بتاريخ 13 يناير 2025، أصدر وزير التعليم العالي والبحث العلمي بدولة الكويت الشقيقة الدكتور نادر عبدالله محمد الجلال قراراً وزارياً برقم (2 / 2025)، قضى بإيقاف تسجيل والتحاق الطلبة الكويتيين بكافة المراحل الجامعية والدراسات العليا في جميع التخصصات بجامعة صنعاء، ويبدو أن رئاسة جامعة صنعاء وقياداتها الإدارية ومركز التطوير الأكاديمي وضمان الجودة بجامعة صنعاء، لم يعلموا بهذا القرار سوى من منشورات الفيسبوك، لذلك اقتصرت ردود فعل بعضهم على منشورات فيسبوكية غاضبة وانفعالية ومتشنجة، وهو أمر لا يليق بأي مواطن يمني تجاه دولة الكويت الشقيقة، ناهيك عن مسؤولين أكاديميين بجامعة صنعاء، التي أسستها دولة الكويت وظلت تصرف عليها منذ تأسيسها عام 1970 حتى الموقف المخزي للرئيس الأسبق علي عبدالله صالح عام 1990، الذي غلب فيه مصالحه الشخصية مع صدام حسين على المصلحة الوطنية للشعب اليمني مع دولة الكويت الشقيقة.
بغض النظر عن متطلبات العرفان بالجميل وقواعد اللياقة في التعامل، فإن موازين القوة والفاعلية الأكاديمية على المستويين الإقليمي والدولي تفرض علينا عدم استعداء مراكز صناعة القرار الأكاديمي في دولة الكويت الشقيقة، الذين يتمتعون بتأثير كبير على اتحاد الجامعات العربية، الرابطة الدولية للجامعات، الاتحاد العالمي للجامعات، واتحاد الجامعات الدولي وغيرها من المنظمات الدولية المعنية بالتعليم العالي.
إن القرار الذي اتخذه وزير التعليم العالي الكويتي هو حق خالص لدولة الكويت، فكل المؤسسات المعنية بالاعتماد الأكاديمي وضمان الجودة في مختلف دول العالم، تضع قوائم بالمؤسسات الأكاديمية التي لا تعترف بشهاداتها، بناءًا على معايير موضوعية، يتم مراجعتها وتحديثها سنوياً، أما نحن في اليمن فكانت الجمهورية العربية اليمنية حتى عام 1990 لا تعترف بالشهادات الصادرة من دول أوروبا الشرقية لأسباب سياسية، ومنذ عام 1990 تركنا الحبل على الغارب، وأصبحنا نعترف بشهادات صادرة عن مؤسسات أكاديمية لا تعترف بشهاداتها الدول التي توجد بها تلك المؤسسات.
سبق أن أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الكويتية قراراً أكاديمياً بتاريخ 14 مايو 2014، أوصى الطلاب الكويتيين الراغبين في الدراسة بالجمهورية اليمنية أن يلتحقوا ببرامج البكالوريوس والدراسات العليا بجامعة صنعاء فقط، وهنا أشير إلى ملاحظتين، الأولى تتعلق بالصياغة المهذبة التي صيغ بها القرار، حيث أوصى الطلاب الكويتيين بالالتحاق ببرامج جامعة صنعاء فقط، ولو كان المسؤول عن صياغة القرار يحمل حقداً وكراهية لليمن لصاغ عنوان القرار كالتالي: "قرار أكاديمي رقم .. بحظر التحاق الطلاب الكويتيين ببرامج الجامعات اليمنية باستثناء جامعة صنعاء"، أما الملاحظة الثانية فتتعلق برد فعل المؤسسات اليمنية المعنية بالتعليم العالي وفي مقدمها وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بنسختيها (الصنعانية والعدنية) ومجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم العالي تجاه القرار، حيث يساورني شك بأنها لم تسمع بهذا القرار حتى اليوم، لأنها تعاني قصوراً مؤسسياً، ولم يستطع القائمون عليها تطوير آليات شراكة مع مؤسسات التعليم العالي خارج اليمن، لتبادل المعلومات والخبرات، وهذه مصيبة، وإذا كانت قد سمعت بالقرار ولم تتخذ أي إجراءات بشأنه فالمصيبة أعظم.
إن ما ينبغي فعله حالياً هو تواصل وزارة التعليم العالي "الشرعية" بشكل عاجل مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الكويتية للاستفسار بشأن المعايير التي تم بناءًا عليها اتخاذ القرارين (القرار الوزاري رقم 2 / 2025 والقرار الأكاديمي بتاريخ 14 مايو 2014)، ومناقشتها، ووضع تصورات ومقترحات وسياسات لتجاوز جوانب القصور في المؤسسات الأكاديمية اليمنية، واستعادة ثقة المؤسسات الأكاديمية العربية والدولية بها، والتفاوض مع الحكومة الكويتية الشقيقة للحصول على مساعدات مالية لتحسين مستوى جودة التعليم العالي في اليمن.
بالتزامن مع التواصل مع وزارة التعليم العالي الكويتية، على مجلس الاعتماد الأكاديمي وضمان جودة التعليم العالي وعلى مجالس الجامعات تخصيص عدداً من اجتماعاتها القادمة لمناقشة موضوع ضمان الجودة واستعادة ثقة المؤسسات الأكاديمية العربية والدولية بالجامعات اليمنية، وعلى كل جامعة من الجامعات اليمنية تنظيم عدد من ورش العمل والمؤتمرات للارتقاء بمستوى جودة برامجها الأكاديمية، يدعى لها أكاديميون أكفاء وأصحاب خبرة وتجارب نوعية، عوض أسلوب "الصنو جنب الصنو وانت وخر كذاك" الذي اعتادت عليه قيادة الجامعات اليمنية، وضمان أعلى مستويات الحريات الأكاديمية للمشاركين، وأعلى مستويات الصدق والشفافية.