إن حرب الإخوة الأعداء في يمن الحكمة والإيمان لم تعد من أجل إعادة الشرعية إلى صنعاء إطلاقًا. فلقد حول التحالف الثنائي (السعودي -الإماراتي) هذه الحرب إلى وسيلة لتحقيق أطماع ومصالح ضدًا على اليمن. وصار حال الذين يبحثون عن شرعية الخارج بعد أن قامت السعودية بتعيين مجلس رئاسي غير منتخب بدلًا عن رئيس منتخب، كالمستجير من الرمضاء بالنار.
في حال كهذا، فمن حقنا أن نتساءل: ماذا يريد التحالف من اليمن بالضبط؟
السعودية تسعى لتحقيق مجموعة من الأهداف، منها السيطرة على منفذ بحري يطل على البحر العربي، مما يعني السيطرة على حضرموت أو المهرة أو كليهما. كما ترغب في ترسيم نهائي للحدود مع اليمن، مما يعني إغلاق ملف نجران وعسير وجيزان واعتبارها جزءًا من السيادة السعودية. وتريد أيضًا الحصول على خزان الجوف النفطي أو منع التنقيب فيه لفترة طويلة. بالإضافة إلى الإشراف على باب المندب، والإبقاء على نظام جمهوري شكلي، ومنع الجيش اليمني من امتلاك أي نوع من الأسلحة النوعية أو الثقيلة.
أما الإمارات، فتسعى للحصول على جزر في البحر العربي، وبالتحديد جزيرة سقطرى، بالإضافة إلى الحصول على موانئ على بحر العرب، مثل ميناء عدن، أو تعطيل العمل فيه. كما ترغب في تقاسم الإشراف على باب المندب مع السعودية والسيطرة على مناطق الصيد البحري.
أما حكاية إعادة الشرعية إلى صنعاء، فقد أصبحت في نظر التحالف الثنائي "حصانًا مات".
إن عدم حصول التحالف على مثل هذه المكاسب على الأرض يعني استمرار تغذية الصراعات بين المكونات السياسية المتصارعة في اليمن حتى تنهك، مما يسهل الإملاءات عليها والسيطرة على قراراتها.
لن يتخلص اليمانيون من تبعات هذه الحرب إلا عندما يستوعبون الدرس جيدًا ويكونون على مستوى المسؤولية الوطنية، ويقفون صفًا واحدًا في وجه كل تلك الأطماع، ويضربون على أيدي الخونة والبائعين المرتهنين للمال المدنس.
هناك عدة تقارير دولية تناولت موضوع استغلال الموارد اليمنية. تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن الأطراف المتصارعة استغلت موارد النفط لتأمين التمويل، مما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية. كما أكدت تقارير هيومن رايتس ووتش أن السيطرة على حقول النفط كانت أحد أسباب الصراع، وأن الأطراف المتنافسة استغلت هذه الموارد لتمويل عملياتها العسكرية.
باختصار، التوسعية الكبرى التهمت ثلاثة أرباع مساحة اليمن بسبب حرب صيف عام 1994، وتسعى الآن لابتلاع 3 أرباع الربع المتبقي، والمتمثل في حضرموت والمهرة، وربما أجزاء من شبوة.
إذن، متى يستفيق أطراف الصراع، بخاصة وأنهم يرتكبون حماقة على حساب أرضهم؟
الله ما أرخص الأرض عند اليمنيين!
وما أرخص الإنسان!
وسيعلمون حين لا يجدي العلم أنهم خسروا وحدتهم، ومزقوا بلادهم، ورضوا من الغنيمة بالإياب، وعادوا بخفي حنين.