الله موجود، إذن الأمور تسير بتدبير متقن من عنده، على مستوى أوسع وأشمل. والسلطة بشكلها الحالي وتشعباتها ليست مطمعًا شخصيًا، أو غاية بحد ذاتها، لأي شخص يحترم ذاته، ويقدر تضحيات الناس وتطلعاتهم، في وقت لم تؤمن فيه جموع الناس بعد، أو الأغلب، بمشروع التغيير والتصحيح والبناء.
الإدارة، الدولة، قضية تهم كل الناس. حينما يستشعر الناس ذلك ويبدأ التحرك على هذا الأساس، تتحول فكرة التغيير والتصحيح إلى مشروع عام وضاغط، يتجاوز كل المشاريع الصغيرة والعبثية الداخلية والخارجية، ويختار إطاره الحقيقي والوطني الذي ينصهر فيه الجميع دون تمييز أو إقصاء، مع احترام التنوع وحرية الفكر والإبداع في مسار التحول الإيجابي نحو الدولة الجامعة.
يكفي مغامرات... صحيح أن الوضع صعب ومعقد وبحاجة لعملية إنقاذ سريعة وعاجلة، لكن هذه مسؤولية الجميع أو على الأقل من ينشد التغيير والتصحيح، وليست لفرد بعينه.
على أني أؤمن بدور الأفراد في القيادة والتغيير، لكن إيماني الأكبر هو بدور الجماهير... كان وما يزال وسيظل.
ومن هذا المنطلق لم أعد أقيم أي اعتبار لدولة الفرد الأوحد أو القائد الأوحد، مهما كانت قدراته وخوارقه. ما هو مطلوب اليوم دولة الناس، دولة الشعب، وداعًا للحكم الجبري.
التصحيح والبناء مشروع ودعوة موجهة لكل الناس، للجماهير... ما قيمة الفرد مهما كان تأثيره وقدراته أن يفعل بدون شعب مؤمن أو جماهير مؤمنة بمشروع الدولة والتصحيح والبناء؟
لحد الآن وكمراقب لم ألمس هذا الإيمان إلا لدى قلة قليلة جدًا... مع ذلك لا ينبغي أن نتوقف فلنستمر بالدعوة... وبما أن الله هو مصدر التغيير والتصحيح والبناء، فهو من يقرر ويختار ويكلف في الوقت الذي يراه مناسبًا وبالطريقة المناسبة. ومن حق الناس أن تبدع وتنتج الحلول الوطنية والصيغ المناسبة من أجل تغيير آمن ومثمر ينتج شروط الديمومة في إزالة الباطل وإقامة الحق ونشر الخير والعدل.
ولن يمانع أحد منا في أن يكون جنديًا في هذا المسار الذي تصنعه الجماهير ويباركه الله وصالح المؤمنين.