صنعاء 19C امطار خفيفة

ورطة أندرسون!

يعمل الإعلام السويدي، هذه الأيام، على إعادة تشكيل الصورة العامة في البلاد، وترميمها بطريقته الخاصة، وذلك بعد أن أقدم شخص سويدي يدعى ريكارد أندرسون، على قتل عشرة أشخاص من خلفيات مهاجرة، أثناء تلقيهم التعليم في إحدى المدارس بمدينة أوربرو، وسط السويد. في هذا السياق، لجأ التلفزيون السويدي إلى الاستعانة بمذيعين ومذيعات من أصول أجنبية، لا سيما من إفريقيا والشرق الأوسط، حتى إن المتابع قد يصاب بالحيرة، ويتساءل: هل هذا هو التلفزيون السويدي أم تلفزيون إحدى دول إفريقيا؟ وذلك في محاولة لإبراز التنوع والانفتاح. في المقابل، تم تسليط الضوء بشكل مكثف على الحالة النفسية للقاتل، رغم امتلاكه أكثر من رخصة لحمل أسلحة صيد، مما يثير تساؤلات حول معايير منح تراخيص الأسلحة للأفراد الذين يعانون من اضطرابات نفسية.
في الوقت ذاته، امتلأت التغطية الإعلامية بمفردات مثل "المجرم" و"العمل الإجرامي"، مع إصرار واضح على نفي أي دوافع أيديولوجية للجريمة، رغم أن القاتل هتف قبل إطلاق النار: "غادروا أوروبا!"، وهي عبارة تنطوي بوضوح على دلالة عنصرية. ورغم ذلك، تجنبت وسائل الإعلام تمامًا استخدام توصيفات مثل "عنصري"، "متطرف"، أو "إرهابي"، مما يعكس ازدواجية واضحة في التعامل مع مثل هذه الجرائم وفقًا لهوية مرتكبها.
أسهمت العزلة الجغرافية التي تتمتع بها دول إسكندنافيا، بشكل كبير، في تكوين نوع من الانعزال الثقافي عن العديد من شعوب العالم، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط. وقد أدى ذلك إلى تطوير هوية ثقافية واجتماعية مستقلة، متأثرة بالظروف المناخية والاقتصادية الخاصة بهذه الدول.
ومع موجات الهجرة الإنسانية خلال السنوات الأخيرة، وجد سكان هذه المنطقة أنفسهم أمام واقع جديد يتطلب منهم التكيف مع ثقافات وتقاليد مختلفة تمامًا عن تلك التي اعتادوا عليها. لم يكن هذا التحول مجرد تغيير ديموغرافي، بل فرض تحديات اجتماعية واقتصادية عميقة، إذ أصبحت فكرة التنوع الثقافي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية.
من أبرز التغيرات التي واجهها المجتمع الإسكندنافي تأثير الهجرة على مفهوم الرفاهية، الذي لطالما كان جزءًا أساسيًا من الهوية الاجتماعية والاقتصادية لهذه الدول. فقد أدت التحولات الاقتصادية الناجمة عن موجات الهجرة، إلى جانب بعض السلوكيات الجديدة التي حملها الوافدون، إلى إعادة تشكيل التصورات حول الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. وقد أثار هذا الأمر جدلًا واسعًا حول كيفية التوفيق بين الحفاظ على القيم التقليدية وتحقيق اندماج ناجح للقادمين الجدد، في ظل تحديات اقتصادية متزايدة.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً