صنعاء 19C امطار خفيفة

امبعاله

2025-01-25
"على طريق امبعاله يا رجل شلي حذاش! الحزب ربى كوادر وأشيد ربى كباش!"، كانت ذروة تناحرات الجبهة القومية بلغت مداها الأقصى في أحداث 13 يناير الدموية المؤسفة.. انشق حزب الجبهة القومية الذي عرف بالاشراكي اليمني، إلى نصفين، اتخذ المهزومون فيه طريقهم نحو الشمال إلى صنعاء.. عسكريون ومدنيون سلكوا طريق امبعاله إلى هناك.. وفي طليعتهم كان الضابط العسكري والقيادي الحزبي عبد ربه الدنبوع (الصورة)، وضعهم الرئيس علي صالح في معسكر هناك.. ومن هناك بدأ الدنبوع أولى خطوات خيانته لحزبه وبلده الجنوبي، بالانضمام إلى مؤتمر صالح الشعبي العام، ومعه كثيرون من أتباع الخيانة، ناشدوا الرئيس علي ناصر الانضمام لهم، لكنه رفض.. وفي لمح البصر تحولوا إلى ركن من أركان حكم صالح، وأداة قمع فاعلة ضد جنوب اليمن.. وللأمانة فقد كان كل عدوان قام به صالح ضد الجنوب، يتم بامتياز بأيدٍ جنوبية تابعة لسلطته!
عبدربه منصور هادي
ولما تمت الوحدة، اصطف رجال امبعاله مع صالح ضد رجال البيض الذين جاؤوا للوحدة! وتوجت خلافات الوحدة بين الشطرين بحرب 1994م، لغزو عدن التي اختير الدنبوع نفسه ورجال امبعاله لخوضها مع تحالف إرهابيي حزب الإصلاح وعساكر صالح. ولأن طريق الخيانة إذا بدأ لا يتوقف عند أي حد، فقد أتقنه الدنبوع، وبرع فيه، وأدمنه!
ونتيجة لانتصار الغزاة، كافأ صالح دنبوعه بترقيته في ركلة إلى أعلى، وجعله نائبًا له.. وتلك كانت طامة اليمن الكبرى التي جلبت عليها ما توالى من النكبات الجسام!
وجرت مياه كثيرة تحت الجسور.. ووصلنا إلى مصيبة ما عرف بثورات الربيع العربي سيئة الصيت.. وتفاقم الاحتجاجات الداخلية ضد نظام صالح، والتي انضم إليها أقرب المقربين منه، وعلى رأسهم علي محسن الأحمر، وحزب إصلاحه الإرهابي العميل! وفتكت رصاصات صالح بعشرات المعارضين، ووصل نظام صالح إلى نقطة اللاعودة، فتولت المملكة العربية السعودية المتمرسة في ويلات اليمن ونكباته، ممارسة الضغوط مع مجلسها الخليجي التابع، على الرئيس صالح ليتنحى عن الحكم لصالح نائبه الدنبوع.. وبعد مشاورات ومداولات وأخذ ورد وتمنع قوي من صالح، قدمت له حوافز ومغريات ووعود وحصانة مع القبول ببقائه زعيمًا لحزبه الفاعل المؤتمر الشعبي العام.. قبل صالح مرغمًا، وهو يضمر الانتقام من الدولة التي أمضى ربع قرن في ترسيخ بنيانها.. إما أنا.. وإلا الطوفان...!
قرر صالح أن يتناول على مهل وجبة الانتقام باردة كما يقتضي الحال، وتنازل.. ووضعت لنا السعودية على كرسي الرئاسة النائب عبد ربه منصور هادي الدنبوع، في عملية كارثية من أشد ما حل باليمن من المحن طوال تاريخها المعاصر.. وكان ذلك المسمار الأول في نعش الدولة اليمنية، والذي لم تبرأ من ويلاته إلى ساعتنا المنحوسة هذه!
عين الدنبوع رئيسًا لليمن.. وبقي نائبًا لسيده وولي نعمته صالح في مؤتمرهما الشعبي العام.. ولما دقت عقارب وأجراس لحظة الانتقام.. تحالف صالح مع الحوثيين الذين بدأوا زحفهم على صنعاء، ولم يواجهوا أية مقاومة، ودون أن تطلق ضدهم رصاصة اعتراض واحدة!
ما لكم يا عبد ربه؟ قال سيدي قال لي...!
ولكنك أنت رئيس البلاد! أجاب وسيدي هو رئيسي في حزبنا العظيم.
وقد تعامل صالح في ما مضى مع قول مشابه أطلقه الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، حين قال: صحيح هو رئيسي في البلاد.. لكنني رئيسه في القبيلة!
وتتلاقى الأحزان العظيمة.. وجه الدنبوع كل قطاعات البلاد المدنية والعسكرية، بعدم اعتراض تقدم الحوثي وزحفه.. وسلم لهم مفاتيح الدخول.. وتمددوا وسيطروا على العاصمة بسهولة، وبدعم قوات البلاد الخاضعة لسيطرة صالح الذي وظفها لحلفه مع الحوثي!
ما لكم يا عبد ربه؟ قال: قالوا لي إنهم جماعة دعوية! لا يا شيخ.. وكلامه مسجل صوتًا وصورة شاهدناه كلنا!
وبدأ الدنبوع حوارًا عبثيًا شديد البلاهة مع الحوثيين، بحضور رجالهم وكراكيسه، وبقيادة أممية تولاها مغربي تافه عن الأمم المتحدة! ونطقها الدنبوع هكذا: الحااواار ومخرجات الحااااواااار. والله يستر على المخبى.. خلال جلسات ذلك الحاواار التافه، كانت جماعة الحوثي بمساندة قوات المنتقم صالح، تحكم سيطرتها على العاصمة، وتخطط لاجتياح بقية البلاد اليمنية!
وأسفرت مخرجات ذلك الحاوااار التافه الغبي، عن إجبار الدنبوع على إقالة الحكومة، فأقالها.. ثم اسفرت عن إجباره هو على الاستقالة، فقدمها بسهالة ويسر كما يليق بأي متآمر خائن جبان وعميل! وجلس لا يلوي على شيء، ولا يدري ما يقول أو يفعل، إلى أن أنجدته السعودية مرة أخرى في إطار نكبتها لنا.. ونقلته في ذل ومهانة، لتقذفنا به في عدن، حيث استقر في معاشيق تحت حراسة مشددة.. ومن هناك باشر إجرامه المدمر ضد عدن التي تمرس في إيذائها طوال تاريخه الإجرامي العميل.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً