انقضى عام 2024 م بمآسيه على المنطقة العربية كما هو الحال بالنسبة لسابقيه من أعوام، فقد سادت حالة عدم استقرار، وتدخلات دولية بشؤونها الداخلية، وما من شك أنها ستنسحب بأبعادها على مجريات هذا العام (2025م)، بصورة أكثر حدة، نلخصها بما يلي:
1. إن تواجد الدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، في المنطقة العربية، سيظل قائمًا وبقوة للحد من أي تواجد لقوى دولية منافسة نظرًا لما تكتنزه من احتياطيات هائلة من النفط، والغاز، واليورانيوم، والبلوتونيوم، والمعادن الثمينة، ناهيك عن موقعها الاستراتيجي المتميز، وتاريخها العريق (مهد الحضارات، والأديان السماوية، والتراث العالمي).
2. بروز قوتين عظميين على الساحة الدولية، هما: الصين وروسيا الاتحادية وتحالفهما مع دول أخرى باسم تحالف شنغهاي، والبريكس اقتصاديًا، وأمنيًا، وعسكريًا، إلى جانب الرغبة الصينية في إحياء طريق الحرير القديم، وتبوؤ الزعامة الاقتصادية، وإنهاء القطبية الأحادية للنظام العالمي الجديد الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية منذ انهيار النظام الاشتراكي "حلف وارسو" بقيادة الاتحاد السوفييتي، أمام "النظام الرأسمالي"، في 26 ديسمبر 1991م، بعد سبعين عامًا من التنافس الاقتصادي والصراع على مناطق نفوذ في آسيا، وإفريقيا، وأميركا اللاتينية.
حقيقة الأمر، إن التحالف الاستعماري الصهيوني الغربي يهدف، وبكل الوسائل، إلى عدم تمكين المارد الصيني أو أي تحالفات من إحراز قصب السبق الاقتصادي في القرن الحادي والعشرين.
وبناء عليه، صاغت الولايات المتحدة الأمريكية مشروع خارطة الشرق الأوسط الجديد، بغية الهيمنة على مصدر الثروة، والتربع على عرش الاقتصاد العالمي في القرن الـ21، دون منافس.
3. ممارسة الضغط الأمريكي على إيران بحظر امتلاك السلاح النووي، والصواريخ الباليستيكية التي تحمل رؤوسًا نووية.. مع العلم أنه قد بلغ تخصيب اليورانيوم المنضد نحو ستين% أو يزيد.. وكذا العمل على تحجيم الدور الإيراني في المنطقة.
4. إطلاق العنان للتوسع الإسرائيلي في فلسطين المحتلة وبعض دول المنطقة، وإقامة علاقة تطبيع، ليكون لإسرائيل دور فاعل في القرن الحادي العشرين على مستوى المنطقة.
5. تقسيم بعض دول المنطقة إلى دويلات، ولعل هذا العام سيكشف عن أمور كثيرة لا تخطر ببال.
6. تسارع الأحداث، في حين لم تحسم الدول العربية أمرها تجاه التدخلات الخارجية، وهي القادرة بإمكاناتها ومقدراتها، أن تتجاوز ما يتربص بها من أخطار محدقة، وما يلاحظ حتى مطلع هذا العام التباينات في المواقف العربية.
7. إن المشكلة الكبرى التي تجابه السلطة الفلسطينية بعد الاعتراف بها كسلطة شرعية وفقًا لاتفاق أوسلو 1، الموقع في واشنطن، في 13 سبتمبر 1991م، واتفاقية أوسلو 2 الموقعة في طابا، في 28 سبتمبر 1995م، تكمن في عدم موافقة الفصائل الفلسطينية على دمجها في إدارة السلطة، الأمر الذي أثر على قدرة السلطة الفلسطينية في أن تمضي قدمًا وبزخم أمام دول العالم للمطالبة بالاعتراف بها كدولة ذات سيادة على أراضيها، رغم الجهود التي بذلتها وماتزال، ومعها الدول العربية، في المنابر الدولية والإقليمية، للمطالبة بإقامة الدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، والتي حظيت بتأييد 135 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبما يقارب ثلثي أعضاء الأمم المتحدة.. وتشير التوقعات إلى أنه سيتقرر في هذا العام مصير الدولة الفلسطينية، وعلى الفصائل المسلحة أن تسارع بالانضمام إلى السلطة الفلسطينية، لكي يبقى العمل الفلسطيني موحدًا. إن آلة الزمن تمضي سريعًا، والتباطؤ لا يخدم قيام الدولة الفلسطينية.
وختامًا، إن الأوضاع في اليمن لا تبشر بخير إذا ما استمرت الأحوال تراوح مكانها بين الأفرقاء اليمنيين. وبالتالي، فإن التقسيم -لا سمح الله- وارد، كما أن التدخلات الخارجية في شؤون اليمن ستتواجد بصورة تحالفات واسعة في هذا العام (2025م)، بذريعة مكافحة الإرهاب، وحماية التجارة العالمية، وناقلات النفط العملاقة، وليس من المستبعد احتلال جزر وموانئ يمنية، ما لم يقدر الأفرقاء اليمنيون خطورة الوضع، قبل فوات الأوان.
إن الشعب اليمني في حالة قلق دائم، وأيديهم مرفوعة إلى السماء بالدعاء، بأن يلطف الله باليمن من عوادي الزمن.