صنعاء 19C امطار خفيفة

طائرة حنين وأغنيتها

2025-01-01
تعلمت حنين في سنتها الرابعة الدراسية كيف تصنعُ طائرةً من الورق، وعندما اكتملت طائرتُها الورقية؛ كَتبتْ على جناحها عبارةً مَا، فقالت لها المعلمة:
"يا لها من طائرة جميلة! أرى أنَّكِ كتبتِ على جناحها كلامًا، فما رأيك أن تشاركينا ما كتبتِ؟".
أحنت حنين رأسَهَا، وقالت بصوتٍ خفيض لا يكاد يُسمَع:
لا أستطيع أنْ أقولَ لكم؛ هذا سِرّ!
ابتسمت المعلمة متعجبةً من رَدِّها الغريب، إلا أنَّ حنينَ أدارت وجهها، ومسحتْ دمعةً ترقرقت على خدِّهَا الصغير.
 مر يوم، وشهر، وعام، وأعوام، وحنين تصحو مع إشراقِة الشمس، تَمْشُطُ شعرَهَا الأسودَ الطويل، وتغسلُ وجَهَها المُدوَّر مِثلَ حَبَّةِ كرز، ثم تبدأ بصنع طائرةٍ صغيرة، وتشرع في الغناء.
كانت تكتبُ على جناح الطائرة كُلَّ مرة شيئًا مختلفًا: حرفًا أو حرفين، كلمةً أو كلمتين، جُملةً أو جملتين، ثُمَّ تُرسلُهَا مع الريح.
في أحد الأيام، هبت ريحٌ عاصفةٌ قَويَّة؛ فتجمعت كُلُّ طائراتها الورقية الصغيرة، لتصبحَ طائرةً كبيرةً جِدًّا.
حَلَّقتْ عاليًا عاليًا، فوق المُدُن والصحارى، فوق الأنهار والبحار، فوق التِّلال والجبال؛ حتى وصلت أخيرًا إلى القلعة السوداء؛ في أعالي الجبلِ البعيد.
حامت الطائرة في سَماءِ القلعة، فيما هَزِجَت الريحُ بأغنيةِ حنين.
فَزِعَ الجنود، واستولت عليهم الدهشة، ومن شدة رُعْبهِم، بحثوا عن مخبأٍ لهم، فلم يجدوا مكانًا مناسبًا ليختبئوا فيه سوى السجون.
خرج الأسرى من سجونهم فرحين متهللين؛ فقد كانوا يعرفون الأغنية جيدًا؛ إنها أغنية العودة للديار.
نفضت الطائرة الكلمات الملتصقة على أجنحتها؛ فهطلت آلاف الرسائل. التقطها السجناءُ بلهفة. قرأوها، وضموها إلى قلوبهم.
وجد والدُ حنين رسالةً بخط يدها؛ تقول له فيها:
أشتاقُ إليك كثيرًا يا أبي! كُلَّ يومٍ يمرُّ أنتظر عودتك، فمتى تعود؟
صعد الأسرى كُلُّهُمْ على متن الطائرة التي أشرعت أجنحتها الكبيرة، وعادت بهم إلى الديار.
 
(قصة للأطفال +9 سنوات)
 
 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً