صنعاء 19C امطار خفيفة

التعطش للدماء الفلسطينية والإصرار الصهيوني على التوسع في المنطقة

يتردد على مسامعنا في هذا الظرف العصيب اتهامات رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" للشاباك (جهاز الأمن)، وقبله لوزير الدفاع المستقيل أو المقال، حول التقصير بمواجهة عملية "طوفان الأقصى" على مستوطنات غلاف غزة، في 7 أكتوبر 2023م... وتعتبر هذه الاتهامات مجرد تمثيل إسرائيلي لتغطية ما ارتكبوه من إبادة جماعية في قطاع غزة لعشرات الآلاف من الأطفال الخدج، والنساء، وكبار السن، يتجاوز عددهم 50 ألف شهيد، و110 آلاف مصاب، أكثر من 60% منهم في حالةخطيرة، وهناك أعداد أخرى أيضًا مطمورون تحت الأنقاض، ناهيك عن التدمير الممنهج للبنى التحتية الشاملة لمدن القطاع، وتجريف الشجر والحجر، واليوم تتكرر الإبادة والتدمير للضفة الغربية بلا رقيب ولا عتيد.

 
الجدير بالذكر، أن "نتنياهو" يتنصل من التزاماته في تبادل الرهائن بقطاع غزة مع حركة حماس وفقًا للاتفاق بين الجانبين برعاية قطرية ومصرية، والقائم على ثلاث مراحل، كل مرحلة تستغرق 42 يومًا. وما كادت المرحلة الأولى توشك أن تنتهي يوم 22 فبراير الجاري، وإذا بالجانب الإسرائيلي يوقف تسليم الأسرى الفلسطينيين بزعم المعاملة المهينة للرهائن الإسرائيليين قبل تسليمهم، وقد غاب عن "نتنياهو" ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيين في أقبية السجون الإسرائيلية من معاملة وحشية، بل باشر بالتهديد أيضًا بتوقيف التبادل للمرحلة الثانية منتحلًا شتى الذرائع.. وفي هذا الصدد، قررت الإدارة الأمريكية إرسال مندوبها "ويتكوف" إلى إسرائيل يوم 26 فبراير الجاري، لإقناع إسرائيل بالبدء في المرحلة الثانية.
مما لا يدع مجالًا للشك، أن الأمور ماتزال معقدة بالنسبة للقطاع، وأيضًا للضفة الغربية التي يمارس فيها "نتنياهو" أبشع ضروب الجرائم، من قتل وتدمير وطرد السكان من المدن والمخيمات، وكل ذلك يدور أمام مرأى ومسمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، رجل الصفقات والمشاريع الصهيونية في المنطقة.
حقيقة الأمر، إن ما يجري في القطاع والضفة لا ينبئ عن انسحاب إسرائيلي بالكامل، بقدر ما يتوقع تقطيعهما لبناء مستوطنات جديدة.
وما زاد الطين بلة، أن عدم التزام إسرائيل بالانسحاب من جنوب لبنان بموجب قرار مجلس الأمن 1705، يعود إلى ادعاء نتنياهو بحماية شمال إسرائيل.. كما أقدمت إسرائيل أيضًا على احتلال جزء من جنوب سوريا بذريعة واهية لحماية الدروز، ونتنياهو يعرف قبل غيره في الكيان الإسرائيلي، أن الدروز جزء أصيل من شعب سوريا، وكل العالم يذكر الأمير الدرزي سلطان الأطرش الذي قاد المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي في سوريا.
ويشار إلى أن التواجد الإسرائيلي في جنوب لبنان وجنوب سوريا، من المسائل التي ستفتح الأبواب مشرعة على مصراعيها لإشكالات جديدة في المنطقة، كما أن احتلال أراضٍ في قطاع غزة والضفة الغربية، يهدف أساسًا إلى تصفية القضية الفلسطينية.
في واقع الأمر، يعتبر نتنياهو أن الفرصة مؤاتية له بوجود الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتنفيذ الخطة التوسعية بطرد الفلسطينيين من أراضيهم، وإقامة الدولة الصهيونية بفلسطين كما خطط لها مؤسس الحركة الصهيونية ثيودور هرتزل، عام 1897م، ونفذتها بريطانيا بالتنسيق مع الدول الاستعمارية الأوروبية، ومباركة روسيا القيصرية، وتسليم الملف الفلسطيني بعد الانتداب البريطاني، للولايات المتحدة الأميركية في 15 مايو 1948م.
يقينًا، إن الأمور خطيرة جدًا، وكل أمل الشعوب العربية معقود على نتائج مؤتمر القمة العربية الطارئة التي تستضيفها مصر يوم 4 مارس 2025م، وما سيتمخض عنها من مواقف موحدة وحاسمة لمواجهة الهجمة الصهيونية التوسعية قبل استفحالها في المنطقة.
وذكرني هذا المشهد بأبيات من شعر علي محمود طه:
أخي جاوز الظالمون المدى
فحق الجهاد وحق الفدا
أنتركهم يغصبون العروبة
مجد الأبوة والسؤددا
أخي أيها العربي الأبي
أرى اليوم موعدنا لا الغدا
أخي إن في القدس أختًا لنا
أعد لها الذابحون المدى

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً