كلنا كمتابعين ومراقبين للمايسترو الشاب محمد القحوم، نعرف جيدًا أن بداياته الأولى في أعماله الفنية، كانت جميعها من فنون مسقط رأسه حضرموت، ولا نرى أية غرابة في ذلك، فكل من سبقوه من أبناء حضرموت من فنانين كانت بداياتهم من هنا من حضرموت، وهناك أمثلة كثيرة، ولنا في ذلك الفنان الكبير عبدالرب إدريس، فقد بدأ ظهوره الأول كفنان من مدينة المكلا، وكان يحيي حفلات الزواج والأعراس بالمكلا وخارج المكلا، وبعدها طارت شهرته كفنان، وحصل على بعثة دراسية واصل فيها دراسته إلى أن حصل على شهادة الدكتوراه.
اليوم، نرى البعض ممن لا يروق لهم ما يقدمه المايسترو القحوم من مقطوعات فنية جميلة، تغطي مساحات واسعة من الفنون اليمنية، هؤلاء الناس على قلتهم فإن اعتراضهم وعدم رضاهم ليس على رداءة هذه الفنون التي يقتحمها هذا الشاب بكل إتقان لم يسبقه أحد من قبل، بل على توسع القحوم وتغطيته لفنون أماكن كثيرة من أرض اليمن الغني بالتراث والفنون الشعبية الجميلة، فهم يريدون من القحوم عدم التوسع إلى فنون إلا الفنون الحضرمية، ولا يرون في القحوم إلا فنانًا حضرميًا بحتًا، متناسين أن الفنون ملتقى الشعوب ومحل تقاربهم.
لهؤلاء المعارضين وغير الراضين نقول: أليس من الإجحاف والظلم ألا يكون للغناء الصنعاني وجود في أعمال القحوم؟ والغناء الصنعاني كما هو معروف للجميع موغل في القدم، وله مبدعون من الشعار الكبار المعروفين بنتاجاتهم الشعرية ذات الامتداد التاريخي البعيد.
وخذ على ذلك أغاني الشاعر الكبير الراحل يحيى عمر اليافعي أبو معجب، هذا الشاعر الذي كان له الفضل الكبير بعد الله في انتشار الأغنية اليمنية في دول الخليج.
شخصيًا، في أكثر من تواصل مع أخينا المايسترو القحوم، فاتحته في الاقتراب من فنوننا وتراثنا المشقاصي ساحل حضرموت الشرقي، هذا التراث والفنون المتنوعة الغزارة، وصاحبة البعد التاريخي، فكانت مجمل ردوده إيجابية، وأبدى إعجابه بهذه الفنون، ووعدني بالمجيء شخصيًا إلى أرض المشقاص، لكي يتعرف عن قرب على هذه الفنون التي نجزم القول إنها ستعجبه كثيرًا، كيف لا وهي من أخذ منها كبار الفنانين، وعلى ألحانها كانت البدايات اللحنية للشاعر الراحل الكبير حسين أبو بكر المحضار.
اقتراب الشاب المايسترو القحوم لفنوننا المشقاصية، هو من اهتماماتنا كمحبين لتراث أرضنا، أرض المشقاص، وهي محل الترتيب، ولكن للآن لم يكتب لنا شرف زيارته لنا، ومع ذلك لم نلمه بحكم كثرة أعماله وانشغاله الدائم، وسننتظره إلى أن يأتي بشحمه ولحمه للمشقاص.
أخونا محمد متفهم ومتجاوب إلى أبعد الحدود، فهو يعرف أنه أتى لخدمة هذه الفنون في أرض اليمن، وليس كما يتوهم البعض أنه أتى لإظهار الفنون الحضرمية، مع أنه أعطى الفنون الحضرمية الشيء الكثير، وسيظل يعطيها إلى آخر رمق.
محمد القحوم موسيقي شامل، ورسالته واضحة أنها رسالة شاملة للجميع دون استثناء، فكل الفنون اليمنية ستنال نصيبها من التطوير الموسيقي الأوركسترالي الذي يصبغه هذا الشاب الرائع بتلك الآلات الموسيقية الجميلة.
لهذا نقول اتركوا الشتائم وحب الذات، ودعونا ندعمه الدعم الذي يعود بالمنفعة علينا جميعًا، بل بكل ما من شأنه أن يظهر فنوننا في أجمل وأحلى حلة بقوالب أوركسترالية محببة لمن يسمعها.
أكرر: ساعدوه وأعينوه لكي يظهر هذه الفنون في أماكن بعيدة.