لا أنكر أني أفرح فرحًا كبيرًا، فرحًا لا يضاهى، عندما ألاقي دعوة أو يتم التنسيق بيني وبين أصدقائي للذهاب لزيارة محمية شرمة بمديرية الديس الشرقية محافظة حضرموت.
فكل دعوة وتنسيق بيننا للذهاب لها هي فرصة كبيرة لترتاح فيها أنفسنا مما هي فيه.
كذلك الذهاب لشرمة يعني لنا فوزًا ونصرًا كبيرًا للخلاص من الروتين اليومي الممل الذي أحكم السيطرة على يومياتنا.
ولمن لم يعرف شرمة نقول: شرمة حباها الله من المزايا والخصائص الفريدة ما لا يعد ولا يحصى، فهي من وجهة نظر الكثير ممن يأتون إليها أنها الوحيدة ذات تلك الخصائص والمزايا، وعلى اختلاف كبير عن كل المناطق الساحلية الجميلة بساحلنا الحضرمي الكبير.
وهذا ما أجبر الحكومة صاغرة على إصدار قرار بجعلها محمية طبيعية.
محمية تتوافر بها دون غيرها السلاحف البحرية الخضراء النادرة الوجود إلا بهذه المحمية.
وبالعودة لذلك القرار، أي قرار الحكومة بجعل شرمة محمية طبيعية، فهو لم يقدم في الأمر شيئًا كما كان يتوقعه كل عشاق هذه الجوهرة.
فالناس بعد صدور القرار الكل يحدث نفسه فرحًا بأنه سيتم الاهتمام بشرمة، وإنشاء المنتزهات والمباني فيها، مع توفير الكهرباء ومياه الشرب.
وأنه سيتم إصلاح الطريق المؤدية إليها بدلًا من تلك الطريق الوعرة والمتهالكة والمهلكة لكل سالكيها من بشر ومركبات.
حتى الناس البعيدون القاصدون لها لغرض الاسترخاء والراحة، قالوا حينها إن شرمة الجميلة ستأخذ شيئًا من حقها وحقوقها، فهي إحدى حسناوات البلاد بامتلاكها تلك المناظر الطبيعية الخلابة التي تأسر قلوب عشاق جمال الطبيعة بما فيها من مفاتن ومحاسن كثيرة.
الخميس الماضي الموافق السابع والعشرين من فبراير الماضي، كنت في رحلة مع بعض الإخوة والأصدقاء من أبناء الديس الشرقية وادي عمر، إلى شرمة، فرأيت ما لا يخطر على بال إنسان.
رأيت سيولًا بشرية، ومن أماكن كثيرة من حضرموت، فذلك اليوم يصادف آخر خميس من شهر شعبان، وهذا اليوم كما هو متعارف عليه يتوافد الناس بأعداد كبيرة إلى شرمة.
منذ خروجنا من الديس الشرقية قرب الساعة العاشرة مساء، ومواكب الوافدين لا تنقطع، والخط المؤدي إلى شرمة ممتلئ بالمركبات الحاملة للبشر.
هذه ليست المفاجأة، المفاجأة الكبرى تمثلت عند قربنا من شرمة، فالمحمية تحولت إلى مدينة، وليست أية مدينة، بل مدينة كبيرة جدًا، فكلها تشع بالأنوار، وما إن دخلناها فلم نلاقِ موطئ قدم من زحمة الناس بحركتهم الكبيرة.
هذا الإجماع البشري الكبير على محبة شرمة كافٍ لكي يحرك السلطات المحلية والحكومة في إعادة النظر حول هذه المحمية لكي تحصل على حقها من الاهتمام المتمثل بتطويرها بإيجاد الخدمات الضرورية بها.
وهو أي إجماع الناس يعد اعترافًا وإنصافًا بأنها تستحق الاهتمام، لا الإهمال الحاصل، والذي لم يفقد الناس ارتباطهم بشرمة، فهم ظلوا متمسكين بهذا الحب والتقدير لهذه الفاتنة الحضرمية الرابضة بمحاذاة بحر العرب.