"أحرقنا الإعلام ألف مرة، تعرضنا لإرهاب وحولتنا الفضائيات ومواقع التواصل إلى قتلة ومجرمين". تحدث لـ"النداء" المواطن عبد القوي أحمد عبد الفتاح (55 عامًا) الموقوف لدى الشرطة على خلفية حريق في صالة شقة سكنية مؤجرة في عمارة مملوكة لشقيقه في حي المطار القديم بمدينة تعز، مضيفًا: "أطالب الجهات الأمنية بسرعة إحالة ملف القضية إلى النيابة وأدعو عبر النداء وسائل الإعلام إلى تحري الدقة في النشر. أنا وأولادي وأسرتي في خطر".

بعد منتصف ليلة السبت الماضي، وقعت حادثة حريق في صالة شقة سكنية، وتحولت إلى قضية رأي عام تناقلتها وسائل إعلام عربية ودولية، إذ وجهت وسائل الإعلام اتهامًا لملاك العمارة بالقيام بإحراق شقة الجندي الجريح "المستأجر" وزعمت أن الحادثة مرتبطة بجشع المؤجرين وطمعهم في المال وعلى خلفية رفض المستأجر دفع إيجار مضاعف وبالعملة الأجنبية.

أظهر التعاطي الإعلامي للحادثة بشاعة إضافية، تجاوزت رفع الإيجارات إلى حد إحراق المستأجرين والتنكيل بهم مع أطفالهم. ساهم الإعلام الأمني التابع لشرطة تعز في تقديم رسالة سلبية بالحديث عن ضبط واحد ممن وصفهم بالمشتبهين قبل استكمال التحقيقات في الحادثة.

مصدر أمني قال لـ"النداء" إن الجهات الأمنية تعرضت لضغط إعلامي كبير عقب الحادثة واضطرت لإبلاغ الرأي العام عن جهودها في ضبط أحد المشتبهين، لكن التحقيقات لم تستكمل بعد. المصدر الذي فضل حجب هويته أكد أن حادثة الحريق وقعت داخل الشقة وليس من خارجها، مرجحًا أن تكون مفتعلة. رجال الأمن يستعجلون نشر إنجازاتهم وبطولاتهم الخارقة!

صباح أمس الأربعاء، وجهت نيابة مديرية التعزية شرطة المديرية بسرعة إرسال القضية. أكد لـ"النداء" وكيل نيابة التعزية القاضي علي السلمي أن القضية لم ترسل من الشرطة بعد، وأن قضية أخرى سابقة أرسلتها شرطة المطار يوم أمس الأول الثلاثاء.

بلغ التوتر بين المؤجر والمستأجر ووصل إلى قيام الجندي المستأجر بنشر صور نجل مالك العمارة في الحي، معتبرًا إياه مطلوبًا أمنيًا.

أطل (مستأجر الشقة) جريح الحرب المجند في أحد الألوية غير النظامية على الحدود اليمنية السعودية على قنوات فضائية وقال إن صالة الشقة التي استأجرها قبل سنوات تعرضت لإحراق بعد منتصف الليل من قبل ملاك العمارة، مشيرًا إلى تعرضه وزوجته وبناته لإصابات نتيجة "الحريق المتعمد".

حمود أحمد عبد الفتاح، شقيق مالك العمارة، قال لـ"النداء" إنه لم يعد يجرؤ على مغادرة منزله بسبب التعاطي الإعلامي حول الحادثة. يضيف: "تعاطفت أسرتنا مع المستأجر قبل ثلاث سنوات كونه من أصحاب البلاد ولم نكن نعلم أننا سنواجه مشكلة أسوأ من تلك التي قال إن المستأجر افتعلها مع مالك مسكن مجاور اضطر أن يدفع له مبلغ 300 ألف ريال مقابل خروجه من المسكن. ما أشيع أننا طلبنا إيجارًا بالعملة السعودية غير صحيح"، مشيرًا إلى آخر عقد إيجار شهري للشقة بمبلغ 25 ألف ريال.

أتت حادثة حريق شقة حي المطار قبل يوم واحد من قرار أصدره محافظ محافظة تعز نص على ضوابط خاصة بالقيمة الإيجارية للشقق والمساكن، القضية التي أثقلت كاهل المواطنين، سيما الموظفين الحكوميين مع تدهور صرف العملة الوطنية وفقدان الريال نحو 90% من قيمته مقارنة بالعام 2014م.

لجأ ملاك العمارة إلى القضاء بعد رفض المستأجر دفع إيجارات 8 أشهر. يقول المحامي الشرعبي لـ"النداء" إن ملاك العمارة توجهوا إلى محكمة غرب تعز ورفعوا دعوى قضائية لإخلاء الشقة وإلزام المستأجر بدفع الإيجارات السابقة. أظهرت الدعوى المقدمة إلى المحكمة أن التأجير شمل مجلسًا وصالة وحمامًا (جزء من شقة كبيرة). وفقًا للمحامي الشرعبي، فإن حادثة الحريق أتت بعد يوم واحد من أولى جلسات المحكمة للنظر في القضية.