استمرار الجدل حول قانون ضريبة المبيعات: فريق استشاري من واشنطن يتوسط بين الحكومة والقطاع الخاص
- احمد الزكري
الدفاع يسعى لإقناع المحكمة بأن المتهم الماثل أمامها ملاك طاهر ،في حين يعتبره الإدعاء شيطانا أحدث خللا في حياة البشرية يستوجب معه أقصى العقوبات ،ويبقى القول الفصل للقاضي بناء على طرح الأكثر قدرة على كسبه إلى صفه من الطرفين بالقانون.
لكن القانون (قانون ضريبة المبيعات) هو المتهم هذه المرة ،في حين يمثل الطرفان الآخران -في ظل غياب القاضي- القطاع الخاص والحكومة المؤمل منهما تجذير الشراكة بينهما للسيرنحو مستقبل أفضل.
أربع سنوات من الجدل حول القانون لم تنته بعد إلى قول فصل فالمحكمة العليا رفضت الطلب المستعجل الذي تقدم به محامي الغرف التجارية بوقف تنفيذ القانون, وقررت منح محامي الحكومة شهرين للرد على الدعوى المرفوعة من الغرف التجارية.
وكل اتفاق يبدو بين الطرفين ينتهي إلى خلاف آخر، ومع ذلك نفى مدير عام اتحاد الغرف التجارية محمد الميتمي وجود خلاف ، قائلا هو اختلاف في وجهات النظر. ومبديا في الوقت نفسه تفاؤله بالوصول خلال الأيام القليلة القادمة إلى رأي يزيل التعدد في وجهات النظر.
وفي تصريح خاص لـ«النداء» أوضح الميتمي أن فريقا استشاريا قدم من واشنطن بطلب من وزارة المالية لدراسة القانون سيقدم بعد عشرة أيام -إثر التقائه مصلحة الضرائب والقطاع الخاص- مقترحات "ليست بالضرورة أن تكون ملزمة لكنها قد تؤدي إلى نتائج إيجابية".
وجود ما أسماه الميتمي توجها سياسيا علي مستوى عال بتحسين مناخ الاستثمار يؤكد لديه التفاؤل بالوصول إلى حل إيجابي.
تكليف الفريق الاستشاري بالنظر في القانون وتفاؤل الميتمي جاء إثر إعلان وزير المالية الدكتور سيف العسلي تنفيذ القانون الذي اعتبره من أعدل وأكفأ وأبسط أنواع الضرائب، داعيا الغرف التجارية إلى التخلي عن مقاومة تطبيقه، والتقدم بمطالب مقبولة ومعقولة ومفيدة ،مشيرا إلى أن الضريبة لن تطبق على كل التجار، ولكن على المستوردين وكبار التجار والمنتجين فقط.
وردا على اتهامات حكومية للقطاع الخاص برفض القانون للتهرب من الضرائب يؤكد الميتمي أن القطاع الخاص لا يرفض الضريبة، لكن القضية لديه تكمن في كيفية شمول الضريبة للجميع وفي آلية تحصيل الضريبة التي وصفها بغير الفعالة،مشيرا إلى أن اليمن حسب آخر تقرير للبنك الدولي، من البلدان التي فيها الضرائب مرتفعة "والتهرب من الضرائب يزداد كلما ارتفعت الضريبة".
ويتخوف القطاع الخاص من نصوص في القانون تسمح بانتهاك الحرية الشخصية للمكلفين بدفع الضريبة عبر التنصت على هواتفهم، ومنعهم من السفر, والسماح بمصادرة أموال المكلفين. ويخشون أن تلحق بهم أضرارا بليغة على أيدي رجال الضرائب الذين يعطيهم القانون صفة الضبط القضائي.
في المقابل يؤكد وزير المالية أن تطبيق هذا القانون لن يعرض المكلفين للمنع من السفر وللتفتيش المفاجئ غير المنضبط، بل يمكٍّن المكلفين من التقدم بالإقرار الذاتي.
وقال: "لن يتم إجبار المكلفين على دفع الضريبة مرتين، ولكنها ستكون ملزمة بدفع فارق أي ضريبة", مؤكداً أن تطبيق أي ضريبة مبيعات لن يؤثر على ضريبة الدخل ولكن سيتم الحصول عليها نتيجة لتحصيل ضريبة المبيعات وستكون سرية ولن تستخدم في تحصيل أي ضريبة أخرى.
وأبدى استعداده لبحث أي آلية مشتركة لحل أي إشكاليات قد تنشأ من جرَّاء تطبيق القانون لمنع حدوث أي استغلال له يؤدي إلى حدوث أي ابتزاز للمكلفين " وإذا ما ثبت من وقوع أي ضرر فادح على المكلفين فسيسعى من خلال الحكومة لتحديد التعديلات المناسبة وإقرارها من خلال القنوات الدستورية والقانونية".
لكن تعديل القانون ليس حلا حسب الميتمي لأن القطاع الخاص لا يطرح تعديلا للقانون بقدر ما يبحث عن أدوات تحصيل صحيحة وفعالة.
ويضيف: في الوقت الراهن الذي يعاني فيه الاقتصاد اليمني من مشاكل يتطلب الأمر التركيز على الوظيفية الاقتصادية للضريبة وليس على وظيفتها المالية فذلك الذي يؤدي إلى معالجة مشكلتي الفقر والبطالة.
وزير المالية أكد أن المستفيد الأكبر من تطبيق القانون هو القطاع الخاص ويرى القطاع الخاص أن تطبيق القانون بصورته الحالية سيشكل المسمار الأخير في نعش الاقتصاد الوطني، الذي وصفوه في رسالة سابقة إلى مجلس النواب، بالمتردي من خلال ارتفاع سعر الدولار وهروب المستثمرين.
وأكد رئيس الغرفة التجارية محفوظ شماخ في مؤتمر صحافي أن تطبيق القانون وفق الآلية المجحفة سيؤدي إلى المزيد من النفقات التي ستضاف فوق سعر السلعة". مايعني أن تطبيق القانون سيؤدي إلى ارتفاعات جديدة في الأسعار مهما ادعت الحكومة غير ذلك.
وفي حين أكد العسلي أن القانون لا يعدل إلا بقانون، اعترف رئيس مجلس الوزراء عبد القادر باجمال أمام مجلس النواب في جلسته المنعقدة في الرابع عشر من سبتمبر 2005 برفع ضريبة المبيعات إلى (8%) بدلاً من (5%) المحددة في القانون ، مبررا ذلك بما أسماه مواجهة الحكومة إشكالية في تحصيل الضريبة المجزأة.
النواب بدورهم اعتبروا ذلك مخالفة قانونية أحالوها إلى اللجنة المختصة مع مخالفات أخرى لم يبد شيئ بشأنها.
التعديلات التي أقرها مجلس النواب في يوليو الماضي ورفضتها حينها كتل المعارضة تضمنت إعفاء القمح والأرز والأدوية من الضريبة ووضع حليب الأطفال في خانة "الصفر" في جدول الضريبة الذي يعني، حسب نواب، إمكانية فرض الضريبة عليه في وقت آخر وكذا الإبقاء على الإعفاءات التي تضمنها قانون الاستثمار,إلى جانب عدم تحصيل الضريبة على مدخلات الإنتاج في المنافذ الجمركية على المصانع المسجلة رسميا وتحصيلها بعد استخدام تلك المواد في التصنيع وخفض ضريبة القات من 30% حسب مشروع الحكومة إلى 20% وخفض ضريبة بقية السلع والخدمات الأخرى من 10% إلى 5% باستثناء السجائر والذخائر والمفرقعات التي فرضت عليها ضريبة بنسبة 90% وخدمة الهاتف السيار والهاتف الدولي بنسبة 10%.
وفي المقابل ألغيت كافة الإعفاءات للأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة والمختلفة والتعاونية ووحدات السلطة المحلية والجيش والأمن مع استثناء الإعفاءات التي تلتزم بها اليمن بموجب اتفاقيات دولية.
المحصلة النهائية أن مؤتمر الاستثمار المنتظر عقده في أبريل القادم يحتاج، حسب الميتمي، إلى تحسين البيئة الاستثمارية وتأمين حوافز مغرية لجذب المستثمرين "وهناك فرص للحلـ".
استمرار الجدل حول قانون ضريبة المبيعات: فريق استشاري من واشنطن يتوسط بين الحكومة والقطاع الخاص
2007-01-24