كشف الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن سلسلة من المخالفات والخروقات التي ارتكبتها شركة بترومسيلة، التي تأسست في عام 2011 لتشغيل قطاع 14 النفطي بمنطقة المسيلة. وأوضح في تقرير صادر عنه أن الشركة تجاوزت مهامها الأساسية في تطوير الصناعة النفطية واتجهت إلى مشاريع أخرى مثل المقاولات والمشاريع الإنشائية.
وأشار التقرير إلى غياب الشفافية في أعمال الشركة، حيث لم يتم عرض برامج أعمالها وموازناتها السنوية، وما زالت المعلومات المالية محجوبة عن وزارة النفط والهيئة العامة لاستكشاف وإنتاج النفط.
وأكد التقرير أن الشركة لم تخضع لأي رقابة أو إشراف من وزارة النفط أو الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، ولم تقدم أي موازنة سنوية من جهة تدقيق معتمدة خلال فترة عملها المستمرة منذ 13 عامًا.
كما أشار التقرير إلى تجاوز الشركة نطاق عملياتها المحددة في قرار الإنشاء بالقطاع 14 ليشمل قطاعات نفطية أخرى، وتأسيس شركات في سلطنة عمان وجزر الباهاما بأسماء مختلفة دون وجود ما يؤكد ملكيتها للدولة.
ومن بين المخالفات التي تضمنها التقرير، دفع شركة بترومسيلة مبلغ 7 ملايين دولار لشراء 15% من حصة المقاول في قطاع رقم 5، مقابل تحمل جزء من التزاماته المالية للحكومة وأطراف أخرى، والتي تقدر بمئات الملايين من الدولارات، رغم أن مالك الحصة كان يعرضها دون مقابل.
وذكر التقرير أن الشركة قامت بتصدير النفط الخام من القطاعات الجاهزة والمنتجة في حضرموت، محققة نحو 30 مليون دولار عن كل شحنة، بإجمالي 1.2 مليار دولار، تم تحويلها إلى حساباتها في الخارج. وأوضح التقرير أن التكاليف التشغيلية اقتصرت على الرواتب والمصروفات الأخرى، والتي لا تتجاوز 25% من قيمة النفط المباع، مما يثير تساؤلات حول مصير الإيرادات المتبقية.
وأعرب التقرير عن استغرابه لعدم وجود مكتب للشركة في العاصمة المؤقتة عدن، حيث لا يزال مكتبها الرئيسي في صنعاء الخاضعة لسلطة المليشيات الحوثية.
ولاحظ التقرير أن شركة بترومسيلة هي الشركة الوطنية الوحيدة التي حصلت على 6 قطاعات إنتاجية مقارنة بالشركات الوطنية الأخرى، رغم عدم وجود نتائج ملموسة في تطوير قطاعاتها أو زيادة إنتاجها.
وأشار التقرير إلى قيام الشركة بحفر آبار دون الحصول على الموافقات اللازمة من هيئة استكشاف وإنتاج النفط، مما أدى إلى خسائر مالية كبيرة تقدر بعشرات الملايين.
الشركة تنفي
بدورها نفت شركة بترومسيلة ما تردد عن قيامها بفتح شركة خاصة في مدينة صلالة بسلطنة عمان برأسمال مليار ريال عماني. وأكدت أن ما تم تسجيله في صلالة هو مكتب لوجستي يهدف إلى تجميع المعدات والمواد المستوردة لأغراض العمليات، ثم نقلها براً إلى اليمن، نظراً لصعوبة التوريد البحري.
وأوضحت الشركة في بيان تلقت "النداء" نسخة منه، أن المكتب اللوجستي مسجل رسمياً لدى الجهات المختصة في سلطنة عمان، وأنه مملوك بالكامل للحكومة اليمنية. وأكدت أن جميع إجراءاتها تهدف إلى حماية أموال وثروات الدولة.
ولم ترد الشركة على الاتهامات المتعلقة بعمليات الفساد المهولة والتحاوزات المالية والادارية الأخرى التي تضمنها تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وتقارير رسمية اخرى.
ملاحقة أمنية
الى ذلك، وجه مجلس القيادة الرئاسي بإحالة كافة القضايا المنظورة امام الأجهزة الرقابية الى السلطة القضائية لاتخاذ إجراءاتها وفقا للقوانين النافذة، ومتابعة المتهمين المتواجدين في الداخل عبر الاجهزة المختصة، والمتهمين خارج البلاد عبر الانتربول الدولي.
وعلى الرغم من تراخي السلطات المعنية في معالجة عدد من قضايا الفساد التي مضى على بعضها أكثر من عامين، إلا أن مراقبين اعتبروا وقوف الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي أمام هذه القضايا وتفعيل إجراءات المحاسبة ومكافحة الفساد خطوة إيجابية تستدعي الاستمرار بها وإظهار نتائجها للعلن.
وكانت "النداء" نشرت في وقت سابق تقريراً تناول توغل الفساد في قطاع النفط والمعادن، وما نتج عنه من إهدار للثروة النفطية وعبث بحقول الإنتاج.