صنعاء 19C امطار خفيفة

الكابوس الأوروبي

2025-02-23

لا عجب إن كان الرئيس ترمب يدعم إنتخاب إمرأة متزوجة من إمرأة لرئاسة أكبر دولة أوروبية وفي بلاده يتمسك وبأقصى تشدد بـ"إعتماد الفطرة السليمة" وتعريف الجنس بذكر وأنثى، وقد استهل عهده بإصدار قرارات تنفيذية تحظر المثلية وتمنع النساء المتحولات من الخدمة في الجيش ومن المشاركات الرياضية.

 
إنه ترمب...!! وهو اليوم يحشد طاقات طاقمه المتنمر لتعزيز تموضعه كرأس حربة لليمين المتطرف في الغرب الأمريكي - الأوروبي.
وقد انتدب الصقور في إدارته إلى اوروبا للإعلان عن انقلابه العاصف والجذري على منظومة القيم والمؤسسات والمرجعيات التي تشكلت وسادت في مرحلة مابعد الحرب العالمية الثانية كأطر ناظمة وحاكمة للمجال العام في الغرب و"امريكا اولا".
ترامب
فقبل ايام اعلن نائبه جيه دي فانس، وهو الأكثر ترمبية من ترامب، في مؤتمر ميونيخ للأمن أنه"لا مصلحة لامريكا في ان تدافع عن القيم الأوروبية لأنها لا تشبه القيم الامريكية" وان اوروبا لم تعد تؤمن بالديمقراطية، ولا تصغي لاصوات مواطنيها وتمنع الأحزاب الرئيسية من تشكيل حكومات مع اليمين المتشدد!!
خلال زيارته لألمانيا لم يراع فانس ابسط قواعد اللياقة البروتكولية وبدلا من لقاء المجاملة المقرر مع المستشار الألماني اولاف شولتز استقبل في مكتبه اليس فيدل مرشحة حزب البديل الألماني - النانو نازي-في لقاء خاص ليؤكد دعم ادارته اللامحدود لصعود اليمين إلى الحكم في المانيا، وكان قد سبقه ايلون ماسك لإجراء اتصالات طويلة معها، وتكريس َمنصته"اكس" للترويج لها.
لقد كان خطاب فانس في ميونيخ صادما ومريعا للقادة الأوروبيين، وقد امعن في اهانتهم، وفي السياق كان قد سبقه وزير الدفاع الامريكي الجديد بيت هيغست بتفجير قنبلة مدوية بمقر حلف شمال الأطلسي حين اعلن ان الولايات المتحدة لم تعد معنية بحماية الأمن الأوروبي وان على الأوروبيين حماية امنهم بأنفسهم مؤكدا-بقنبلة اخرى من العيار الثقيل - ان امريكا لن تقبل بعضوية أوكرانيا في"الناتو" وان بوتين قد يحتفظ بالاراضي التي احتلها.
ولم ينقطع سيل التصريحات المهينة للقيادات الأوروبية وللرئيس المحبط زيلينسكي، وكان على النخب الليبرالية التقليدية ان تدرك، من اول وهلة، انها بإزاء انقلاب امريكي جذري، امني وعسكري وحضاري، تمارسه ادارة ترمب على الهواء مباشرة كونها تقف على ارضية واحده مع احزاب اليمين الشعبوي المناهض لقيم اوروبا التعددية والليبرلية وللهجرة، انه برنامج واحد.
انطلاقا من هذه الأرضية والبرنامج اصبح ترمب وصقور ادارته على تواصل مع زعماء اليمين الأوروبي، يشاركون في الادارة والتمويل للحملات الانتخابية، ويهندسون لخارطة جيوسياسية مختلفة تماما عن خارطة"النظام العالمي" لما بعد الحرب العالمية الثانية.
وعشية الانتخابات الالمانية تقصد فانس الجامح بإتجاه تحويل "الترمبية" الى عقيدة ايديولوجية التصريح بأن امريكا ستسحب جنودها وقواعدها من أوروبا، ومن المانيا خاصة حيث يقيم ٣٥الف جندي، والواضح ان كل هذه الخطابات تهدف إلى اشاعة المزيد من مناخات الاضطراب والتوتر والخوف التي تفرش السجادة الحمراء لليَمين المتطرف.
لقد صعدت الفاشية اواخر عشرينيات القرن الماضي حينما انهارت اسواق البورصة في أمريكا، وهاهي اليوم تتوثب لإكتساح اوروبا بتأثير صعود اليمين الأمريكي وهيمنته على البيت الابيض، ما يؤشر إلى ان خارطة الحدود المتعارف عليها في اوروبا والعالم لن تعود كما كانت عليه بعد اكتمال الربع الاول من الالفية الثالثة.
وكما في الأمس تترنح "النخب" اليوم ويلوذ جلها بجدار الإنكار لخارطة مثلث الرعب التي ترتسم امامها بعناد وهي تحمل عنوان تحالف:ترمبي-يميني اوروبي - بوتيني.
هناك من َيهمهم اليوم:انه"الكابوس الأوروبي".

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً