أثار مشروع قانون "الآلية الاستثنائية المؤقتة لدعم فاتورة مرتبات موظفي الدولة"، الذي أعلنته سلطات الحوثيين في صنعاء، جدلاً واسعاً في اليمن. وفيما يرى البعض أنه خطوة إيجابية لمعالجة مشكلة انقطاع مرتبات موظفي وحدات الخدمة العامة، اعتبره آخرون محاولة جديدة للحوثيين للسيطرة على إيرادات الوحدات المستقلة والمؤسسات الإيرادية.
يقوم مشروع القانون، الذي يستعد برلمان صنعاء لإقراره، على تحويل أموال المؤسسات الإيرادية والصناديق المستقلة إلى حساب استثنائي مخصص لدفع مرتبات موظفي الدولة. يتكون القانون من 19 مادة، ويتحدث عن حشد الموارد المالية اللازمة لتوفير جزء من المرتبات، وترشيد الإنفاق، دون التطرق إلى عائدات النفط والغاز أو إيرادات الضرائب والقيمة المضافة، مما يثير تساؤلات حول الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد المالية.
المساواة في الظلم
وفقاً لمسودة مشروع القانون - اطلعت "النداء" على نسخة منها - فإن من أبرز أهدافه ضمان توزيع عادل للدخل الشهري بين جميع موظفي الدولة. برلمانيون قالوا إن هذا البند وضع على قاعدة "المساواة في الظلم عدالة"، بمعنى أن حكومة الحوثيين ستحرم موظفي المؤسسات الإيرادية والصناديق المستقلة من رواتبهم الشهرية التي لم تتوقف خلال السنوات الماضية، وسيتم صرف نصف راتب شهرياً لموظفي القطاعات الإيرادية، أسوة ببقية الموظفين.
يمكن القول هنا إن الحوثيين قد وجدوا طريقة مبتكرة لتحقيق العدالة بين الموظفين، وذلك من خلال ضمان أن الجميع سيعاني بالتساوي من نقص المرتبات والموارد!
النائب في برلمان صنعاء، عبده بشر، وصف مشروع القانون بالقول: "ظاهره الرحمة وباطنه العذاب"، مضيفاً أن القانون يهدف إلى مصادرة أموال الوحدات المستقلة والصناديق، والنتيجة صرف نصف مرتب كل شهر في أحسن الأحوال.
وبعبارات دينية تخلوا من التوصيفات القانونية ورد في المادة (11) من مشروع القانون "تبرأ ذمة الحكومة بعد الصرف" بموجب كشوفات آخر مرتب منصرف من الحكومة قبل صدور هذا القانون ووفقاً لتقييم إنجاز وانضباط الشهر السابق للصرف. وتعليقاً على ذلك قال المحامي عبدالفتاح الوشلي: "ما فهمته من هذا القانون وهو واضح جداً أن حكومة المؤمنين تبيت شراً لموظفي الدولة بالتحايل على مرتباتهم السابقة التي ستصرف كتعويضات عند الاتفاق على خارطة الطريق للسلام في اليمن".
تفوض المادة (8) من مشروع القانون وزير المالية بتحديد الوحدات الإيرادية وسحب أرصدتها لدى البنوك. وتعفي المادة (9) الحكومة من أي التزامات لاحقة، وتنص على أن المبالغ التي يتم مصادرتها من المؤسسات الإيرادية لا تعتبر قرضاً أو ديناً على الحكومة. النائب عبده بشر علق قائلاً: "يعني نهب عيني عينك؟ وبقانون؟".
مشروع القانون يتضمن أيضاً نصاً يلغي قوانين ونصوصاً سابقة متعلقة بمرتبات الموظفين وحقوقهم. وبالمقابل لم يتطرق إلى معالجة وضع آلاف الموظفين الذين تم إقصاؤهم من وظائفهم أو تعرضوا للفصل التعسفي من سلطة الحوثيين بعد العام 2014، مما يعني أن الجزء الأكبر من الأموال سيذهب لصالح الموظفين الجدد الذين تم إحلالهم من قبل الحوثيين.
من أجل ذلك يرى مختصون أن قانون الآلية الاستثنائية يفتقر إلى الشفافية والنوايا الحسنة في معالجة مشكلة انقطاع المرتبات. وهو ما يؤكده النائب أحمد سيف حاشد، الذي قال في تدوينة على منصة إكس: "لا توجد حلول حقيقية ولا حقوق حتى في حدها الأدنى.. ما زال موظفونا يراوحون في منطقة الهامش أو عطاء الصدقة".