أليس الخير ما شهدت به الاعداء.. لو كانوا صادقين؟ - عبدالله سلام الحكيمي
مابال هؤلاء القوم لايكادون يفقهون حديثا؟! يصمُّون آذاننا ويملأون الارجاء زعيقا بأن (س) من المرشحين هو مرشح الشعب، كل الشعب، الذي يريده ويفضل الموت فداءً له وأنه لايوجد من بين الشعب اليمني العريق ذي الحضارة العظيمة من هو افضل منه في قيادة الشعب!
والحقيقة انني شخصيا احترت في فهم هؤلاء الزاعقين هراءً في كل لحظة وحين.. إذ لا نكاد نجد في كتب تاريخ البشرية كلها من قال بقولهم هذا، إما فلان وإما القيامة! ذلك ان البشرية كانت ولاتزال تدرك أن قولا كهذا استخفاف مابعده استخفاف بقدرة الشعوب وارادتها، بل يعد ذلك إلغاء للعقل الانساني الفردي والجمعي، ويصبح الامر اكثر مأساوية إذا كان هذا الذي لانظير له (س) من المرشحين والذي لاتصلح الدنيا إلا به هو من أدار البلاد على مدى عقود من الزمن واوصلها الى ماوصلت اليه من حال لا يسر صديقا ولا يغيظ عدوا، هنا نصبح نعيش مرحلة مروعة حقا سمتها تغييب العقل تغييبا كليا.
ولكن ومع ذلك وبمجادلة بسيطة مع اصحاب مثل ذلك المنطق المعوج نقول: هب أن (س) هذا من المرشحين المحتملين طبعا حتى الآن يريده الشعب كله رئيسا وقائدا،إذاً لماذا هذه الاستماتة وهذا التشبث الرهيب في التحكم بالادارة الانتخابية والاصرار العجيب على جعلها في معظمها ادارة امنية ملحقة بالمرشح (س) هذا وهو الذي يمسك بزمام الامور في البلاد حالياً؟ إذ لو كان مايقولونه صحيحا - وهو غير صحيح بالتأكيد - فإن من صميم مصلحة هذا المرشح ان يكون شهوده على ان الشعب قد اختاره بمحض ارادته هم من مناوئيه او قل اعدائه، إذ ليس بعد شهادة الاعداء شهادة، ولكان من صالحه تماما ان تكون الادارة الانتخابية مكونة من اعدائه او مناوئيه لا بل دعنا نقول اهون من ذلك ان يكونوا محايدين حتى تكون شهادتهم معتبرة وصحيحة لاشك فيها ولا مراء!
على ان تشبث القوم واستماتتهم في السيطرة على الادارة الانتخابية وبالتالي التحكم عبرها بنتائج العملية الانتخابية تلاعبا وتزويرا إنما يبرهن بما لايدع مجالا للشك على أن كل مايقوله الزاعقون كذب وهراء، إذ اثبتت التجربة الماضية، كما يعلم القاصي والداني، ان الانتخابات كانت تتعرض لتزوير فاحش وتلاعب مريع في نتائجها بما يفضي الى اعلان نجاح من لم ينجح واسقاط من نجح.. معلوم كيف تجري عملية استبدال صناديق بكاملها بصناديق محشوة سلفا، معلوم كيف يجبر موظفون عموميون على وضع بطاقات انتخابية يجري ملؤها سلفا في الصناديق الانتخابية واعادة البطاقة الانتخابية الفارغة او البيضاء بتعبير اخر للتأكد من ذهاب البطاقة المزورة وإلا تعرض الموظف العمومي لاجراءات تعسفية غير قانونية ليس اقلها عقوبات مالية من راتبه ناهيك عن النقل والمضايقة وعدم الترقية...الخ، معلوم كيف يتم ترهيب المواطنين البسطاء في الارياف بعواقب وخيمة كإيقاف الخدمات والحبس والاضطهاد اذا هم لم يصوتوا لصالح المرشح الحاكم... وغيرها من الاساليب وهي كثيرة لتزوير ارادة الناخبين.
ولو كنت مرشحا وانا مازلت حاكما لعملت، وفق اجراءات دستورية متعارف عليها، لأجعل من الادارة الانتخابية برمتها، إن لم تكن معادية فعلى الاقل محايدة، ما دمت كما ينشر و يبث في الارجاء بأني معبود الشعب ومحبوبه الذي يريد ان يفنى عن بكرة ابيه لأبقى انا في الوجود، إذ حينها ماذا بوسع هذه الادارة الانتخابية ان تفعل سوى ترجمة الارادة الشعبية كما هي دون تزوير او تلاعب او تحريف ولكان الكل قد شهد لي شهادة لايتطرق اليها ادنى شك بأن نجاحي تم وفقا لارادة شعبية حرة.
لكن الحق هو ان كل هذا الكلام الذي يملأ حياتنا طولا وعرضا لامعنى له في الواقع بل هو يتحدث عن عكس ماهو في الواقع في حقيقة الامر مما يعرفه هؤلاء يقينا ولهذا فإنهم يحرصون حتى الموت على ان تكون الادارة الانتخابية في معظمها مضمونة ومسيرة تماما لتفعل وتعلن ما تؤمر وتعلن نتائج الانتخابات بشكل يمثل نقيضا كليا لحقيقة الارادة الشعبية الحرة.
وبما ان الدولة بكل مؤسساتها ومرافقها واجهزتها وقدراتها وسلطاتها واموالها تحت تصرف الحاكم، إن كان مرشحا لمرة اخرى، فبديهي ان يطالب الناس بإدارة انتخابية نزيهة تكفل اجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة حتى لايكون التنافس بين مرشح الدولة بكل جبروتها ومرشح فرد لايملك من ادوات التأثير شيئا وذلك لضمان تكافؤ الفرص والتنافس الشريف المتكافئ، ومن هنا كانت مطالبتنا بأن تجرى الانتخابات هذه المرة تحت اشراف وادارة المنظمة الدولية اقصد الامم المتحدة التي نحن عضو مؤسس لها، وفي ظل حكومة محايدة تقتصر مهمتها على تسهيل العملية الانتخابية بعد استقالة مسؤولي الحزب الحاكم وخاصة منهم من سيرشح نفسه للانتخابات مسبقا وإلا فلا معنى لهذه الانتخابات بل ولا لزوم لها ولن يكون لها من جدوى سوى ارهاق خزانة الدولة التي هي اموال الشعب بأعباء هائلة لمجرد لعبة سخيفة.
وليكن معلوما أن اجراء الانتخابات بالطريقة والاسلوب التي يريدون اجراءها وفقها سوف لن تفضي الا الى تفجر الوضع الداخلي وضرب عرى ووشائج الوحدة الوطنية بل ربما ادت الى حرب اهلية حقيقية.. وليس هناك عاقل لديه ادنى شعور بالمسؤولية واحترام الذات يمكنه ان يشارك في لعبة ذاك شأنها ويدخل انتخابات مزورة سلفا لأنه إن فعل ذلك فهو بالتأكيد شريك فاعل في الجريمة النكراء.
ومالم يتم الوفاق الوطني الكامل على ترتيبات اجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة فإن ماطرحه الشيخ الوطني الواعي حميد الاحمر يصبح تحصيل حاصل؛ فإن دعوته -اذا ما أصر القوم واستكبروا وقرروا اجراء انتخابات مزورة- إلى حركة عصيان مدني شامل يعتبر حقا مشروعا من الناحية الدستورية والقانونية لأنه عمل يندرج ضمن الحقوق المدنية والسياسية والديمقراطية للشعوب إذ ليس فيها ما يدعو الى عنف او ارهاب على الاطلاق. حينها سيكون الشعب بأحزابه الوطنية وقواه الاجتماعية وشخصياته العامة ملتفا بشكل حتمي ويقيني مع دعوة الشيخ الاحمر لتصبح حينها دعوة شعبية عامة وإن كان رائدها الاول هو الشيخ حميد الاحمر.
وعلى الذين يمسكون بزمام الامور في بلادنا ان يتحلوا بأعلى قدر من الشعور بالمسؤولية الوطنية ويجنبوا البلد الانزلاق الى هاوية سحيقة بإصرارهم وتماديهم في سياستهم الرعناء وفي اساليبهم اللاديمقراطية، ولن يكون مطلوبا منهم اكثر من ترك الشعب يختار بإرادته الحرة دون تزوير او تلاعب او قمع. ولا اعتقد ان مثل هذا الطلب مستحيلا او تعجيزيا بل هو اسهل طلب على الاطلاق للحفاظ على الوطن والشعب بل وحتى الحفاظ عليهم انفسهم إن كانوا يعقلون.. فهل نستطيع ان نُسمع الموتى النداء؟! نأمل ذلك
أليس الخير ما شهدت به الاعداء.. لو كانوا صادقين؟
2006-06-07