صنعاء 19C امطار خفيفة

قراءة في صفقة وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل

 بذلت كل من دولتي مصر وقطر مساعيهما الحميدة، وتمكنتا من التوصل إلى وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل، بعد 470 يومًا، بموجب صفقة متكاملة تقوم على ثلاث مراحل.

 
بدأت المرحلة الأولى يوم 19 يناير 2025م، وتستغرق 42 يومًا بتبادل 33 محتجزًا إسرائيليًا مقابل 1890 أسيرًا فلسطينيًا، بالإضافة إلى متطلبات المرحلة تشمل إدخال المساعدات الغذائية والإنسانية لأهالي قطاع غزة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل جهز الإسرائيليون أنفسهم للانسحاب الكامل من قطاع غزة بعد أن ينتهي تبادل الرهائن في المراحل الثلاث، أم أنهم سيختلقون أعذارًا واهية كعادتهم؟
الجدير بالذكر، أن المشهد المريع الذي ارتكبته إسرائيل في قطاع غزة، يعتبر إبادة جماعية للإنسان والحيوان والشجر، وتدمير المنازل وتجريف الشوارع ومزارع الزيتون والحمضيات، وتدمير كل شيء جميل.. إنه بالفعل مشهد مخيف يصور الفناء وبشاعة الإنسان على هذه البسيطة... الخ.
وتقدر الإحصائيات أن عدد الشهداء 47 ألف شهيد، معظمهم من الخدج والأطفال والنساء وكبار السن، أما المصابون فيتجاوزون الـ110 آلاف مصاب، نصف عددهم إصاباتهم بالغة.. علمًا أن هذه الإحصائيات قابلة للارتفاع كونها لم تشمل جثث المحروقين والمطمورين تحت أنقاض المباني والمزارع... الخ.
إن الشيء بالشيء يذكر، وسيظل التاريخ يذكرنا بما حدث من جرائم يندى لها جبين الإنسانية أثناء الغزو الاستعماري للعالم الجديد (أمريكا)، وكذا أستراليا، وبابوي نيو غينيا، ونيوزيلند، وجنوب شرق آسيا، وقارة إفريقيا، والفتك بالملايين من السكان الأصليين Aborigines واحتلال ديارهم، فضلًا عما رافق الحقبة الاستعمارية من رق وعبودية من منطلق "إن القوة هي الحق".
حقيقة، إن المستعمر الغربي الصهيوني من خلال إقامة دولة إسرائيل قبل 76 عامًا (1948م)، في فلسطين العربية، يهدف إلى الحؤول دون التقاء بلدان الشرق العربي الآسيوي بغربها العربي الإفريقي، لأن ما يجمع العرب من تاريخ وجغرافيا وقيم ومثل وإمكانيات، تعيدهم في وقت قصير إلى وحدتهم، وإلى ميدان التنافس الاقتصادي والحضاري بكل جدارة واستحقاق.
وأعود بحديثي من جديد لكيلا أذهب بعيدًا عن صلب الموضوع، مؤكدًا أن بداية 7 أكتوبر المعروف بطوفان الأقصى، وبما يحمله من مهام وطنية ونبيلة للمقاومة تصديًا للعدوان الصهيوني المستمر على المسجد الأقصى الشريف والأراضي الفلسطينية في غزة والقدس الشرقية ومدن الضفة الغربية، إلا أنه لم يكن بكفة متوازنة مع عدو غاشم مدجج بالأسلحة الفتاكة، فاقد الرحمة وأخلاق الحروب، وكانت النتيجة للأسف ان أهالي القطاع تكبدوا أضعافًا مضاعفة من الآلام والأحزان والمعاناة.
وبكل تأكيد، إن الشعوب العربية والإسلامية والمحبة السلام، تترقب بفارغ الصبر انتهاء المرحلة الأولى من صفقة التبادل ومتطلباتها بسلام وأمان، على أمل تنفيذ الانسحاب الإسرائيلي الكامل في المرحلتين الثانية والثالثة، وعسى الله أن يفرجها على أهالي قطاع غزة المبتلين بقصف العدوان والمجاعة والزمهرير وهطول الأمطار على خيامهم البلاستيكية في هذا الشتاء القارس.
قمين بالذكر، أن صفقة تبادل المحتجزين والأسرى يشبهها محللون سياسيون بالجبنة السويسرية المخرمة، نظرًا لعدم تقديم ضمانات واضحة من قبل الراعي الأجنبي، للضغط على إسرائيل في تنفيذ مراحل الصفقة دون اختلاق مشاكل، وبخاصة بعد المرحلة الأولى، نظرًا لعدم رغبة إسرائيل في الانسحاب الكامل من قطاع غزة، وإصرارها على البقاء على طول الحدود الشرقية للقطاع، وكذا التواجد العسكري في محور فيلادلفيا، ومحور نتساريم، ومعبر رفح، بهدف تطويق غزة، وفرض الحصار على أهاليها، وربما اقتطاع مساحة من شمال القطاع.
أما في ما يتعلق بالضفة الغربية، فالموضوع شائك جدًا، ويتضح أن لإسرائيل مزيدًا من الأطماع في الضفة الغربية، إذ قامت باحتلال مساحة 20 دونمًا في عدوانها الأخير على الضفة لإنشاء مستوطنات ومنتجعات جديدة.
في واقع الأمر، إن الجهود المبذولة المستمرة من قبل مصر وقطر، محمودة الجانب، وتستحق التقدير، وبخاصة في متابعة وقف إطلاق النار، وتبادل المحتجزين والأسرى، وعملية الانسحاب، وإدخال المساعدات الإنسانية في المرحلة الأولى، وأملهما معقود أيضًا بإنجاز المرحلتين الثانية والثالثة وفقًا للبرنامج الزمني المعد لذلك.
وعلى الإخوة الفلسطينيين توحيد صفوفهم في هذا الظرف العصيب، تحت راية السلطة الفلسطينية المعترف بها دوليًا، مما يتيح لهم الفرصة موحدين أمام المجتمع الدولي للمطالبة بإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. فالوضع لا يحتمل التسويف.
ندعو الله الرحمة للشهداء، والشفاء العاجل للمصابين.
عاشت فلسطين عربية دائمًا وأبدًا...

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً