إنتشار أسواق القات يضاعف المشاكل البيئية
> تقرير: ابراهيم البعداني:
مبتدأ
أسواق القات وانتشارها في الشوارع العامة والخطوط الطويلة، تعد إحدى ظواهر الفوضى التي تعيشها محافظة إب وبقية محافظات الجمهورية كانعكاس طبيعي للفساد العام الذي تعيشه البلاد.
ولا توجد قوانين لتنظيم الاسواق، وتحديد الأماكن والمساحات المناسبة لها، بما في ذلك اسواق بيع القات، وإن وجدت لا تفعّل ولا يترتب على مخالفاتها أي عقوبات، كما أن غياب دور السلطات المحلية وما يناط بها من مهام حضرية لتنظيم المدن واظهارها بالمظهر اللائق، وخاصة فيما يتعلق بتمثل هذه الاسواق وورش السيارات والحدادة،النجارة والمطاعم.. الخ، التي تكتظ بها عواصم المدن، فشوهت جمال هذه المدن وافقدتها ابسط مقومات السياحة والهدوء.
الإقبال المتزايد على القات من قبل المواطنين، وزيادة الإقبال على الاسواق القريبة، وخاصة تلك التي تصل إليها وسائل المواصلات بسهولة ويسر، ودون أن يبذل المشتري اي عناء، كالانتقال من محطة إلى أخرى، كذلك هروب الباعة من الضرائب وما يرافقها من ابتزاز من قبل العاملين عليها، وارتباط حركة البيع والشراء طردياً مع اسواق القات، وخاصة الخضروات والفواكهة، والاقبال على المطاعم والبوفيات، ومحلات التجزئة التي تزيد بشكل ملحوظ في مثل هذه الاسواق. أضف إلى ذلك الاساليب اللاقانونية في جباية ضرائب القات في هذه الاسواق المعتمدة على الافراد الذين ينتمون إلى بيت الطاعة بالمقاولة، وما يترتب عليها من ابتزازات ومشاكل.. فغدت اسواق القات مصادر ارتزاق للكثير من هذه النوعيات من المقاولين ومن وراءهم في الجهات ذات العلاقة.
إن ظهور مثل هكذا ظاهرة يترتب عليه مشاكل كثيرة ومتعبة، لعل من أبرزها اظهار المدن الرئيسة بمظاهر غير حضارية، وما يترتب على ذلك من إزعاج وتقليص للحركة السياحية لهذه المدن، كما يلاحظ وجود الضوضاء والازعاج للسكان المجاورين لهذه الاسواق، وإعاقة حركة السيارات، وعرقلة سير المارة، وكثرة الحوادث المرورية، وتعرض السكان والمارة لنتائج هذه الحوادث، وخاصة الاطفال، ناهيك عن تلوث البيئة، وما يترتب عليها من أمراض وزيادة عدد المتعاطين للقات من الجنسين وفي مختلف الأعمار لقرب الاسواق التي جعلت القات في متناول الجميع.
وإذا ما تحدثنا عن الاسباب التي أدت إلى زيادة العاملين في مجال بيع القات، خاصة في السنوات الاخيرة الماضية، فإن هناك اسباباً متعددة ومتشعبة، لعل من أبرزها زيادة الطلب على شجرة القات (تعاطياً وزراعة) وخاصة بعد إعادة تحقيق الوحدة اليمنية، وقلة فرص العمل في المجالات الأخرى، وارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب، أضف إلى ذلك الارباح المجزية والسريعة التي يحققها باعة القات.
ولعل غياب دور الدولة للحد من إنتشار شجرة القات وتعاطيها، من أهم الأسباب التي دفعت إلى زيادة العاملين في مجال بيع وزراعة القات.
وانتشار اسواق داخل المدن وضواحيها إنعكاس لتدني الوعي الجماعي المجتمعي. وشكلت عودة المغتربين من دول الخليج عاملاً رئيساً في مسألة انتشار اسواق بيع القات وعدد العاملين في مجال القات.
مؤخراً تم استحداث سوق بيع القات في اسوأ منطقة بيئية بمدينة إب، حيث تم وضعه في منطقة الواسطة، جوار محطة معالجة مياه الصرف الصحي، هذه المنطقة يفر منها الاهالي ويتوجهون للعيش في المدينة، بسبب الرائحة المنبعثة من محطة المعالجة التي تصدر رائحة النشادر وثاني اكسيد الكربون بصورة مقززة ومقرفة جداً. وعلى مدار ال24 ساعة، دون ان تقوم الجهات المختصة ممثلة بمؤسسة المياه والصرف الصحي بإتخاذ اي اجراء لمنع انبعاث هذه الرائحة التي يصل مداها اثناء هبوب الرياح إلى اطراف ووسط المدينة، الامر الذي يصعب على السكان فتح نوافذ منازلهم لاستنشاق الهواء الذي اختلط بهذه الرائحة. وهذه المنطقة التي تحولت إلى سوق كبيرة لبيع القات يفد إليها مئات المواطنين لشراء القات ما تسبب في حدوث ازمة سير بسب قطع الطريق لساعات طويلة، وتحويله إلى رصيف لسيارات بائعي القات.. هذا كله يحدث تحت مرأى ومسمع ادارة المرور والسلطة المحلية التي كانت قبل استحداث هذا السوق قد أعلنت عن نيتها منع انتشار أسواق بيع القات في شوارع المدينة وخطوط المحافظة، إلا أن هذا القرار كان عكسياً حيث ازداد عدد اسواق بيع القات في عموم المحافظة بشكل ملحوظ.
وزيادة العاملين في مجال بيع القات ايضاً شكل بعض الآثار السلبية التي لا تخدم الاقتصاد والوطن، فكلما زاد العاملون في بيع القات أزداد عدد المتعاطين له، وبالتالي يزيد العرض، وهذا يعني زيادة عدد الاسواق. وزيادة الطلب على القات، يترتب عليها زيادة زراعته، كما ان التوسع في زراعة القات يترتب عليه مشاكل عديدة لعل من أبرزها واهمها:
- توسع القات على حساب بقية انواع المحاصيل الزراعية (حبوب، خضروات، فواكهه، بن... الخ).
- استنزاف المياه الجوفية لري القات وتفاقم أزمة المياه داخل المدن والمديريات.
- زيادة استخدام المبيدات والمواد الكيماوية التي يتطلبها القات لتحسين النوعية، والحصاد السريع، وما يترتب على ذلك من امراض خطيرة ومستعصية يصاب بها المتعاطون بدرجة اساسية، والعاملون في زراعة القات أيضاً، ناهيكم عما تسببه من اضرار وخسائر في البيئة والتربة.
<<<
القات ظاهرة يمنية ضاربة في جذور التاريخ وليست وليدة اليوم، وبالتالي التعاطي الجاد مع هذه الظاهرة يحتاج إلى دراسة وبحث عميقين إذا ما وجدت النوايا الطيبة والمخلصة للحد من زراعة القات ومن عدد المتعاطين له، والآثار الصحية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية المترتبة عليه.
وفي كل الاحوال تتحمل الدولة، ممثلة بسلطاتها المحلية، المسؤولية المباشرة للحد من اسواق القات، وخاصة داخل المدن «عواصم المحافظات»، باعتبارها المعنية بإيجاد بدائل وتنظيم الاسواق عموماً والقات على وجه الخصوص، بحيث يراعى فيها الحفاظ على البيئة وجمال المدن ودرء المشاكل التي تسببها هذه الاسواق «مرورية، صحية، بيئية وسياحية).. كما تتحمل منظمات المجتمع المدني (أحزاباً، منظمات، نقابات، اتحادات).. مسؤوليتها في تنظيم حملات الوعي ورفع مستواه لدى المجتمع، لتبيان الاضرار والمخاطر المترتبة على هذه الشجرة الخبيثة، اقتصادياً، اجتماعياً وصحياً.. على مستوى الفرد والجماعة من خلال الوسائل المتاحة امام هذه المنظمات.
وحتى تقوم السلطة والمجتمع ومنظماته وهيئاته المختلفة بالدور المنوط بها للحد من شجرة القات واسواقها والعاملين والمتعاطين له؛ لابد من توافر الارضية المناسبة لترجمة هذه الامنيات إلى واقع عملي.. وهذا لن يتأتى من الواقع الراهن، بإعتبار هذا الواقع منتجاً لكل هذه المشاكل، سواء مشاكل القات واضراره أم مشاكل الحياة اليمنية بمختلف جوانبها التي تقتضي إصلاحاً ينطلق من الإصلاح السياسي عبر آلية وطنية مشهود لها بالكفاءة والاقتدار، وتمثل مختلف فعاليات المجتمع السياسية والاجتماعية، والثقافية والدينية، وبحيث يستهدف الاصلاح الشامل لليمن (أرضاً وانساناً) وبكل مظاهر الاختلالات واقتلاع الاسباب والعوامل الفردية والمنتجة لهذه الاختلالات بعيداً عن سياسات المسكنات والترقيع القائمة.
بعض اسواق بيع القات في شوارع وخطوط محافظة إب التي استحدثت بعلم ادارة المرور والسلطة المحلية:
خط إب قعطبة: وفيه تم استحداث اسواق على امتداد:
- منطقة قاع الجامع، نجد الجماعي،المشراق، الواسطة، سوق الثلوث، مفرقم ميتم.
وفي مدينة إب تم استحداث ثلاثة اسواق في شارع تعز رغم أن هذا الشارع يربط أغلب شوارع المحافظة الامر الذي يتسبب بحدوث ازمة في المواصلات وحوادث مرورية، إضافة إلى اسواق في شارع العدين وشارع المحافظة.
- سوق وسط شارع يريم، اسواق متعددة في طريق الدليل سمارة، مفرق حبيش
- مدينة القاعدة أربعة اسواق في الشارع العام.
- سوق وسط الشارع في منطقة النجد الاحمر.
إنتشار أسواق القات يضاعف المشاكل البيئية
2006-04-26