ما حدث من مشاورات يمنية -يمنية، تحت مظلة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، الأمانة العامة لمجلس التعاون، في الفترة من 29 مارس إلى 7 أبريل 2022، في الرياض، أشبه ما يكون بمسرحية جاهزة رسمت حبكتها، وفصولها ونتائجها مقدمًا.
استوعب المشهد الدرامي أكثر من 600 شخص، ودارت المسرحيه في أجواء ضبابية باسم التشاور، ولم الشمل اليماني، وانتهى المشهد بصدور بيان، تم التبصيم عليه في الغرف المغلقة -حسب مراقبين- وتقديمه للرئيس المشير عبد ربه منصور هادي لقراءته، وإعلان تنازله عن السلطة، وإعفاء نائبه.. ولطول البيان، أكمل قراءته معالي وزير الإعلام معمر الإرياني.
انتهى الفصل الأول بنقل السلطة إلى مجلس قيادة رئاسي انتقالي مكون من رئيس مجلس وسبعة نواب، معظمهم من العسكريين، قلما يوجد انسجام سابق في ما بينهم، كما أنهم يتلقون توجيهاتهم من الخارج، في صورة لا تنم عن جدية في حلحلة الأوضاع اليمنية. الأمر الذي لم ولن يبشر بخير، بقدر ما هو تثبيت لواقع مقلق ومؤلم، يتحمله من بصم على البيان.
لذلك، يتطلب من الذين حضروا اجتماع الرياض، ومن "أنصار الله" الذين لم يحضروا، أن يبادروا معًا إلى اجتماع فوري لإنقاذ الوضع المتردي في اليمن شمالًا وجنوبًا، فاليمن على فوهة بركان، وأي تأجيل مآله تقسيم اليمن إلى دويلات متناحرة، واحتلال جزر وموانئ يمنية بذريعة عدم توفر الأمن في أهم الممرات الاستراتيجية المائية في العالم، والتي تمر عبرها الناقلات النفطية والغازية، والأساطيل، وربع التجارة العالمية.
في واقع الأمر، إن النتيجة كانت مخيبة للآمال، إذ أوصلت اليمن إلى حالة اللادولة، تعج فيها نخب متصارعة، وفساد، وفقر، ومرض وجوع...
وصف حقوقيون ماجرى بأنه يعتبر انقلابًا متكامل الأركان، ومخالفًا للشرعية الدستورية، ولكل الأسس والمرجعيات التي من شأنها الحفاظ على سيادة اليمن، وسلامة أراضيه، ووحدته، واستقراره، رغم التضليل الإعلامي، وقيام ضجة صاخبة تشيد بنجاح المشاورات وتنازل الرئيس عن السلطة لمجلس قيادة انتقالي.
وقد غادر المجلس الرئاسي الانتقالي، ورئيس الحكومة، ومجلس النواب، بمن حضر منهم، الرياض إلى عدن، لحلف اليمين الدستورية أمام مجلس النواب، رغم عدم دستوريته، وفقًا لخبراء قانونيين.
وبتحدٍّ واضح، فقد شذ عن الإجماع عضو مجلس الرئاسة عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، في بروتوكول حلف اليمين الدستورية، إلى جانب عدم التزامه بتوجيهات فخامة الرئيس رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس الرئاسة، خلال الفترة اللاحقة.
وعلى صعيد آخر، أعلن "أنصار الله" موافقتهم على الهدنة لمدة شهرين، على أن تجدد من قبل الجانبين، وتقدموا بشروط جديدة طرحت على مبعوث الأمم المتحدة السويدي د. هانز غروندبيرغ، أثناء زيارته إلى صنعاء، خلال الفترة 11-13 أبريل 2022م، شملت حسب مصادر إعلامية مطلعة، النقاط الآتية:
1- تسيير رحلات عبر مطار صنعاء.
2- عدم عرقلة سفن النفط اليمنية، وإدخالها إلى ميناء الحديدة، من دون قيود.
3- التأكيد بأن ترتيبات السلام يتم إجراؤها تحت مظلة الأمم المتحدة.
4- إنهاء الحرب، والحصار، وإخراج القوات الأجنبية من اليمن.
وفي السياق نفسه، أعلن المبعوث الأممي، قبل مغادرته صنعاء، يوم 13 أبريل 2022م، أنه تم التوافق على فتح مطار صنعاء، وفتح الطرقات في محافظة تعز، ومحافظات أخرى. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل تم تنفيذ ما ورد؟
الجدير بالذكر، أن الشعب اليمني كان يترقب بفارغ الصبر موعد الاجتماع الجديد بين تكتل مشاورات الرياض، وأنصار الله، تحت رعاية الوسيط الدولي د. هانس غروندبيرغ، لكنه، للأسف الشديد، لم يكن ثمة نية صادقة من كلا الطرفين لإنقاذ اليمن من الصراعات الداخلية، والتدخل في الشؤون الداخلية، والاعتداءات الخارجية المستمرة.
ولحل مشاكل اليمن، يجب التوصل إلى ميثاق شرف يجمع اليمنيين للخروج من نفق الوصاية الدولية والإقليمية، حفاظًا على الجزر والموانئ اليمنية، وبسط السيادة على كل الأراضي اليمنية من صعدة إلى المهرة.
ختامًا، لا يسعنا إلا أن نشيد بالرئيس السابق المشير عبد ربه منصور هادي ‐أطال الله في عمره‐ الذي لم يفرط في شبر واحد من الأراضي اليمنية طيلة رئاسته لعقد من الزمن. وكان على مستوى الأمانة التي فوضها له الشعب اليمني باستفتاء شعبي عريض لتولي منصب رئاسة الجمهورية اليمنية، في 25 فبراير 2012م. وهذا هو بيت القصيد.