صنعاء 19C امطار خفيفة

حضرموت: على أعتاب ولادة سلطة "يمنية" خامسة

تبشر التطورات التي تشهدها محافظة حضرموت بظهور مشروع سياسي يسعى إلى الاستقلال الكامل. فهذه التطورات تتصل بحراك بدأ قبل أكثر من عشر سنوات، يهدف إلى تحقيق استقلالية إدارية أكبر لحضرموت، وتعتمد على استراتيجية "خذ وطالب" التي تركز على تحقيق مكاسب تدريجية بمرور الوقت، وانتهاز الفرص كلما لاحت.

 
إذا استمرت هذه التحركات التي تشهدها حضرموت على نفس الوتيرة، فإننا على موعد مع ولادة حالة سياسية جديدة قد تنتهي بظهور "السلطة الخامسة" في البلاد إلى جانب الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي، والمقاومة الوطنية، وأنصار الله. إن تطور الأمور في هذا الاتجاه ليس ضربًا من التكهن؛ إذ إن المشاريع الانفصالية في حضرموت قد بدأت تعبر عن نفسها بصورة صريحة أحيانًا وخجولة ومواربة أحيانًا أخرى، وذلك على الأقل منذ عام 2013. وهناك اليوم تشكيلات عسكرية ستشكل نواة لقوات عسكرية حضرمية مستقلة. ثم إن أي مشروع حضرمي للاستقلال يمتلك أسبابًا قوية للنجاح والقوة؛ فإلى جانب الدعم الشعبي القوي، من المتوقع أن يتلقى دعمًا خارجيًا رسميًا وغير رسمي (رؤوس الأموال الحضرمية) أقوى ربما مما يتلقاه غيره من المشاريع.
المضي في هذا الاتجاه وتشكل مشروع كهذا لن يكون مجرد إضافة جديدة إلى المشهد اليمني، ولن يزيد فقط من تعقيد هذا المشهد المعقد أصلًا، بل سيعيد ترتيب الأوراق في البلاد. ففيه تهديد لبقية الأطراف وبقية المشاريع السياسية المتعارضة. وبقدر ما يهدد هذا المشروع شرعية الحكومة الوحدوية وحلفاءها، فإنه سيمثل عائقًا خطيرًا لمشروع انفصال الجنوب الذي يتبناه المجلس الانتقالي الجنوبي؛ إذ إنه يقلل أو حتى يقضي على جدوى مشروع انفصال الجنوب لكونه سيحرمه من المناطق الغنية بالموارد الطبيعية التي يراهن عليها، بل إن ثروات هذه المناطق تُعدُّ محركًا أصيلًا له.
ومع ذلك، يظهر كل من الحكومة والانتقالي الجنوبي في موقف العاجز عن التدخل أو غير القادر على توجيه الأمور بعيدًا عما يهدد مشروعه. ويُعزى هذا العجز إلى التوازن الحساس للقوة والمصالح الضابط للعلاقة بين كل من السعودية والإمارات. وكلما استمر الوضع على هذه الحال، زادت فرص ظهور المشروع الحضرمي.
ما يجعل الأمر أكثر خطورة أن المشروع الحضرمي قابل للتوسع؛ ففي عام 2013، على سبيل المثال، أعلنت بعض مديريات محافظة شبوة فك ارتباطها بالمحافظة بحجة "حضرميتها". وفي السياق، ولأن مشروع كهذا سيشكل حاجزًا بين المهرة وبقية البلاد، فإن ضمّ أو إلحاق المهرة به سيكون مطروحًا بقوة. لكن، وفي ضوء العلاقات غير المتوافقة والتنافسية بين الحضارم والمهريين، فإن نجاح أية خطط لضمّ المهرة مشكوك فيه إلى حد بعيد، والأرجح أن نجاح المشروع الحضرمي قد ينتهي بظهور مشروع انفصالي آخر في المهرة وسقطرى.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً