صنعاء 19C امطار خفيفة

المصافي الكوميدية

2025-03-03
المصافي الكوميدية
فرقة المصافي
هي فرقة مسرحية تكونت في البريقة، عقب إنشاء شركة BP لمصافي تكرير النفط في البريقة، أول خمسينيات القرن الماضي. ومع زخم الحياة الاجتماعية في البريقة التي سميت عدن الصغرى، بسبب تكونها الجغرافي كشبه جزيرة صغرى، مثلها مثل عدن القديمة ذاتها.. تكونت فرقة المصافي الكوميدية المسرحية سنة 1957م، وأسسها الأستاذ جعفر أحمد علي، ثم ترأسها السيد حسن صالح، ومعه حاج عمر ومحمد عبدالله عمير وآخرون لا تحضرني أسماؤهم.. وعندنا مثل عامي لعله عالمي يقول: اللي يستحي من بنت عمه ما يخلفش منها عيال!
رئيس فرقة المصافي السيد حسن صالح
كانت محاولات مسرحية كثيرة في بلادنا، تحاول إقامة حركة مسرحية ونهضة فنية متكاملة من الفنون، لكن إحجام العنصر النسائي كان معوقًا لها.. فكيف السبيل إلى التغلب على تلك المعضلة؟
كانت هذه الإشكالية سبق أن واجهت رائد التنوير وأب الحركة التعليمية في عدن، الأستاذ الكبير عبدالله فاضل فارع، الذي أعد للمسرح مسرحية كاملة بعنوان "علي بيك الكبير"، عرضت في دار سينما ريجال، وكان النص المسرحي بحاجة إلى بطولة نسائية لشخصية امرأة تلعب دور قهرمانة القصر.. ولتعذر تقدم أية شابة أو امرأة للعب الدور، عرض الأستاذ فاضل نفسه لماكياج صارم، ولعب بنفسه دور قهرمانة القصر! وقد نشرت جريدة "فتاة الجزيرة" الخبر وقتها، وبالتفصيل، وأوردته في كتابي "70 عامًا من المسرح في اليمن".. وواجهت الفرقة العربية للتمثيل في المصافي، والتي يرأسها الدبلوماسي -بعد ذلك- علي المسيبلي، ويدير نشاطها أخوه عبدالله مسيبلي، نفس مشكلة فاضل في قهرمانة القصر، وكان من بين أعضاء الفرقة شاب وسيم مع الممثلين، هو عبدالفتاح إسماعيل -أمين الحزب بعذاك- الذي تطوع للقيام بالدور النسائي للفرقة العربية، وقد أطلعني المسيبلي على صور للعرض المسرحي الذي حقق نجاحًا ملحوظًا، ومثله إسماعيل مع غيره من الممثلين بدون أي إحراجات، وبتفهم ناضج!
أما مشكلة فرقة المصافي الكوميدية، فكانت محلولة منذ البداية، فمن بين أركانها وممثليها كان الممثل الذي احتكر دور المرأة هو الأخ محمد عبدالله عمير، المقيم حاليًا في أبوظبي!
في أزمة وندرة العنصر النسائي في الأزمنة المبكرة، لم نكن نحن وحدنا من يعاني منها وقتها، بل حتى مصر نفسها وبلدان في الشام وفي شمال إفريقيا الغربي! والدليل الشخصية الشهيرة جدًا لأم كامل الشامية التي كان يقوم بها رجل!
أما عمير في فرقة المصافي، فكان عالمًا قائمًا بذاته، لدرجة تجعلك بشكله المتقن الماكياج ولباسه وطريقة كلامه ورنة تون صوته، تصدق لدرجة كبيرة أنك أمام امرأة!
كان الارتجال في تمثيليات فرقة المصافي الكوميدية هو السائد، يدخلون وفي رؤوسهم فكرة عامة يتداولون فيها لدرجة تدهش حتى لويجي برانديللو، سيد مسرح الارتجال الإيطالي.. وينجحون... ومن أبرز نجاحاتهم اللعب باللهجات الدخيلة على اللغة العربية أو حتى العامية السوية بين الثنائي الصومالي والهندي، الحاج عمر الصومالي، والهندي الذي نسيت اسمه للأسف ينساه الموت!
وبعد.. كانت فرقة المصافي الكوميدية بجد رائدة متفردة بأدائها المرتجل بالكامل بلا عناء وبيسر مثير فعلًا للإعجاب.. ولم تكن فقط جزءًا من تاريخ المصافي وعدن الصغرى وحدها.. بل كانت جزءًا من تاريخ بلادنا المسرحي كله.
 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً