صنعاء 19C امطار خفيفة

نقيب في الشرطة ينحر أحمد إبراهيم أمام ابنه أكرم

2007-05-17
نقيب في الشرطة ينحر أحمد إبراهيم أمام ابنه أكرم
نقيب في الشرطة ينحر أحمد إبراهيم أمام ابنه أكرم
- تعز - أحمد زيد - «النداء» - بشير السيد
أمسى "أكرم" يتناول كميات كبيرة من الشاي والقهوة كلما شعر بالنعاس، بعد أن تحول مشهد قتل والده نحراً أمام عينيه إلى كابوس يقلق منامه كل مساء ويجعله يطلق أصواتاً وصرخات استغاثة يتبعها نحيب قبل أن يغمى عليه.
كانت جريمة بشعة بطلها ضابط برتبة نقيب في الشرطة العسكرية تجرد من إنسانيته. وقدر لـ"أكرم" (7 سنوات) -طالب في الصف الثاني الابتدائي– أن يشاهد الجاني يغرس جنبيته في عنق والده، مجهزاً عليه.
الجريمة حدثت قبل 17 يوماً من الآن في تعز، المدينة التي قصدها سائق البيجوت، المجني عليه أحمد إبراهيم (45 عاماً) لإيصال ركاب حملهم من صنعاء، لكن أغلبهم ترجلوا في محافظة إب. وعندما وصل إلى مسقط رأسه: مدينة القاعدة، حيث يقطن وعائلته، كانت مقاعد سيارته أغلبها خالية، فلم يمانع أن يقل ابنه "أكرم" - الذي كان ينتظره على رصيف الشارع الرئيسي في القاعدة على بعد أمتار من منزلهم- إلى مدينة تعز في رحلة رأى الأب أنها ستفرح ابنه.
عند وصولهم إلى مدينة تعز في الحادية عشرة ظهراً وترجل بقية الركاب. أوقف أحمد إبراهيم سيارته بجوار سيارات زملائه في "شعب الدبة" – مديرية صالة، الحي الذي اعتاد سائقي البيجوت ركن سياراتهم ينتظرون ركاباً على الماشي، وكان أحمد مثلهم وينتظر ركاباً يقصدون القاعدة لآو ما قبلها، فقد كان ينوي تناول وجبة الغداء في منزله. لكنه نقل إلى ثلاجة مستشفى الثورة مضرجاً بالدماء.
وطبقاً لمحاضر التحقيقات وإفادة الطفل "أكرم"، فإن المجني عليه بعث ابنه لشراء ماء وسيجارة من بقالة تبعد عن موقف السيارات 150 متراً تقريباً.
حينها لم يكن الأب يعلم أنه أرسل ابنه للعراك مع الشيطان.
عاد "أكرم" إلى أبيه يحمل في يديه قارورة ماء وسيجارة إضافة إلى سيل من الدموع وخد محمر ارتسمت عليه أصابع تقودك إلى أن صاحبها عنيف ومنزوع الرحمة.
كانت أصابع اليد اليمنى لـ"عبدالرحمن الزبيدي" النقيب المتقاعد من الشرطة العسكرية. صاحب البقالة ويدعى "صالح" أفاد لـ"النداء" أن الزبيدي قام بصفع أكرم في مؤخرة رأسه ثم ابتسم في إشارة إلى أنه يمازحه. بيد أن أكرم لم يقبل المزحة وظل يبكي ثم تلفظ شاتماً الزبيدي، الرجل العنيف، الذي ما لبث أن حول وجه "أكرم" إلى ساحة صب فيها وحشيته وخشونة أصابعه.
هاج الأب عند مشاهدته وجه ابنه وقد تورم وسرعان ما سارع زملاؤه السائقين الواقفة سياراتهم تنتظر ركاباً على الماشي بالإمساك به وإفراغ تشنجه بعد تجريده من "صميلـ" خشبي كان يضعه تحت مقعده في السيارة، وأقنعوه بأن يستوضح أسباب ضرب الزبيدي لابنه. وفعلاً قبل.
وبحسب "صالح" صاحب بقالة البيضاني، فإن الجاني "الزبيدي" قال لوالد أكرم أن ابنه تلفظ عليه وقام بشتمه. حينها –حد صالح- باشر المجني عليه بضرب ابنه أكرم وهو يقول "ابني أنا الذي شاربيه" واتجه صوب سيارته. بيد أنه لم يصل. ووجد نفسه ملقى على الأرض ويتلقى سيلاً من اللكمات من "بشير" (25 عاماً) ابن الزبيدي – لقد سمع أن والده يخوض معركة مع سائقي البيجوت فجاء مسرعاً لإنقاذ والده.
المجني عليه كان ما يزال مستلقياً ويتلقى اللكمات في وجهه وعندما تمكن بعض قاصدي المسجد المجاور لبقالة البيضاني لتأدية صلاة الظهر من إبعاد "بشير" عن أحمد ابراهيم، كان الزبيدي الأب قد لاحظ نشوب معركة وابنه طرفاً فيها، فاندفع رافعاً جنبيته بيده وغرسها في عن أحمد إبراهيم الذي كان مستلقياً، ليلفظ أنفاسه وسط الشارع. عقبها سحب القاتل جنبيته من عنق والد أكرم بمئزره (معوز) مسح الدم العالق على نصلها وغادر مسرح الجريمة وكأن شيئاً لم يكن.
شهود عيان أفادوا لـ"النداء" أن إبن القتيل (أكرم) كان يجلس القرفصاء بجوار والده ويصيح: "اسعفو أبي". وأضافوا أنه قال متوسلاً: "أباه أنا فداك لا تمتش" ويضع راحة يده الصغيرة على مكان الطعنة محاولاً منع خروج الدم المتدفق من عنق والده. لكن دون جدوى.
لقد فارق الحياة ولم تثمر محاولة الأهالي إسعافه إلى مستشفى الثورة.
تقرير الطبيب الشرعي أورد أن أحمد إبراهيم" تلقى طعنة واحدة مميتة بعرض (2سم) وبعمق (8 × 1سم) مزقت الشرايين والعصبـ".
مصدر أمني في قسم شرطة الشماسي بتعز قال لـ"النداء" إن أجهزة الأمن ألقت القبض على الجاني مساء يوم الحادث فيما ابنه ظل هارباً ليومين وتم القبض عليه. وأضاف أن الجاني من أصحاب السوابق، وتم ترحيل ملف القضية إلى النيابة فيما الجاني وابنه محتجزان حالياً في السجن المركزي في المحافظة. المصدر ذاته توقع أن تعقد أول جلسة لمحاكمتهما مطلع الشهر القادم.
ووصف الابن الأكبر للمجني عليه نوفل (27 عاماً) حادثة مقتل والده بأنها جريمة كبيرة: "كيف قدر يقتل أبي وأخي أكرم جنبه؟!".
"أكرم" عاد إلى المنزل –في القاعدة- بدون والده ومنذ الحادثة وهو يعاني من اكتئاب شديد أعاقه عن الذهاب إلى المدرسة. وجسده الذي ينزف حتى الآن من جروح "مياسم" الفجيعة ما يزال مصفراً، برغم محاولات عدة لمعالجته.
قد يريحه خبر إعدام قاتل والده، في حال تطبيق العدالة وقد يعود مجدداً إلى المدرسة، ولكن من غير المرجح أن يتمكن من محو مشهد نحر والده أمام عينيه حتى مع تقادم السنين.

إقرأ أيضاً