رحلت أمي... رحلت صديقتي، رحلت ابتسامتي، رحلت حبيبتي، رحلت روحي.
عرفت في حياتي رحيل الفجأة، وكانت فاجعة أبي -الله يرحمه- صدمة قاسية علينا جميعًا.
لكن هناك رحيلًا آخر وأقسى... رحيل القهر، رحيل أمي. أمي التي رحلت مكسورة القلب، مقهورة، ونحن عاجزون عن فعل شيء. هذا وجع... وجع أعسرين.
إحساس الفشل وأنا جنبها في العناية المركزة، كان قاتلًا... عجز الأطباء وهم حولها كان موجعًا. كنت عارفة أن لو رباب كانت معها، كانت هتغير حاجة... أي حاجة (ساعة الإنسان مكتوبة، ولا حد يقدر يقدم ثانية أو يؤخرها). لكن حتى بوجودنا كلنا حولها، ما قدرناش نزيح ألم القهر من روحها... طفيت شمعة أمي بغياب رباب...

يا رب، أنتَ قلت ما تجمعش بين عسرين... يا رب، أنتَ قلت ما تجمعش بين عسرين (هكذا كنت أناجي ربي بساحة المشفى، ومازلت أناجيه).
كان مفروض هذا رمضان يكون مع أمي... وهذا أول رمضان من غير رباب كمان (بعيد الشر عنها، وهي بحفظ الله ورعايته). كيف هيكون رمضان؟ كيف يكون شهر الخير والمسامحة وقلبنا موجوع ومقهور؟
والله إني أستحي أحزن أمي وأنا حاسة حزن رباب أقوى مني، وأستحي أبكي وأنا حاسة دموع أختي رباب أكثر مني...
جت عندي واحدة تتكلم على رباب وتعزيني، وسألتني: "إيش أشتي؟".
قلت لها: "أنا أشتي أختي رباب معانا عشان أعرف أحزن وتوحشني أمي"...
حتى الحزن... مش قادرين نحزن بالشكل اللي نريده. حزننا قهر... حزننا ألم.
أماه... يا أماه، روحتي عليا يا روح روحي. ربي قد هي جور علينا.
الله لا يطعم اللي نمر فيه لا للعدو ولا لصديق... ظلم ما بعده ظلم، وجرح ما له شفاء.
اللهم اغفر لها، وأسكنها فسيح جناتك، واجبر قلوبنا، وصبرنا. واجبر قلوبنا بوجود رباب معنا بحق هذه الأيام المباركة.