"إنَّ الشرك لظلم عظيم" (الآية).
شعرت بألمٍ ممض وحزن شديد، وأنا أقرأ الحكم الصادر بحق الدكتور عبدالله مقبل معمر الحكيمي. فأنا واحد من أبناء جامعة صنعاء، وتلميذ لأساتذتها الأجلاء مثل المئات والآلاف من أبناء اليمن وأشقائهم من البلدان العربية.
مَا تَعرَّضَ له الدكتور، حسب مقتضيات الحكم الصادر من المحكمة الإدارية بأمانة العاصمة، معيب في حق الجامعة كمركز لصنع العقول، وقلعة من قلاع المعرفة والعلم، ومصنع للإصلاح والتقدم وبناء اليمن الجديد؛ يمن العدالة والحرية والديمقراطية.
ومعيب أيضًا بحسب منطوق الحكم في حق القائمين عليها وإدارييها وهيئة تدريسها.
أظن -وبعض الظنِّ ليس بإثم- أنَّ الحاكم وهيئة المحكمة أو بعضًا منهم مِمِّن أصدروا الحكم هم من أبناء الجامعة؛ قلعة بناء الإنسان والتمدن والتحضر. والحكم العادل والمنصف الصادر تحية عظيمة لجامعتهم ورد لاعتبارها وإنصاف لها.
يسبب الحكم القرار "عند الاطلاع على ملف القضية الإدارية رقم 118 لسنة 1445، وما اشتمل عليه بين المدعي: عبدالله مقبل معمر الحكيمي، والمدعى عليها: جامعة صنعاء؛ بشأن مطالبة المدعي بإلغاء القرار الإداري السلبي الصادر عن المدعى عليها، والمتمثل في منعه من تدريس مقررات تخصصه في القسم بالمخالفة للقانون، وعدم توافر شروط صحته؛ كونه صادرًا عن عميد الكلية؛ وهو غير مختص بذلك؛ مِمَّا يعني أنَّ ذلك القرار معيب بعيب عدم اختصاص، وكذا عيب الشكل والإجراء؛ لعدم اتباع ما نصت عليه المادتان رقم 86، و87 من اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات؛ إضافةً إلى عيب السبب والغاية من حيث انعدام السبب الشرعي والقانون لذلك القرار، وكذلك الغاية والقصد من إصداره؛ مؤكدًا صدور القرار من المجلس العلمي، وليس من عميد الكلية، ويجزم بإلغاء القرار بعد التسبيب بشأن توقيف ومنع المدعي من تدريس مقررات تخصصه، وإلزام المدعى عليها الجامعة بدفع مخاسير التقاضي.
وإذ كانت طبيعة هذا التنازع في حق الجامعة (عقل المجتمع)، ومركز صنع قرار الإصلاح المجتمعي والفكري والسياسي؛ فإنَّ العيب الأكبر هو رفض تنفيذ الأحكام الشرعية؛ وهي بيئتها الصالحة وموئل إصدارها، وتربة زراعتها في القلوب والعقول والواقع.
تلزم القبيلة كل أفرادها بتنفيذ الأعراف والقرارات والقوانين، وقوانين السبعين منذ مئات السنين محل توقير والتزام القبيلة.
"فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك في ما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا مِمَّا قضيت ويسلموا تسليما". وعموم الآية يعم الأمة كلها.
فهل ينزل القبيلي على العرف القبلي، وينصاع لأحكام علي ولد زايد، وترفض الجامعة المعبرة عن روح النظام والقانون والعصر والالتزام بالشريعة الإسلامية الغراء، النزول على أحكام قضائية هي لبنة من لبنات بنائها وصرحها المجيد.