صنعاء 19C امطار خفيفة

المنطقة العربية تواجه تحديات عصيبة

في الوقت الراهن تواجه المنطقة مخاطر جمة وتحديات لا تبشر بخير. فليس هناك بوادر لحل جدي في قطاع غزة والضفة الغربية، ولاعتداءات المستوطنين الإسرائيليين المستمرة على القدس الشرقية وساحة الحرم الأقصى الشريف، علاوة على الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، واللبنانية، وقصف المدن اليمنية، والحرب الداخلية في السودان، ناهيك عن التوترات في ليبيا والصومال وتونس والعراق.. كما أنه لا توجد حلول مجدية لنزع فتيل تلك الأزمات بسبب التدخلات الخارجية، إذ إنها سرعان ما تتعثر لعوامل خارجية وداخلية تذكي نار الانقسامات والفتن الداخلية.
في واقع الأمر، إن المنطقة تغلي بخلافاتها الداخلية مذهبيًا، وطائفيًا، ومناطقيًا على السلطة والثروة، وعلى حساب الشعوب المغلوبة على أمرها.. إن كثيرًا من البلدان العربية تندب حظها العاثر وسط خضم متلاطم من الإشكالات، رغم محاولات عربية تسعى جاهدة لإيجاد حلول للخروج من النفق المظلم، والتي غالبًا ما تصطدم بأمور داخلية وخارجية معًا، مما يعكر السبيل في إيجاد مخارج تفضي إلى مرسى الأمان.
وها نحن اليوم نقف مع مخرجات القمة العربية الطارئة في القاهرة لوقف اعتداءات الكيان الإسرائيلي المحتل على الأراضي العربية الفلسطينية، ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية، والتوسع في أراضٍ عربية مجاورة مثل سوريا ولبنان.
لقد أصاب العرب الهدف في مؤتمرهم الذي خرج بنتائج إيجابية، تتمثل بما يلي:
- لا للتهجير القسري من قطاع غزة وفلسطين عمومًا.
- انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي المحتلة.
- اندماج الفصائل الفلسطينية في السلطة الشرعية والتخلي عن أسلحتها للحكومة الفلسطينية.
- يدار القطاع من قبل ذوي الكفاءات الفلسطينية في القطاع لا تشمل الفصائل.
- تتولى الحكومة الفلسطينية الناحيتين الإدارية والأمنية في القطاع.
- يعاد التعمير التدريجي في القطاع من قبل الدول العربية، والأوروبية، ومن الدول المحبة للسلام.
- حل الدولتين.
- رفض القمة العربية الاعتداءات الإسرائيلية على الدول العربية المجاورة.
حقيقة الأمر، إن وقع مؤتمر القمة العربية شكل صدمة قوية للكيان الإسرائيلي الغاصب والإدارة الأمريكية.. ويذكر في هذا الصدد، أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب كان وضع أمامه خطة لاستيلاء إسرائيل على القطاع ثم الضفة الغربية والقدس الشرقية، إلا أن مساعيه خابت، لكنه لم يقنط حتى هذه اللحظة، ويحاول بشتى الوسائل المتاحة، ومعه رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو، اتخاذ بقية الرهائن ذريعة لعدم التزامهما بالمراحل التفاوضية حسب الاتفاق المبرم مع حركة حماس، وإذا بالمنطقة تتعرض لاعتداءات إسرائيلية من جديد، قبل أن يجف حبر مؤتمر القمة العربية في القاهرة، والذي قوبل بعدوان إسرائيلي غاشم في "مواصي" خان يونس تسبب في عشرات الشهداء والمصابين.
كل ما في الأمر أن الإدارة الأميركية ورئيس وزراء إسرائيل نتنياهو يهدفان أولًا وأخيرًا لتهجير الفلسطينيين من بقية أراضيهم، والاستيلاء عليها بشتى الوسائل والحيل.
مما لا يدع مجالًا للشك، أن ما في جعبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للمنطقة في هذه السنة أيضًا، هو تحقيق التطبيع بين إسرائيل ودول عربية كمخرج آخر للتوسع في المنطقة.
مع العلم أن الدول العربية سبق أن رفضت ذلك الطلب، بأنه لا تطبيع مع إسرائيل إلا بحل الدولتين: دولة عربية فلسطينية تعيش جنبًا إلى جنب مع دولة إسرائيلية، حسب المبادرة العربية التي قدمها الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، في القمة العربية في بيروت، في 27 مارس 2002م، وكذا البيان المقدم من رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، والذي نص أيضًا، بأنه لا تطبيع مع إسرائيل إلا بالاعتراف بالدولة العربية الفلسطينية بحدود 4 يونيو 1967م، وعاصمتها القدس الشرقية.
جوهر القول، إن العرب بحاجة ماسة لتوحيد الصفوف والتكاتف أكثر من أي وقت مضى، فالخطر داهم، وإن استفحل سيطال الجميع. ولا غرابة في ذلك، فنحن اليوم نتعامل مع رئيس نرجسي دونكيشوتي، يعمل بتوجيه اللوبي الصهيوني، وجل همه أن يقوم بتنفيذ مشروع الشرق الأوسط الجديد بأسرع وقت ممكن، وينتقل إلى مهام أخرى يجابه فيها التنافس الاقتصادي والأمني والعسكري لمجموعتي "شنغهاي" و"البريكس" اللتين تتزعمهما الصين التي تهدف بدورها إلى كسر ديكتاتورية الأحادية القطبية في العالم صوب عالم متعدد القطبيات.
الجدير بالذكر، أن ما يجري حاليًا هو الدفاع عن إسرائيل، وحماية مصالحها عن كثب، بعد أن أصبحت الأساطيل والبوارج الأميركية تمخر مياه المنطقة العربية جيئة وذهابًا على مدار الساعة.
كما يجب أن ندرك أن اسم إسرائيل رسميًا هو "ولاية إسرائيل- State of Israel"، ويعني ذلك بتصور المراقبين، أن إسرائيل هي إحدى "الولايات الأميركية" غير المعلنة، ووكر الصهيونية التوسعية، وبخاصة في هذه المنطقة الحيوية.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً