من في كريتر عدن لا يعرف عدلان جمعان وأولاده وأنا زبونه الأكبر وزبون أولاده الكرام رضي الله عنه وعنهم... جمعان.. فيما يتراءي لي هو المقابل لمقهى السيد زين هاشم صاحب الوهط الكريم، وصاحب مقهى كشر الشهيرة.. الذي أوصى أولاده بألا يبيعوا المقهى أو يحولوه إلى شيء آخر، فحافظوا مشكورين على الوصية.. ومازالت كشر على حالها تتحدى الزمن.
في زمن شح سوق الكهربائيات والإلكترونيات في عدن، لا تجد بغيتك إلا عند جمعان.. أو مستودع بديه في آخر سوق الميدان.. على ما أتذكر أن مطرح دكان جمعان حل في مكان مطعم كبير من الركن إلى الركن.. ثم إذا بنا نجده مكانًا لبضاعة الكهربائيات.. ومن طبيعتي التي قد لا تكون مريحة، كلما وجدت في السوق جديدًا أستبدله بأجد منه.. منه اشتريت أول فرن بوتاجاز بولندي.. ثم بعد زمن استبدلته بفرن جديد زجاجي وأنيق بخمس عيون إيطالي فاخر يمشي إلى الآن، وفيه قضيب حديدي لشواية الدجاج بطريقة الدوران.. وأذكر أننا لم نشوِ فيها غير دجاجة واحدة يوم فرحة تدشين الفرن الجديد... وأجت لي فلوس بعد مدة فاشتهيت ثلاجة أبو بابين تثلج بتكثيف البخار بدلًا من تجميع الثلج.. كانت رائعة.. ودامت.. ومن عنده اشتريت مسجل باناسونيك بالراديو أذكر أننا سجلنا بها بالصوت أول مرة مسرحية عادل إمام مدرسة المشاغبين... ولأني لا أطيق بقاء الفلوس في جيبي طويلًا، رأيت عنده طبق طبخ زجاجيًا متينًا بغطائه.. ولم يدم في بيتي كثيرًا، لأن تتار البيت كسروه واحتفظوا بغطائه ليثبتوا به فعلتهم!
ومع تطور الوقت دخلت أفران المايكروويف أسواقنا، فاشتريت واحدًا ماركة سامسونج، عاش معي مدة، وسعدت بتسخين وجبات طعامي فيه عندما أتأخر كعادتي عن مواعيد الطعام، ودام معي سنة ونصفًا.. لكن لأنك إذا أدخلت في المايكروويف أي وعاء معدني أو حديدي وما شابه.. ينفجر.. ولا يقبل الطعام إلا بالأواني الزجاجية أو الفخارية أو البلاستيكية.. أما المعادن فتتلفه.. وطبعًا زكنت على الغنم اللي عندي بالبيت، لكن لأنهم غجر لم يلتزموا، وفجروا الجهاز بإدخال الأكل في وعاء معدني، دست أو ما شابه، فتعطل المايكروويف إلى غير رجعة.. ومع أنه في مهندس إلكترونيات شاطر داخل مستودع جمعان في آخر الدكان الذي كان يطل على شارعبن، الميدان والحدادين، إلا أنه قرر أن الخراب أكبر من أن يتصلح، ولا فائدة... وحرمت من متعة شغل المايكروويف عشر سنين لغاية ما لقيت نوع صيني ماركة ميديا.. فاحتكرت استخدامه بنفسي بعيدًا عن أيدي المغول والتتار.. وسائر الغنم!
أظن أن لجمعان ولدين توسعا في نفس شغل الوالد، وهما كماه كرام نجباء، أحدهما صديقي في خلف الميدان بحافة الحدادين!
عدلان جمعان هو عدن الكريترية الأصيلة.. والذي لا يعرف جمعان لا يعرف عدن.