اليمن، بلدٌ يتمتع بثروات هائلة، لكنه يفتقر إلى الاستقرار السياسي والدولة الفاعلة، مما يجعل من الصعب استغلال هذه الثروات بشكل صحيح. للأسف، تُعتبر الأرض اليمنية من أكثر البقاع تهميشًا، حيث تتجلى فيها معاني الحُكم والإيمان.
وللأسف، سعى البعض مثل علي عبدالله صالح ورفاقه إلى الحفاظ على سلطتهم عبر بيع معظم ثروات البلاد، مما أدى إلى تفكيك اليمن تقريبًا.
تاريخ اليمن الحديث يتسم بالصراع، وبخاصة حرب صيف عام 1994، التي تُعتبر واحدة من أسوأ الفترات التاريخية في البلاد، إذ كان من نتائجها تدمير النسيج الاجتماعي والاقتصادي. واليوم، تتكشف النوايا التوسعية من قِبل جيران اليمن، الذين يسعون للسيطرة على ما تبقى من موارد البلاد في ظل غياب الشرعية السياسية.
تشهد اليمن حاليًا تداعيات خطيرة نتيجة الانقلاب على العملية السياسية السلمية، وهو ما لم يسبق له مثيل في تاريخ أي شعب على مستوى العالم. فقد أُنشئت مئات المقابر، وبدلًا من أن تكون هذه الخسائر دافعًا للسلام، يعتقد البعض أن زيادة القتلى تعزز من شرعيتهم. في هذا السياق،تُنفَق المليارات لدعم حروب لا تخدم مصلحة اليمن، بينما يتجرع المواطنون مرارة الفقر وعدم صرف مرتبات الموظفين.
أما عن الموارد اليمنية، فهي معادلة حيرت العالم:
1. سبعة موانئ؛ مع شريط ساحلي يمتد لأكثر من 2500 كيلومتر.
2. احتياطي نفط يُقدر بثلاثة مليارات برميل (المثبت فقط).
3. احتياطي غاز يبلغ 16 تريليون قدم مكعبة.
4. تُعد اليمن الثالثة عربيًا في إنتاج الغاز المسال.
5. تمتلك ثروة سمكية تشمل حوالي 450 نوعًا.
6. تضم 186 جزيرةمتنوعة.
7. تحتوي على ثروات معدنية متعددة.
8. يُعتبر ثلاثة أرباع سكانها من الشباب.
9. تملك أراضي زراعية خصبة، وموسمًا مطريًا غنيًا.
10. تتمتع بمناخ وطبيعة سياحية فريدة وجذابة.
11. تاريخ وحضارة متميزة، مع مناجم ذهب وموارد زراعية، بالإضافة إلى توفر اليد العاملة.
كما تُعتبر اليمن من أفضل البلدان العربية من حيث توفر أماكن الجذب السياحي وجمال طبيعتها، مما يجعلها بلدًا ذا إمكانيات هائلة تحتاج إلى إدارة حكيمة واستقرار سياسي لتحقيق التنمية المستدامة.
وليس السبب هو التنازع على السلطة منذ سيف بن ذي يزن وحتى اليوم، فحسب، بل هناك أسباب كثيرة، منها فشل الحكومات اليمنية المتعاقبة في استغلال الثروات الطبيعية والاقتصادية العديدة التي يمتلكها البلد، بالإضافة إلى أسباب اخرى، منها:
1. من طبيعة الحكام في اليمن نقض العهود، فعقب وثيقة العهد والاتفاق الموقعة في المملكة الأردنية الهاشمية، برعاية الراحل الملك الحسين، طيب الله ثراه، تم نقضها قبل أن يجف حبر مداد التوقيع عليها، بل أثناء التوقيع قام الشيخ الأحمر بإضافة جملة أمام توقيعة (شريطة عودة قيادات الحزب الاشتراكي إلى صنعاء)، وعقب التوقيع على مخرجات الحوار تم الانقلاب على العملية السياسية السلمية بقوة السلاح، وعقب التوقيع على اتفاق السلم والشركة تم الانقلاب عليه بسبب رفض تسليم السلاح الثقيل والمتوسط للدولة. ونقض العهود من أخطر عوامل عدم الاستقرار السياسي.
- الصراعات الداخلية: شهدت اليمن سلسلة من الحروب الأهلية والصراعات السياسية، مما أضعف المؤسسات الحكومية، وأدى إلى تفكك الدولة.
- الانقلابات والفوضى: الانقلابات العسكرية والاضطرابات السياسية أسهمت في عدم وجود استمرارية في السياسات الاقتصادية والتنموية.
2. الفساد المستشري: تفشي الفساد في مختلف أجهزة الدولة أدى إلى هدر الموارد وعدم توجيهها نحو التنمية.
3. سوء التخطيط: غياب استراتيجيات فعالة لاستغلال الثروات، إذ كانت السياسات غالبًا ما تركز على تحقيق مكاسب قصيرة الأمد بدلًا من رؤية طويلة الأجل.
4. غياب البنية التحتية وتهالكها، وبخاصة المتعلقة بالنقل والطاقة والاتصالات، أعاق استثمار الثروات الطبيعية.
5. عدم توفر الخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية، أسهم في ضعف القدرة البشرية على إدارة هذه الثروات.
6. التدخلات الخارجية، سواء من دول الجوار أو قوى عالمية، أدت إلى تفاقم الوضع الأمني والسياسي، مما أثر سلبًا على قدرة الحكومة على استغلال الثروات. الصراعات الإقليمية أدت إلى عدم الاستقرار، مما جعل استثمار الثروات هدفًا بعيد المنال.
7. الاعتماد الكبير على النفط كمصدر رئيسي للإيرادات، جعل الاقتصاد هشًا أمام تقلبات أسعار النفط، وعدم تنويع الاقتصاد أدى إلى ضعف القدرة على استغلال الموارد الأخرى، وإهمال الزراعة والسماح بتوسع زراعة القات.
8. الفشل في تقديم الخدمات العامة وزيادة الفقر أديا إلى عدم ثقة المواطنين في الحكومات المتعاقبة، مما أثر سلبًا على المشاركة الشعبية في عمليات التنمية، وبخاصة في ظل الانقسامات القبلية والسياسية التي عرقلت الجهود الحكومية في تحقيق تنمية شاملة.
9. التغيرات المناخية واستنزاف الموارد الطبيعية أثرا سلبًا على الزراعة والصيد، مما جعل استغلال الثروات أكثر صعوبة.
وعليه، نأمل من سلطات الواقع أن تعي أنها بهذه الانقسامات فإنها تعاقب اليمن أرضًا وشعبًا، وأن عليها أن تثوب إلى رشدها، وأن تعي أن للشعب اليمني هبّات بعد سكون، وعضلاته أقوى من عضلات كل أطراف النزاع، وأن اليمن لا يُحكم بالقوة، وإنما بالتفاهم والاختيار الديمقراطي لحاكميه، ولا ولاية إلا ولاية الشعب، وإذا ما أدركوا هذا، فإن استغلال الثروات اليمنية يتطلب معالجة شاملة للمشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وتحتاج البلاد إلى استراتيجيات تنموية واضحة، ومؤسسات حكومية فعالة، ورؤية طويلة الأمد للنهوض بالاقتصاد وتحقيق الاستقرار.