أ. تجاوز قيم المهنة
يصدر أحيانًا تعاطيات إعلامية غير مناسبة من إعلاميي بعض الدول تتعلق بشؤون دول أخرى، وبما لا يعنيهم، مما يعكر صفو العلاقات بين بلدانهم وتلك الدول.
الجدير بالذكر أن البروتوكولات، واتفاقية فيينا للعمل الدبلوماسي، لا تتفق مع تلك الطروحات الإعلامية المنافية لقواعد السلك الدبلوماسي.
حقيقة الأمر، أنه لا يمكن لأية دولة مهما عظم شأنها، أن تتصرف كعصابة تتجاوز حقوق دول أخرى معتمدة لديها، بل من المستحيل حدوث ما يطلقه النفر من الإعلاميين من إشاعات مجافية للواقع، تؤدي إلى نتائج سلبية في مجال العلاقات الثنائية بين الدول.
مع العلم أن هذا الأمر يعتبر شأنًا دبلوماسيًا بحتًا، ويعالج في حال فرضية حدوثه عبر القنوات الدبلوماسية.
للأسف الشديد، إن إقامة الولائم الإعلامية غير المسؤولة لا تجدي نفعًا بقدر ما تشوه سمعة بلدانهم في المحافل الدولية.
وفي نفس السياق، يجب أن يدرك الجميع أيضًا، أنه عندما يغادر سفير دولة الاعتماد نهائيًا، عليه أن يودع رسميًا ويسلم العمل لنائبه، وفي حال سافر باجازة وتقرر بقاؤه في بلاده، فأمامه خياران؛ إما أن يعود للتوديع، وهو الأفضل، وإما كتابة مذكرة رسمية من وزارة خارجية بلاده إلى نائب رئيس البعثة، يسلمها بدوره إلى وزارة خارجية بلد الاعتماد، بأنه تعذر مجيئه لأسباب حالت دون عودته.
ويقتضي من ناحية بروتوكولية، معالجة هذا القصور، إرسال مذكرة توديع السفير السابق مع السفير المعين، لتسليمها قبل أو أثناء تقديم أوراق اعتماده، حسب القواعد البروتوكولية المتبعة.
من ناحية أخرى، يتحمل نائب رئيس البعثة المسؤولية الكاملة لشؤون دولته لدى بلد اعتماد أثناء إجازة السفير أو مغادرته بلد الاعتماد، حتى تقديم أوراق اعتماد السفير المعين، وفقًا لقواعد العمل الدبلوماسي.
وعلى سبيل التنبيه، يجب على إعلاميي بلادنا الحرص على عدم تجاوزهم للرسالة الإعلامية وقيم المهنة.
ب. البحث عن قانون السلك الدبلوماسي
إن السلك الدبلوماسي اليمني بحاجة إلى إصلاحات شاملة نظرًا لعدم تطبيق موجبات قانون السلك الدبلوماسي منذ ثلاثة عقود، الأمر الذى أدى إلى تدني عمل السلك إلى مستوى غبر مناسب.
وبناء عليه، إنه لا بد من مراجعات شاملة لمنسوبي وزارة الخارجية على الأقل للخمسة عشر عامًا الأخيرة، ومعالجة مكامن القصور لبناء سلك دبلوماسي يواكب القرية الكونية. وقد لمسنا في هذا الشأن محاولات جادة من قبل معالي وزير الخارجية الدكتور شائع الزنداني، لإصلاح الاخلالات التي حدثت في السابق لإنقاذ الوزارة.
حقًا، إن كل شيء يهون أمام أهل العزم، كما قال شاعر العرب الرمز ابو الطيب المتنبي:
على قدر اهل العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
وتعظم في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائمُ
جوهر القول، إن وضعنا لايختلف عن وضع الفيلسوف اليوناني ديوجينس الذي كان يجوب شوارع روما بفانوسه، في وضح النهار، بحثًا عن الحقيقة.
وفي الحالة اليمنية، نجوب دهاليز وممرات و زارة الخارجية الجليلة بفانوسنا، في وضح النهار، بحثًا عن قانون السلك الدبلوماسي.
والله من وراء القصد.