صنعاء 19C امطار خفيفة

50 بالو

2025-03-12
كانت سنة 1983م سنة إنجاز وخير وبركة بالنسبة لي، فللمرة الأولى في حياتي أستلم مبلغًا وقدره 520 دينارًا في حياتي، يعني عشرة آلاف وأربعمائة شلن، شلن ينطح شلن.. كحقوق تأليف وإصدار كتابي "70 عامًا من المسرح في اليمن" (الصورة الأولى لكتاب المسرح.. والثانية لكتاب مسرحية التركة الذي طبع بدار الهمداني في 1975.. أما الآخر فهو الذي طبعته في دمشق بدار الجاحظ للنشر في سنة 1983م..
رجعت في الطيارة اليمدا مع الزميل المخرج الفقيد محمد حسين بيحاني، الذي تأخرت رحلة عودتنا نص ساعة بسببه لخلاف مع فندق فاندام معه على الحساب! كان صاحب مقالب الله يرحمه، وكله بس منشان يضحك ويضحك الناس.. فوق الطيارة صيح للمضيف المحترم اليافعي عشان يجيب بيرة، وجاب له بس ماحبيتش أشرب معه، فدق التنتين وزيد تنتين كمان، وأنا أقلب كتابي حق المسرح بفرح، ومعي عشر نسخ في الهاندباج، والباقي في الشحن 3 آلاف نسخة.. لما قرب وصولنا عدن أجا اليافعي يحاسب حق البيرة، فقال له زيما قال لفندق فاندام: مافيش بطرفي دولارات... ووجه اليافعي نحوي لأتكعف حساب البيرة اللعينة.. بس مش دي المشكلة وقتها، المشكله لما نزلنا مطار عدن واتحمل مني الهاندباج اللي فيها كتاب المسرح وراح بلا ما يقول لي مع مستقبلين أجو وشلوه.. أنا كنت مركز على السوق الحرة في المطار، ومبهور بقارورة ضخمة جدًا بحجم دبة بترول لويسكي بلاك ليبل الفاخر.. والقارورة من كبرها ملحقة بسياج حديدي على عجل لسحبها بسبب كبر حجمها.. وأنا ناوي أسوي احتفال جبار لأصحابي بنادي الفنانين بمناسبة صدور كتابي المسرحي.. وسحبت الجاري مع 4 قوارير فودكا وحاسبت وخرجت عشان ألحق البيحاني اللي كان قد روح مع أصحابه!
انزعجت جدًا ومشيت إلى عند بابوري الموريس ألف أبو بقرة اللي كنت في سفراتي القصيرة أطرحه في موقف سيارات المطار عشان السكهة والربخة من التكاسي! طيب كيف بالاقي البيحاني والهاندباج وكتبي معه مع قارورتين فودكا شلها؟! على طول خطر ببالي المخرج فيصل عبدالله اللي عرف بيننا، وساني رحت إلى عنده ليدلني على عنوان الأخ البيحاني، فقال فيصل إنه يسكن عند أخته الإذاعية الكبيرة والساكنة في المعلا الرئيسي.. وهوب على الزرة طلعنا الموريس وإلى المعلا.. وقالت لنا كريمته العزيزة إنه قد تزوج وانتقل إلى بيت زوجته بالمنصورة!
وشلينا منها العنوان، وعلى الزرة برضه إلى المنصورة.. ماشتيش أرقد إلا ونسخ الكتاب عندي.. وهوب أنا وفيصل للمنصورة، دورنا لما أجينا على البيت.. مسكين البيحاني قلبه بارد.. جدًا بارد ولا كأنه يصلح شيء.. وخبابيره كتيرة مالهاش داعي هنا! كانت زوجته تحف حوله بمجمرة يتصاعد منها البخور وكأنها الست أمينة مع سي السيد في ثلاثية نجيب محفوظ! المهم شليت حقي الهاندباج وبداخله الكتب وقد نفسي بتخرج.. وعزم فيصل على فودكا من الحبتين اللي شلهم مني وسجلتهم في حصص السوق باسمه.. لكن فيصل جدع ومش من العاجزين، نتع القارورة كلها والبيحاني يضحك منفرج الأسارير وزي الغصن اللي لابس قميص طبقًا للأغنية، الله يرحمه ويغفر له، كان من أظرف الناس ولا داري كيف تدور الدنيا برأسها!
كباب بالو
المهم لفلفت الحاجات اللي لي عنده وفوق الموريس برع لا عدن، كانت الساعة قد وصلت قريب عشر بالليل، وشلينا علي فارع من بيت حامد جامع اللي كان قد نام.. وإلى بيت فيصل العزابي فرشنا السامر.. وده كله وأنا عادنا ما روحتش بيتي!
وادبج أرصع لما الصبح.. وقبل ما أروح عزمتهم اليوم التاني في نادي الفنانين على حفل عشاء على حسابي وصحة الكتاب.. سحبت اليوم التالي حقي 520 دينارًا من الخزانة العامة.. وساني زكنت على الحاج بالو 50 وجبة تامة مقرطسة لأني عازم 50 صديق عشاء وكله، اتفقنا يكون جاهز الساعة 8 بالليل.. وكلمت أصحابي اللي لقيت من الخمسين للوجبة أبو واحد دينار من كبابات الحاج بالووو العزيز.. أما النادي فمعنا ثلاجتين بيرة صيرة للبيع للزباين، أما أنا فبا أزيد من ناحيتي دبجانة الويسكي لكبار الزوار ولا يفتجع.. ما با أذكرش أسامي زيادة.. بس الغريبة أنه البيحاني غاب.. والأغرب أنه الفنان أحمد قاسم أجا بالصدفة ومعه الصديق الأستاذ خالد صوري  وقدهم ملبعين وتقريبًا مع أم الصمقمق!
كانت ليلتي جميلة لكتاب المسرح.. كنت أحلم زي أهل الخارج أجلس ونسخ الكتاب مرصوصة أمامي.. وأوقع منها بقلمي إهداء لمن يحضر.. بس الكلام ده عندنا مفيش، يالله الواحد يشرب دغمته ويأكل لقمته ويمسك الباب زيما قال لينين!
ولا أنسى امتناني الشديد للحاج بالوو الأصيل اللي زادنا فوق الخمسين مكان، خمسة أماكن عشاء من عنده.
 
 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً