع لعناصر قالت إنها كانت مجندة لدى أجهزة الأمن "مهمتها مراقبة تحركات الجماعات المرتبطة بالقاعدة" إن "أجهزة الأمن اليمنية ومنذ عام مضى استغنت عن خدمات كثير من المتعاونين". وقال أحدهم إنه يشعر "بالإحباط" جراء التعامل الذي حدث له من قبل مسؤوليه رغم الخدمات التي قدمها لأجهزة الأمن خلال قرابة خمسة أعوام. وقال: "إن مسؤولين كانوا في الأمن السياسي في صنعاء والمحافظات وبعد أن تم نقلهم للعمل مع الأمن القومي تخلوا عن المتعاونين". وقال: "كلما اتصلنا بهم قالوا لنا إنهم حين يحتاجون لنا سيتصلون".
الحادث الذي سببته سيارة (نوع حبة طربال) موديل 82 وان الاعتداء وقع بالطريق الإسفلتي على بعد حوالي 50 مترا تقريبا من معبد بلقيس، وقتل تسعة بينهم سبعة سياح أسبان توج تسلسلا في الأحداث التي كانت مجرد أخبار في الصحف.
ولم يكن الحضور الإعلامي مفصولا عن أولى الحوادث التي استخدم فيها تنظيم القاعدة سيارتين مفخختين فشلتا في تفجير مصفاتي الضبة وصافر في سبتمبر 2006، حيث وفي إحدى جلسات محاكمة خلية عمليات سبتمبر المشار لها كشف دور إسمين لا يزالان طليقين منذ فرا مع فواز الربيعي و20 آخرين من سجن الأمن السياسي في فبراير 2006، هما: قاسم الريمي، وناصر الوحيشي. الأول وحسب اعترافات المتهمين بدا مسؤولا عسكريا حيث كان يدرب المجموعة على استخدامات السلاح. فيما الثاني وكان سكرتيرا شخصيا لأسامة بن لادن وتسلمته اليمن من إيران في 4/2/2003، وصف بأنه "قائد المجموعة"، حيث قال المتهمون إنهم لم يكونوا "يقومون بأي عمل دون الرجوع" إليه، والذي "يبايعهم على الجهاد في سبيل الله ونصرة أسامة بن لادن في السراء والضراء". وعرضت إحدى جلسات المحكمة تسجيلا صوتيا للريمي يؤكد أن القاعدة ستنتقم لـ"أبو علي الحارثي" الذي قتل في صحراء مأرب 2002، وفواز الربيعي الذي قتل العام الماضي. يختمه الريمي بتأكيده: "أبشروا فجوابنا بالفعل آت نحوكم".
تلا الأمر أخبار عن أن فرع القاعدة في اليمن أعلن تنصيب "ناصر الوحيشي" أحد الفارين من سجن الأمن السياسي (فبراير 2006) أميرا له، ثم اعتقال خلية من 6 أشخاص بمحافظتي عدن وتعز ينتمون إلى تنظيم القاعدة على خلفية انفجار في محطتين كهربائيتين بمدينة عدن، بينهم غير يمنيين.
تصاعد الأمر حد إعلان بيان عن "قاعدة الجهاد في اليمن" أشار للمعتقلين الأخيرين قائلا إنهم لم يعتقلوا إلا بسبب "زيارة الرئيس علي عبد الله صالح لأميركا"، اعتبر المطلب الرئيسي للجماعة "إفساح الطريق للجهاد في العراق".
كما تداولت وسائل الإعلام مقتل شقيق قاسم الريمي المشار إليه سابقا، الذي قالت والدته إنهم "طلبوا منه يعمل تفجيرات بين اليمن لكن هو رفض". واتهم باغتياله من قبل أحد أعضاء القاعدة بعد فشلهم إعادة تنظيمه. القتيل وهو فارس الريمي كان شارك في أفغانستان والعراق ثم اعتقل في الأمن السياسي بصنعاء قبل أن يفرج عنه.
غير أن والد قاسم وفارس يقول إن الأول اتصل بعد مقتل الثاني ذاكرا أنه قتل على يد عصابة تعتبر "كل من لم يوافقها مرتداً". وقال الأب إن نجله (قاسم) أنكر قصة التهديدات التي نسبت إليه، وأن مطالبه وبقية زملائه تنحصر في الإفراج عن بقية المسجونين في سجن الأمن السياسي.
غير أن البيان المكتوب الذي تضمن ذات جمل التسجيل الصوتي للريمي قاسم، وهاجم أجهزة الأمن اليمنية بشدة، فقال إن القاعدة اليمنية حققت "في فترة الهدوء من المكاسب ما لم نكن نحلم به"، معددا منها "كسب كثير من العناصر الشبابية"، مذكرا بـ"نوعية الشباب الذين ذهبوا للجهاد في العراق". وفيما دعا البيان للجهاد في العراق.
وبصوت الوحيشي هذه المرة –أيضا- نشرت منتديات تابعة للقاعدة تسجيلا استمر20 دقيقة، قال إنه "عين قائدا للقاعدة في اليمن". مضيفا: "لا للاستسلام للقوات الحكومية، ولا يمكن للجهل والإسلام أن يأتلفا، لقد حاول عدة مستبدين إدخال الجهل إلى الإسلام لكنهم فشلوا جميعهم، "إنهم يريدوننا أن نتخلى عن عقائدنا وأن نترك بعضا من مبادئنا، لكنه في الوقت نفسه الذي يشن الأعداء حربهم الصليبية، فإنهم يُهزمون كما يحدث في أفغانستان على أيدي المجاهدين".
فيما كان تسجيل الريمي تضمن رسالة من القاعدة لمن سماهم "طواغيت العرب والعجم"، "الذين أفسدوا البلاد والعباد وفتحوا البلاد الطيبة الطاهرة للصليب والصهاينة والكفر العالمي ليفسد ويسرق فيها ما شاء متى وكيف شاء، ثم كانوا خير درع لهذا الكفر العالمي على حساب ديننا ودمائنا ومقدساتنا وأعراضنا وأموالنا، فهؤلاء نقول أما عن ديننا فالذي لا إله غيره لن نتنازل عن ديننا. وأما عن دماء إخواننا فإن دماء إخواننا وقود لنا أضاءت لنا الطريق لنكمل المسير، وهي كذلك نار تتأجج في قلوبنا فوالله لن تنطفئ تلك النار حتى نشعلها من تحت أقدامكم بإذن الله عز وجل وهي لكم نار منا في الدنيا ولكم في الآخرة وانتظروا. الرياض ولومبرج وكول والقنصلية وصافر والمحيا والضبة والنخبة. فقد خبرناكم وعرفناكم ونحن في سجونكم أكثر وأكثر مما سمعنا وقرأنا عنكم وقد رأينا الحقد الصهيو/أمريكي في عيونكم وألسنتكم بل في أرواحكم النتنة ورأينا منكم الكفر الفاضح، فابشروا فجوابنا بالفعل آت نحوكم".
بقي أن نشير إلى أن الداخلية اليمنية أعلنت اتهام تنظيم القاعدة، ولم يصدر عن الأخير أي تعليق على كارثة مأرب.
يذكر أن اليمن تمنع السفر للجهاد في العراق، لكن علاقتها بالقاعدة هدأت مؤخرا، وكانت محكمة برأت خلية متهمة بالجهاد في العراق كما أفرجت محكمة يمنية عن المتهم الثاني في التنظيم أبو عاصم الأهدل.
وتشهد اليمن حاليّا إجراءاتٍ أمنيةً مكثفةً، خاصةً حول المصالح الغربية والمواقع السياحية، وأجلت السفارة الأميركية حفلا بيوم الاستقلال كان مقررا له مساء الثلاثاء بسبب الحادث.
وأرسلت الحكومة الأسبانية التي تعد الحكومة الوحيدة التي سحبت قواتها من العراق بعيد انتخاب رئيس الوزراء الحالي، طائرة وثلاث وزراء لنقل جثامين القتلى والمصابين.
وتعد أسبانيا آخر دولة أوروبية افتتحت لها سفارة في صنعاء، وبدأت دعم اليمن بمليوني دولار، ومن المتوقع أن يزور الرئيس علي عبد الله صالح مدريد قبل نهاية العام الحالي.
إهمال أمني لاجتماعات القاعدة بمأرب قبل الحادثة بأيام
2007-07-05