صنعاء 19C امطار خفيفة

أستاذ التصحيح

2025-02-02
أستاذ التصحيح
عبدالأله القدسي (منصات التواصل)
عبدالإله القُدسي، أستاذٌ في التصحيح اللغوي. بل هو "فقيه لغوي" كتسمية الكاتب الأستاذ عبدالباري طاهر.
جابه السرطان والفشل الكلوي، وصارعهما وحيدًا، حتى تمكنا منه، بمؤازرةٍ من خذلانٍ وعجزٍ. فأسلم روحه إلى بارئها، مُنهيًا حياةً امتلأت بؤسًا وغربةً بمعناهما الأشمل.
 
الأديب والمثقف الراحل كان صديق أديب اليمن الأكبر والأشهر عبدالله البردوني، وكاتبه، ومن رواد مجلسه.
تزاملنا سنواتٍ، وعشنا معًا رحلة عملٍ ممتدةً ومتقطعةً، عرفته خلالها محبًا للحياة، بشوشًا ضحوكًا مرحًا، يواجه الأسى بالنكتة، ويتعامل مع صعوبات العيش وقسوة الأيام ببساطة التهامي المسالم، وبصبرٍ وعزةٍ نادرين.
تناقشنا في مجال المهنة، وفي غير ذلك من المجالات. اتفقنا كثيرًا في الآراء والمواقف، وقلَّما اختلفنا. والاختلاف في الرأي يُفسح للزمالة والود مكانًا ومكانة.
تعلمتُ منه الكثير، وبكثيرٍ من الامتنان والتقدير، وقليلًا ما عارضته، ولكنْ بمودةٍ واحترام.
كان أكبرَ مني سنًا، وأوسعَ علمًا، وأكثرَ خبرةً، وأقدمَ عملًا. وكنت رئيس قسم التصحيح اللغوي في صحيفة "الأولى".
لم أمارسْ عليه صلاحيات الرئاسة، أو أنلِ امتيازاتها دونًا عنه، ولا أشعرته يومًا بكونه مرؤوسًا.
في المقابل، لم يُبدِ يومًا امتعاضًا أو تذمرًا، استياءً أو سخطًا، ولم يفصحْ عن أحقيته في الترؤّس، لأيِّ اعتبارٍ، وكل الاعتبارات، ربما، في صفه.
كنا، فقط، نؤدي عملنا، وننجز مهامنا بتكاملٍ وتناغمٍ وتفاهم.
إني، لا شك، حزينٌ حزنًا جمًا، ولا أعلم لوجعي مدىً، أو لقهري حدًا، ولا أدري أية غصةٍ أعاقتني، فعجزتُ عن كتابة أكثر من هذا في رثاء ونعي أستاذي وزميلي عبدالإله القدسي؛ لروحه الرحمة والسلام، وعظيم الصبر لقلوب أهله ومحبيه.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً