يتناول عبدالعزيز البغدادي في مقاله المذكور آنفًا مفهوم جريمة تلقين الأديان والأفكار والأيديولوجيات، مشيرًا إلى أن التلقين الديني يبدأ منذ ميلاد الطفل، ويستمر طوال حياته، مما يستلب عقول الأفراد في المجتمعات التي لا تُحترم فيها حرية الإنسان. يعتبر التلقين الديني اعتداءً على القدرات الذهنية للطفل، ويتطلب رسم سياسة تعليمية وطنية واضحة تعتمد على مؤتمر وطني يشارك فيه متخصصون.
يشدد البغدادي على أهمية الحرية كعنصر أساسي لبناء جيل المستقبل، ويعتبر التلقين الديني اعتداءً على حرية الفرد في الاعتقاد، سواء في المنزل أو المدرسة. يرى أن التعليم يجب أن يكون خاضعًا لإرادة الشعب، وليس سلطة سياسية معينة، وأن أية سلطة لا يحق لها التفرد بتحديد المناهج التعليمية.
كما يناقش آثار التلقين الديني، مشيرًا إلى تأثيره على الحرية الفكرية للأطفال وثقافة الإرهاب في المجتمع. يعتبر البغدادي أن التلقين الديني يشكل إخصاءً معنويًا للأطفال، ويقوض قدرتهم على التفكير المستقل، مما يؤدي إلى تفشي ثقافة الإكراه والعنف. ويختتم بالقول إن جريمة التلقين الديني هي جريمة جسيمة مستمرة، تستمر طالما يستمر التلقين.
مناقشة المقال:
يقدم المقال تحليلًا عميقًا لمشكلة التلقين الديني، مسلطًا الضوء على آثارها السلبية على الأفراد والمجتمع. يُعتبر التلقين الديني شكلًا من أشكال انتهاك الحرية الفردية، مما يتطلب إعادة التفكير في السياسات التعليمية.
القاضي العلامة عبدالعزيز البغدادي يؤكد على أهمية الحرية كقيمة أساسية لبناء مجتمع متماسك، وهو ما يتفق مع العديد من الاتجاهات الفكرية الحديثة التي تدعو إلى التعليم النقدي والمستقل.
ومع ذلك، قد يتطلب النقاش حول التلقين الديني التمييز بين الأديان كأنظمة عقائدية، وبين كيفية تقديمها للأفراد، إذ يمكن أن يكون هناك طرق تعليمية تعزز من التفكير النقدي بدلًا من التلقين الأعمى.
والمقال يبرز أهمية الوعي المجتمعي في مواجهة التحديات المرتبطة بالتلقين الديني، وهو ما يتطلب جهودًا جماعية من جميع أفراد المجتمع.
والمجددون المعاصرون، ومنهم الأستاذ الإمام "محمد عبده" و"جمال الدين الإفغاني" و"مالك بن نبي" و"طه حسين" و"محمد إقبال" و"علي شريعتي" و"محمد باقر الصدر"، هؤلاء جاؤوا للتخلص من الدين الوراثي دين السلف والعادة: هذا ما عهدنا عليه آباءنا وإنا على آثارهم مقتدون.
فالأشياء الوراثية كلها متشابهة؛ لأن وراثة الأديان تكون متساوية، ويؤكد هذا حديث "كل مولود يولد على الفطرة، وإنما أبواه يهودانه أو ينصرانه"؛ فالدين الذي يتخذ وراثة وسنة واعتيادًا، هو دين آلي وعادة من غير علم و"بصيرة كيف كان ومهما كان"؛ هو دين مردود لا فرق بين أن يكون أو لا يكون.
لا فرق بين الأديان المتوارثة، فأتباعها مقلدون، وجميع المجددين الذين أشرنا إليهم آنفًا، تطلعوا إلى البحث عن "الدين الأرقى من العلم"، لا الدين الوراثي الذي تلقاه الخلف عن السلف وراثة؛ ولقن تلقينًا، وهذه هي علة الأديان، وعلة استمرار إرسال الرسل.
وتطلعوا إلى جيل واعٍ يرفض هذه السنن والخصائص الموروثة اللاعقلانية، ولا يستمع إليها، وإن لم يكن قد ألقاها في سلة المهملات بعد؛ فإنه سيلقيها غدًا، هذا شيء محتوم تقتضيه سنة التطور.
وقد تطلع المفكرون المعاصرون واختطوا سيرًا للأجيال القادمة التي تستمر على السنن البالية اللاعقلانية التي حملت إليهم، فيرفضها كلها أولًا؛ ثم يصل إلى مرحلة فارغة تمامًا؛ هي الوجل والاضطراب والبحث والريبة والحاجة إلى كشف الصراط المستقيم حسب "علي شريعتي"، وفي النهاية سيجد الطريق المستقيم.
ويقول علي شريعتي: "إن اكتشاف الدين بعد رفض سننه الوراثية المتحجرة؛ هو الشيء الذي يتطلع إليه الجيل الحالي، بل على مستوى العالم؛ إن الدين الذي تطلعوا إلى تحقيقه وحملوا رسالته، هو الدين الأرقى من العلم، الذي يتجاوز الفلسفة والعلم والصنعة، هو دين العلم والمعرفة.
بالطبع! إليك المقترحات والتحديات بشكل سردي بدون ترقيم.
المقترحات العملية لتغيير المناهج الدراسية لتجنب التلقين:
تتضمن تطوير المناهج بحيث تشمل مواد تشجع على التفكير النقدي، مثل دراسات الحالة والمشاريع البحثية والنقاشات الجماعية. يجب توفير تدريب شامل للمعلمين حول أساليب التعليم التفاعلي، مما يمكّنهم من استخدام تقنيات التعليم النشط. من المهم إدراج الأنشطة الصفية التي تشجع الطلاب على التعبير عن آرائهم ومناقشة الأفكار بشكل مفتوح. يمكن دمج التكنولوجيا في التعليم من خلال المنصات التعليمية الإلكترونية، مما يعزز التعلم الذاتي والتفاعلي.
يجب التركيز على التقييم المستمر الذي يقيم قدرة الطلاب على التفكير النقدي وحل المشكلات بدلًا من الاعتماد فقط على الاختبارات التقليدية. من الضروري تعزيز مفهوم التعلم الذاتي من خلال تقديم موارد تعليمية إضافية، مثل المكتبات الرقمية والدورات عبر الإنترنت. يجب دمج المواد الدراسية بحيث يتعلم الطلاب كيفية ربط المفاهيم من مجالات مختلفة، مما يعزز التفكير النقدي.
تتضمن المناهج أيضًا محتوى يركز على القيم الإنسانية مثل التسامح واحترام الآخر، لتطوير شخصية الطالب. ينبغي تشجيع مشاركة المجتمع المحلي وأولياء الأمور في تطوير المناهج، مما يعزز الوعي بالقيم والمبادئ المجتمعية. من المهم إجراء دراسات دورية لتقييم فاعلية المناهج، وتعديلها بناءً على التغذية الراجعة.
التحديات الرئيسية التي تواجه تطبيق هذه المقترحات:
تشمل مقاومة التغيير التي قد يواجهها المعلمون والإداريون، بخاصة إذا كانوا معتادين على أساليب تعليمية تقليدية. هناك أيضًا نقص في البرامج التدريبية التي تُعنى بتطوير مهارات المعلمين في أساليب التعليم التفاعلي. يحتاج تطوير المناهج والتقنيات التعليمية إلى استثمار مالي كبير، وقد تكون الميزانيات غير كافية.
تعتبر البنية التحتية التكنولوجية غير كافية في بعض المناطق، مما يعوق استخدام التكنولوجيا في التعليم. قد تكون بعض المجتمعات محافظة، مما يؤثر على قبول المناهج الجديدة. يتطلب تطوير المناهج الجديدة توافقًا مع المعايير الوطنية والدولية، مما قد يكون تحديًا.
هناك ضغط على المدارس لتقديم نتائج عالية في الاختبارات التقليدية، مما يؤثر على التركيز على التفكير النقدي. يختلف مستوى الطلاب في الصفوف، مما يجعل من الصعب تطبيق أساليب تعليمية موحدة. قد تفتقر المدارس إلى الموارد التعليمية اللازمة، مثل الكتب والمواد الدراسية. أخيرًا، قد تكون أنظمة التقييم الحالية غير متوافقة مع المناهج الجديدة، مما يتطلب تطوير آليات تقييم جديدة.