صنعاء 19C امطار خفيفة

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلِ

ستتعب أيها القارئ الكريم وأنت في دوامة الحيرة تتابع قدر ما تستطلع آخر أخبار المواقع وكتابات المحللين... محللي بيت العنكبوت وسيدها ذلك الذي فرض عمدًا متعمدًا تعتيمًا وفرض حصارًا على انسياب صحيح المعلومات، ليظل الرجم بالغيب، ليظل من يعتقدون أن سدنة دار الحكمة سدنة الحقيقة التي تسطع متى شاؤوا عبر الممولين الذين فقط لديهم مربط الفرس والخبر الأكيد، بيدهم غابة جوجل ومواقع بث ما يريدون من دقيق المعلومات، ويتركون مع مساحات لذا وذاك يفبرك يلعب لعبته التي عبرها يبث ما يريد خدمة لمشروع هو مموله، هو قائده، وحوله جوقة من المحللين يتباهون على خلق الله بالنزر اليسير من حقائق هي في حقيقة الأمر إذكاء لرياح الحرب، صوب سفن المصالح للسير صوب اتجاه لا يحقق مصالح من يكتوون بنيران الحروب، وتأتي لحظة دفع الأثمان باهظة تتمثل بسقوط أوطان وموت الآلاف، ولا شيء يبصر النور مما تقوله أضابير المحللين وما بات يعرف بمراكز الأبحاث وجوقة المحللين، فلا مشاكل حقيقية تحل، ويظل التيه بحثًا عن حقائق ما يدور وما يقرر نهاية المطاف، عبر أنابيب المصالح الضيقة تحت إمرة من يملكون عناصر القوة، يسعرون الصراعات، ويمتلكون أتباعًا اشتروهم طيعين لا حول لهم ولا يحزنون، هم المصفقون آخر المولد على حضانة مولود ليسوا منتجيه، بل هم شهود زور في احتفالات الختان.
سبعون عامًا تآكلت معها قضايا بلدان وشعوب، وغابت قضية شعب فلسطين، تضرر من أهله وذويه الضرر الكبير من بايعوا الشيطان رب العرش في تحول بنهاية المطاف إلى القول أنا ربكم الأعلى.. فما عساكم فاعلون؟
غزة وحيدة تباد تحاصر، وقمم توالت، وحين الجد شن رب البيت الأبيض حربه الضروس إسنادًا لنباته الشيطاني بأرض تقاوم صامدة دونما نصير، ووراءها شعب يرفض التهجير، يقسم اليمين أن يموت أشرف داخل تراب أرضه بعيدًا عن المنافي.. والطامة الكبرى حين نشهد والإبادة تتجلى للعيان، وترامب رب القوة يعيد إشعال حرب غزة، وجد المبرر بعناوين جديدة، هو الرب المطور المقرر، والكل له طائعون عبر قانونه الجديد... سياسة القوة هي الأساس أولًا، وثانيًا سياسة التفاوض عبر القوة هي الأساس، وثالثًا فرض الأمر الواقع بالقوة هو الأساس، هذا هو معيار ما يدار وما تقوله المواقع وما تبثه مراكز الأبحاث، إن هو إلا حرث في أراضٍ بؤر لا تنتج إلا أوهامًا... أما ما يقرر على الأرض فقد كان نتائج مقدمات تم تصنيعها منذ عقود مضت، لم تكن قط سايكس بيكو أساسها المتين، فتلك من نتائج مرحلة تغول حقبة استعمارية عاثت فسادًا وتقطيعًا لأوصال منطقتنا العربية... بمعنى أن المقدمات السيئة تصنع المخرجات الأسوأ منها، فما معني تخليق حزب الإخوان المسلمين بمصر، وتغوله كأخطبوط لم نرَ له رمحًا ولا سيفًا ولا رصاصة أطلقت على دولة الكيان التي تلت قيامه وتأسيسه بسنوات، مثله مثل كل كوارث التدليس من القاعدة والدواعش وأخونة ما تتالى من مجاهدي جبهة الشام هذه الأيام، ومضت أمور تدمير المنطقة هكذا دواليك... وما حدث من تطوير أساليب ما بعد سايكس بيكو وقيام دولة الكيان الصهيوني، مرورًا بنكسة 67، ليبدأ بعدها الشغل الأوسخ عبر ترتيب ما شهدته دول النفط المربوطة من خياشيمها نحو معبد الرب الكبير، مرورًا بمرحلة العولمة وما تم فيها من إعادة تصنيع للدول عبر هويات وقيم يممت توجهاتها نحو الملاذات خارج مفاهيم الأوطان وحريات الشعوب والإنسان، مرحلة ما سموه غربًا الثورات البرتقالية للإجهاز نهائيًا على المعادل لقوة ومكانة المركز الإمبريالي، أي القضاء على التحدي السوفيتي.. وقد كان وصار حتى حان وقت تدمير منطقة قلب الشرق الأوسط، عبر تغيير نظام شاه إيران، والمجيء بعدها بما سموه الربيع العربي ودمقرطة الشرق عبر مرحلة الـ"إن جي أوز أي"، مرحلة تفعيل منظمات المجتمع المدني على حساب تمزيق كيانات الأحزاب اليسارية والوطنية تحديدًا، وأغرقوها تمويلًا ومؤتمرات، وكلها كانت أساسًا بؤرة استخباراتية للجهات الغربية الأمريكية الممولة لأنشطتها سموها مرحلة إعادة دمقرطة الشرق الأوسع الجديد.
وخلال كل هذه المراحل، ظل رصيد شعب فلسطين شعبًا وكيانًا، يتآكل، وماتزال تنهال علينا أبحاث ومقالات مراكز مصادر تمويلها مجهول، وكتاب يتم اختيارهم بعناية الممول الخفي، ولكن أصحاب الآراء المستقلة ممنوعون لأنهم مثل الدول الواقعة تحت سيوف المقاطعة وكوبا مثلًا، وأخيرًا جنوب إفريقيا والآن...
فليعلمنا أهل المراكز لمَ تجابه الخطة العربية لإعادة إعمار غزة مع بقاء أهلها، العراقيل؟ ولمَ تضرب غزة؟ لأن المطلوب أولًا وأخيرًا سحب سلاح المقاومة، وطرد وقتل قادة حماس، وصولًا لتهجير كامل الشعب الفلسطيني، بينما تعد العدة لتبييض وجه فلسطيني جديد المدان فلسطينيًا محمد دحلان، تعده وتجهزه إحدي دول النفط الغنية المطبعة مع دولة الكيان...
هكذا يحاصرنا إعلام ما بعد العولمة المنقرض تحت سيف رب البيت الأبيض الجديد، والكل حول مائدته يطبلون ويرقصون وينتظرون الفرج على يديه يقدمه لهم على طبق من ذهب.
ترامب أيها السادة الآتي من دهاليز مملكة ياهوذا، يحلم بعرش أورشليم، أما الذين ينتظرون على الأبواب لهدايا بابا نويل على الأبواب، فبابا نويل تاجر صفقات مثل شيلوك، لا يفهمه ولا يقارعه رأسًا برأس إلا قوتان من طراز جديد، إحداهما تنين من خلايا دماغ العم ماو تسي تونج، أو قيصر آتٍ من شوارب ستالين، حارس الكرملين الجديد.
أما النائمون الذين يغطون نومًا عميقًا على أبواب من يغير الوجوه ساعة الحسم، فدعهم يغطون بنومهم هكذا شاء لهم المقرر والممول رب العزة بيديه وبيد مولاه مفاتيح لعبة الآتي إن كانوا لا يعلمون!
وإن كان لدى مراكز الأبحاث التي إليها أشرنا، وباقي محللي الدفع المسبق من قبل كل الممولين، ما يقول غير ذلك، تفيدونا أفادكم الله إن كانت لديكم مصادر قول الحق خارج عش الدبابير الذي تدخلونه وجاهات أنيقة، وتخرجون جلكم أو بعضكم مطأطئي الرؤوس، فقد حان وقت الحساب العسير.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً