ودّعت محافظة حضرموت ومدينة سيئون، الخميس الماضي، 16 رجب 1446هـ الموافق 16 يناير 2025م، إحدى رموزها النسائية الصالحات، المعلمة الشيخة آسية بنت سالم بن أحمد حسان، التي وافتها المنية عن عمر ناهز المائة عام، بعد حياة طويلة حافلة بالعطاء والتفاني في خدمة الدين والمجتمع.
وُلدت الفقيدة عام 1918م في مدينة سيئون، وكرّست أكثر من نصف قرن من حياتها في تعليم القرآن الكريم والقاعدة النورانية وأساسيات اللغة العربية للنساء والأطفال.
منذ شبابها، خصصت المعلمة آسية وقتها وفرغت نفسها لتعليم القرآن الكريم وأساسيات اللغة العربية، إذ كانت من أوائل معلمي القاعدة البغدادية "النورانية"، أسست مدرسة قرآنية في منزلها "بسوق الحوطة" حي التحالف سابقًا (حي الحوطة حاليًا) بمدينة سيئون، ووفّرت بيئة تعليمية للفتيات والنساء والأطفال بهدف تمكينهم من تعلم كتاب الله، وتلقي العلوم الدينية واللغوية.
كما كانت تُلقي دروسًا في القرآن الكريم للنساء في مسجد المؤمنات، حيث أصبحت أيقونة للعلم والمعرفة في مجتمعها السيئوني، وليصبح اسمها علامة بارزة في مسيرة تعليم الفتاة والتعليم الديني بالمحافظة.
الفقيدة هي ابنة أحد أعلام سيئون البارزين، الشيخ سالم بن أحمد حسان.
وقد نشأت في بيئة دينية وعلمية وثقافية، أسرة المشايخ آل حسان، عرفت بالصلاح والتفقه في الدين والتصوف وإصلاح ذات البين، فقد كان منهم علماء أجلاء فقهاء وقضاة.
أسرة تقدّر التعليم، وتؤمن بأن العلم هو أساس بناء المجتمعات.
حفظت القرآن الكريم في صغرها، وعلى مدى أكثر من خمسين عامًا، خرجت الشيخة آسية أجيالًا من الطلاب والطالبات الذين أصبحوا اليوم نخبًا في مواقع قيادية متنوعة.
كان تأثيرها يتجاوز التعليم التقليدي ليغرس قيم الدين الحنيف وحب العلم في نفوس طلابها، مما جعلها رمزًا خالدًا في ذاكرة كل من عرفها أو تتلمذ على يديها.
تميزت المعلمة آسية بحياة ملؤها الزهد والتقوى، إذ كانت نموذجًا حيًا للمدرسة الحضرمية الدينية التي تجمع بين العلم والعمل، مع تركيزها على أهمية المعرفة كوسيلة لبناء أجيال صالحة ومجتمع واعٍ.
برحيلها، تفقد حضرموت شخصية نسوية استثنائية وامرأة صالحة لم تألُ جهدًا في خدمة الدين والمجتمع.
رحم الله المعلمة آسية، وأسكنها فسيح جناته، وجزاها خيرًا عن كل ما قدّمته لبناتها ولأبنائها ومجتمعها.
نتقدم بأحر التعازي وصادق المواساة لأهلها وأحفادها وذويها، سائلين الله أن يتغمدها بواسع رحمته ويسكنها فسيح جناته، ويلهمهم الصبر والسلوان، وأن يخلفها بخلف صالح.
إنا لله وإنا إليه راجعون.
19 رجب 1446هـ الموافق 19يناير 2025م