صنعاء 19C امطار خفيفة

قراءة في صفقة القرن

إن الكيان الصهيوني المحتل للأراضي الفلسطينية، والمسمى دولة إسرائيل، يمثل قلعة الصهيونية العالمية التوسعية المزروعة في فلسطين، كحاجز بين الشرق العربي الآسيوي، والغرب العربي الإفريقي، للحيلولة دون توحيد الدول العربية.
وقد تسنت للكيان اليهودي الصهيوني الفرصة من خلال صفقة القرن أو مقترح السلام لحل الدولتين، المقدم من قبل الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، في رئاسته السابقة، خلال الفترة (20 يناير 2017م حتى 20 يناير 2021م)، على أساس أن تبقى "القدس" عاصمة "إسرائيل"، غير مقسمة، ويبقى المسجد الأقصى متاحًا لزيارة المسلمين من خلال إجراء ترتيبات مع جلالة الملك عبدالله بن الحسين، ملك الأردن، إلى جانب أن تعترف الولايات المتحدة الأميركية بالمستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية المحتلة جزءًا من إسرائيل كفرصة أخيرة للسلام، على حد قوله.
ويرى مراقبون أن قرار واشنطن الجائر في ضم القدس عاصمة لإسرائيل، وبقاء المستوطنات الإسرائيلية المحتلة كجزء من إسرائيل، يقوض إمكانية التوصل لسلام.
وباليقين، رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس الخطة "الترامبية" الصهيونية، قائلًا: إن القدس ليست للبيع، والضفة الغربية كذلك.
وفي السياق نفسه، فقد ورد أن "صفقة القرن" تهدف أيضًا إلى حل النزاع العربي -الإسرائيلي في إطار اتفاقيات "التطبيع"، تحت عباءة الدين، ومن منطلق أن الديانات السماوية الثلاث اليهودية، والمسيحية، والإسلامية، تعود مرجعيتها إلى النبي إبراهيم -عليه السلام- أبي الأنبياء والرسل -عليهم السلام- أو ما تسمى اتفاقات النبي إبراهيم أو (أبراهام بالعبرية).
وبناء عليه، تم توقيع مجموعة من اتفاقيات التطبيع بين دول عربية وإسرائيل، في واشنطن، برعاية وإشراف الرئيس دونالد ترامب، ضمن مسار "صفقة القرن"، وهي: الإمارات العربية المتحدة في 13 أغسطس 2020 م، ومملكة البحرين في 11 سبتمبر 2020م، وجمهورية السودان في 23 أكتوبر 2020م، والمملكة المغربية في 10 ديسمبر 2020م.
ومن الجدير بالذكر، أن الأسس المشتركة للأديان السماوية الثلاثة، قائمة على الإيمان: بالله وحده لا شريك له، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر بثوابه وعقابه من الله تعالى.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ثمة إقرار أو اعتراف حقيقي من التابعين لكل ديانة بالديانة الأخرى، حسب المبادئ المشتركة لنصوص التوراة والإنجيل والقرآن؟ لا أعتقد ذلك، إلى جانب أنه لا توجد قناعة عند الجمهور بصحة ما جرى من توقيع اتفاقات سياسية باسم الدين.
والسؤال الثاني: هل ستستمر السياسة الترامبية السابقة مع عودة الرئيس ترامب، في 20 يناير 2025م، إلى البيت الأبيض؟ أم سيكون هناك توجهات جديدة وفقًا للمتغيرات في المنطقة؟
حقيقة الأمر، إن كتب الله المنزلة: التوراة، والإنجيل، والقرآن، هي واحدة في تعاليمها وإرشاداتها وقيمها، ويأتي الخلاف من تابعيها الذين أفرغوها من محتواها في ممارستهم، حيث نشبت الصراعات والحروب باسم الأديان على مر الأزمان حتى الوقت الراهن، وما يمارس في فلسطين ولبنان خير دليل.
ومن هذا المنطلق، فإن التطبيع في أساسه ميكيافيلي بحت، ويعتبر في حد ذاته اختراقًا سياسيًا، وهجمة صهيونية توسعية على المنطقة العربية في إطار خارطة الشرق الأوسط الجديد، وغايتها إخضاع المنطقة العربية، والاستيلاء على ما تزخر به من موارد نفطية، وغازية، ومعدنية، وزراعية...، والسيطرة على ما تنعم به من موقع استراتيجي بين ثلاث قارات.
ومسك الختام، إنه ما من سبيل للحل سوى بالتزام الكيان الإسرائيلي المحتل للأراضي الفلسطينية، بالمبادرات العربية، التي تنص على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، قبل إقامة أي تطبيع أو علاقات مع إسرائيل، وفقًا لما ورد في مؤتمر القمة العربية في "بيروت"، في 27 مارس 2002م، وفي اجتماع قمة الدول العربية والإسلامية في المملكة العربية السعودية في "الرياض"، في 11 نوفمبر 2024م، ودعوته إلى وقف حرب الإبادة الجماعية في الأراضي الفلسطينية، ولبنان، وانسحابه الفوري، وكذا الالتزام بالاتفاقات، والمعاهدات الدولية، والقانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن، واحترام قرارات محكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية، ومراعاة تصويت غالبية الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، كدولة ذات سيادة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
وأخيرًا، يجب توحيد المواقف العربية لمواجهة المشاريع الخارجية، وتعزيز الأمن والأمان والسلام والاستقرار في ربوع المنطقة العربية.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً