أثار سامي في النفس لواعج الشجن، فقد كتب في "النداء" بحميمية رائعة عن الطليعة التعزي وكرة تلك الأيام في تعز التي كانت يومها تتألق في كل شيء...
الطليعة وما أدراك ما الطليعة
لقد واكبت افتتاح المقر الكائن بجانب سينما بلقيس
أتذكر رائحة الشاي الذي كان يبدعه المهندس محمد عبده الحمادي وأنا نقوم بالتوزيع على من حضر، وأولهم عبدالغني كليب، أفعل ذلك تقليدًا لعلي الإبي في مقهى الإبي الذي كنا نحسده على كيفية سيطرة يديه على أكواب الشاي، وكيف يدور بها بسرعة بين الزبائن، ويا وليد نزل لعمك فلان واحد شاهي مُسَلّم..

الطليعة بلونه الأبيض بخطين أسودين... ولاعبين متفردين يومها من عبدالرشيد إلى فاروق إلى عبدالملك فوز الحارس الذي كان ما بعده حارس، ولي دين عليه ريال واحد إلى اليوم! فقد التقاني عند الباب الكبير، ولتوي استلمت ريالًا مرسلًا من عمي في صنعاء، ولإعجابي الشديد به كحارس استطاع أن يقنعني بأن أدينه الريال، وهو ما حصل ولم يعد إلى اليوم.
كان مقر النادي بالنسبة لنا مشكلة المشاكل، فكون وجوده إلى جانب سينما بلقيس، فيعني أن تواجدنا فيه حسب أهلنا مع "السراسرة"! ويومها أيضًا كان هناك من ينظر إلى السينما بشك وريبة برغم أن الجمهور الذي توجه إليها كان بالمئات...
يبدو أنهم كانوا يخشون علينا من الابتعاد عن مذاكرة الدروس، ولذلك راحوا يشوهونها في نظرنا برغم أنني شخصيًا عرفت السينما، وكانت لاتزال في حوش عمارة الغنامي بالذهاب إليها رفقة والدي!
لا أدري أين ذهب الحمادي، ذلك الرجل المهذب، أما أنا فذهبت إلى صنعاء.
أجيال من اللاعبين منذ أن تأسس الطليعة، مروا على النادي، من أبرزهم عبدالملك فوز، وفي فترات لاحقة كان هناك عبدالحميد الشاوش وأمين علي ناجي والقربة وفوزي غالب وآخرون كثر، وفي المرمى لن أنسى علي حسن الذي ترك النادي وذهب إلى الحديدة ليلتحق في البحرية.
أما مضار السقاف فحكايته كلاعب حكاية غير عادية، كان لاعبًا مبدعًا يخيل إليك أن صدره ملعب عندما يستقبل الكرة...
كان الطليعة منافسًا للأهلي، وفي الأهلي يكفينا الإشارة إلى عبدالعزيز القاضي، أحد أجمل اللاعبين أداء وخلقًا، ومثل جيلًا كرويًا متميزًا...
كانت تعز يومها تعج بالحلم كله بين دار الناصر الذي منه ولد الصقر مرورًا بالصحة والطليعة والأهلي... وفي مدرسة ناصر شهدت أيام الخميس من كل أسبوع تنافس المدرستين كرويًا، ونحن على قدرنا أزعجنا الأموات باللعب فوق رؤوسهم في الملعب الصغير الذي تركه لنا الجولحي حفار القبور وسط مقبرة وادي المدام.
في الذهن أشياء كثيرة تمر اللحظات
هنا بعضها اتساقًا مع سامي وذاكرته الفذة.