مصفوفة الاستحقاقات التي أقر خطتها مجلس القيادة في دورته الأخيرة، تعني الكثير لمحافظة حضرموت ولأهلها في جوانب مختلفة. تضع هذه المصفوفة الحقوقية حضرموت على أعتاب مرحلة غير مسبوقة، ليرتفع عن عاتقها الغبن وظلم السياسي والاقتصادي والثقافي الذي عانت منه لأكثر من ستة عقود، كانت حضرموت خلالها تعطي ولا تأخذ، لقد دُمرت اقتصاديًا وثقافيًا، وفُطمت عن امتداداتها الجغرافية الواسعة، خارج حدود الوطن، وكان أولى أن تُستثمَر هذه الروابط لصناعة علاقات تعود بالفائدة للوطن عمومًا.
لقد غُيبت حضرموت عن صناعة القرار طوال هذه السنين العجاف، لتصبح مجرد مقطورة من قبل شرذمة قادت البلد إلى المجاهل السحيقة، وكان أولى أن تكون هي القاطرة لكل مزاياها، وقد سقطت في هذا الشّرك بعد أن استهداف عنوة جهازيها الأمني والعسكري، واستهدفت نخبها عمومًا بطرق مختلفة وقذرة.
بعد الوحدة تم البدء باستخراج النفط، ولكنه يُضخ بطرق بدائية متخلفة رخيصة لم ترحم هذه الطرق البيئة والإنسان والحيوان، وجراء هذا التلوث ظهرت أعداد هائلة من الأمراض الخطرة مثل السرطانات وأمراض القلب والفشل الكلوي والتليف الكبدي، دون رعاية أو اهتمام بنتائج هذه الكوارث التي تتحمل مسؤوليتها شركة بترومسيلة بإدارتها التي تنحاز إلى لصوص الوطن، ووزعت لهم حقول النفط إلى إقطاعيات خاصة.
لم يعانِ رجالات أية منطقة في الجمهورية مطلقًا مثل ما عاناه رجالات وسياسيو حضرموت، كان يُتعمد الإساءة إليهم وهم في أعلى مستويات الدولة حتى اليوم، ويكون ذلك أيضًا تحت قبة البرلمان، ليس لأي سبب، إلا لأنهم من أبناء حضرموت، بل لعل كل رئيس وزراء من حضرموت قد تعُمدت إهانته، ناهيك عمن هم دونهم مرتبة في جهاز الدولة، فضلًا عن رجال المال والأعمال الذين يتم ابتزازهم وتنفيرهم تباعًا.
دعني أسرد لك عزيزي (سالفة) وقعت لي في العاصمة صنعاء، مفادها أن مدير مكتب رئيسنا في العمل، طلب مني مساعدته لمعالجة أمر تغيير لوحتي سيارته التي اشتراها من حضرموت. قال لي بأن رجال المرور في العاصمة صنعاء كثيرًا ما يوقفونه في الرصيف لغرض ابتزازه، عندما يجدون اسم حضرموت على شاخصة سيارته. قلت له كل سائقي السيارات الوافدة من حضرموت يعانون أكثر مما عانيت، ذلك لأن معاناتك تنتهي بمجرد أن يعرف رجل المرور أنك لست بحضرمي، ليكف عنك الخطاب.
ما يحصل في عدن أسوأ من ذلك بكثير، كون المضايقة تكون في الوظيفة العامة وفي الأملاك والعقارات والأراضي الخاصة بالحضارم. لذلك فقد هجر المستثمرون الحضارمة عدن إلى قبلة أخرى.
نُقدِّر بإجلال الجهود الجبارة التي بذلتها قيادات مؤتمر حضرموت الجامع وحلف قبائل حضرموت منذ تأسيسهما، وبالخصوص مرابطتهم الأخيرة في أعلى هضبة في حضرموت، وفي أطول وأقسى شتاء عرفته المحافظة على الإطلاق.
لم يستكينوا ولم يهنوا. كل ذلك من أجل كرامة حضرموت التي أراد الأشرار النيل منها. ولا أستثني من ذلك الشباب الذين لبوا نداء الهبة الأولى والثانية التي كان لها الأثر في إنجاز هذه الاستحقاقات. كما أن الحكمة البالغة التي اتسم بها محافظنا الكريم وقائد الحلف والمؤتمر الجامع وبالخصوص قائد نضال حضرموت في استعادة كرامتها ونيل مطالبها العادلة المقدم عمرو بن حبريش العليي.
نعم لقد تحققت أهداف عظيمة في مساق تحقيق كل الحقوق. كل ذلك تحقق بوجود قيادة جماهيرية تحملت مسؤولية الدفاع عن الوطن كابرًا عن كابر، لقد استشهد ثلاثة من عمومة عمرو في أهم ثلاث جولات في الجنوب في عدن والمكلا وسيئون، لقد وقف آباء هؤلاء بحق أمام أعتى قوة عرفها العالم، وقد كانوا هم رمز النضال ضد بريطانيا مع مقادمة آل جابر في رسب وبن عبدات في منطقة الغرفة، هؤلاء هم المناضلون الحقيقيون الذين سُرِقت نضالاتهم كما تسرق اليوم أرضهم وخيرات بلدهم.
المثل يقول: الذي ليس له كبير يشتري له كبير، ونحن في حضرموت ولله الحمد والمنة قد وجدنا ضالتنا في المؤتمر الجامع وحلف قبائل حضرموت بقيادة عمرو بن حبريش الذي رضع مكارم الفروسية منذ نعومة أظافره، وخَبر السياسة ودهاليزها، ليصبح ولاؤه بحق لحضرموت على العكس تمامًا مما يقوله السياسيون الذين ولاؤهم فقط لأحزابهم قبل أي ولاء. لو لم يكن لدينا جامع وحلف، ولو لم يكن هناك اعتصامات وتصعيدات، لكان نصيبنا من الاضطهاد والتعسف أسوأ من أهل التهائم الذين تحولوا من ملاك إلى أجراء في أراضيهم.
لعل رئيس مجلس القيادة السيد رشاد العليمي أدرك أن أمان حضرموت واستقرارها هو أمان لليمن عمومًا والجنوب خصوصًا. وليس العكس، كما يروِّج له الجهلة المتعصبون.
كل ما علينا اليوم هو التعامل مع هذه الفرصة بمصداقية مؤسساتية، ننطلق منها في بناء نهضتنا المنشودة التي حُرمنا منها، لنلحق بمن سبقنا في مركب العدالة الاجتماعية، لتحقيق مجتمع أكثر تمدنًا ونماءً.