عندما كان الباحث عبدالغني الكناني يقوم بجمع معلومات حول حادثة اغتيال الرئيس الحمدي، وَجدَ أنَّ المؤسسات الإعلامية اليمنية ووسائلها المرئية والمقروءة والمسموعة، لم تتعاون معه في توفير أخبار مرحلة حكم الحمدي، وما نُشرَ وتَمَّ تناوله إنما كان في يوم حادثة اغتيال الحمدي في الصحف: اليمنية، والعربية، والأجنبية.
وَجدَ الباحث صعوبةً في الحصول على المعلومات المؤكدة في ما يتعلق بحقيقة خبر الاغتيال التي طالت الرئيس الحمدي وأخيه عبدالله محمد الحمدي الذي أكد حوار نُشِرَ في إحدى الصحف اليمنية، أنَّ المقدم عبدالله الحمدي استُدرِجَ للحضور إلى منزل الغشمي عبر قائد قبلي كان صديقًا حميمًا لبيت الحمدي؛ وهذا الرجل يُدعَى قطينة، وقد أقنع المقدم عبدالله الحمدي بضرورة الحضور لاستلام سيارات تابعة للجيش تم شراؤها من ألمانيا، وكانت رئاسة الأركان قررت تسليم عدد قليل من تلك السيارات للواء الذي يقوده المقدم عبدالله الحمدي في ذمار؛ وهو لواء الصاعقة.
وفي الوقت ذاته، تحدثت أسرة الرئيس الحمدي أنَّ أحمد عبده سعيد، الذي كان وزيرًا في عهد الحمدي، وجلس مع الحمدي في منزله لمدة ساعة، وكان قد كُلِّفَ من الغشمي ومن معه بضرورة حضور الرئيس إلى منزل الغشمي؛ لتبديد الإشاعات التي تتحدث عن خلافات بين الرئيس ونائبه، وقام أحمد عبده سعيد بدوره بإقناع الحمدي بأنْ يكون الموقف موحدًا قبل الزيارة التاريخية المرتقبة للرئيس الحمدي إلى عدن؛ لتوقيع اتفاقيات الوحدة.
حضر الحمدي إلى منزل الغشمي بعد اتصال من الأخير لتناول الغداء في مناسبة وداع الوزير عبدالسلام محمد مقبل القباطي، الذي أشيع يومها أنه سيتعين سفيرًا لليمن في إحدى الدول الأوروبية.
تبقى على الباحث أن يتواصل مع أرشيف الدول الأجنبية التي تناولت الحادث، بعد بحثه في أرشيف الدول العربية، كما كان عليه أن يتناول حادث مقتل الحمدي في مذكرات الأستاذ أحمد محمد الحربي، والأستاذ جار الله عمر، ومذكرات الأستاذ النعمان، ومذكرات الرئيس الإرياني، ومذكرات الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني، ومذكرات الدكتور عبدالكريم الإرياني، ومذكرات الدكتور محسن العيني، ومذكرات الدكتور حسن مكي، ومذكرات عبدالله عبدالعالم، ومذكرات الدكتور قاسم سلام، ومذكرات الشيخ مجاهد القهالي؛ ففي هذه المذكرات سيجد الباحث شذورًا أو قِطعًا عن حقيقة اغتيال الرئيس الحمدي، ولن يبقى عليه حينها سوى تجميعها وإعادة تركيبها؛ ليتمكن القارئ بعد قراءة تلك المذكرات من معرفة الجناة ومن يقف وراءهم.
وكان عليه أيضًا أن يفتش عن رجال تلك المرحلة من جميع الأحزاب والقوى السياسية؛ ليجري معهم حوارات وتحقيقات صحفية تستكمل نواقص الطبعة الأولى التي أُوقفت بسبب الحرب، بالإضافة إلى ما تضمنه حوار اللواء علي محسن الأحمر الذي بثته «قناة سهيل» في فترة الثورة الشبابية الشعبية السلمية اليمنية، وكذلك الحوار الذي بثته نفس القناة مع اللواء نصار علي حسين الزبيري، الرئيس المحتمل لحركة الشهيد عيسى محمد سيف ورفاقه، ثم يتجه إلى تلخيص محتوى فيلم «الغداء الأخير» الذي قامت «قناة الجزيرة» بإعداده ونشره، وكذا الاستفادة مما نشرته وسائل الإعلام المختلفة في اليمن، بما فيها وسائل إعلام الحوثي التي أسهبت في الحديث عن اغتيال الرئيس الحمدي عقب اغتيال الرئيس علي عبدالله صالح؛ ففي هذه الحوارات والأحاديث والمذكرات والصحف والمجلات التي نشرت الخبر يومها، سيتمكن القارئ من اكتشاف الحقيقة الغائبة عن هذا الحادث المؤلم الذي مثَّلَ اغتيالًا للمشروع الوطني التقدمي في اليمن الجمهوري؛ والذي أدى اغتياله إلى أن يدفع اليمن الجمهوري ثمنًا غاليًا إزاء هذا العمل الخسيس والجبان.