صنعاء 19C امطار خفيفة

حرب الإبادة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية ولبنان

لا يوجد أمامنا ما يبشر بإنهاء الكيان الصهيوني لحرب الإبادة التي يشنها على الأراضي الفلسطينية ولبنان، وبخاصة قطاع غزة، قبل أن تتبوأ الإدارة الأميركية الجديدة في 20 يناير 2025م مقاليد السلطة.

 
ومهما كانت التحليلات والتوقعات الأكثر تفاؤلًا عن قرب الكيان المحتل بوقف حربه الوحشية، إلا أن ما ينذر شؤمًا هو إصراره على توسيع رقعة الحرب في المنطقة وبدعم عسكري واقتصادي غربي.
 
خلفية إيضاحية حول دعم وإسناد اللوبيات الصهيونية الغربية بإقامة وطن قومي لليهود في "فلسطين" وأبعاد المؤامرة
 
يجدر بنا العودة في هذا الصدد إلى نهاية القرن التاسع عشر، لنلقي الضوء على الجسارة الاستعمارية الصهيونية تجاه إقامة دولة يهودية صهيونية في "فلسطين"، الأمر الذي لم يأتِ جزافًا، وإنما يعود للكاتب الصهيوني والناشط السياسي النمساوي "تيودور هرتزل"، المؤسس للمنظمة الصهيونية الحديثة كمنظمة عالمية عام 1897م في مؤتمر "بازل" في سويسرا، وتشجيعه لـ"اليهود الأشكناز" في أوروبا والغرب، على الهجرة إلى "فلسطين"، وتأسيس دولة يهودية في ذلك الموقع الاستراتيجي.. ولتحقيق هذا الهدف الاستعماري البغيض، انعقد مؤتمر قمة "كامبل بنرمان"، نسبة إلى رئيس وزراء بريطانيا "هنري كامبل بنرمان"، في لندن، عام 1905م، بمشاركة الدول الاستعمارية: بريطانيا، وفرنسا، وهولندا، وبلجيكا، وإسبانيا، والبرتغال، وإيطاليا، استمرت جلساته لفترة عامين (1905-1907م)، وفي نهاية المؤتمر صدرت وثيقة سرية سميت "وثيقة كامبل".
 
ويعتبر هذا المؤتمر أخطر مؤتمر قمة لتدمير الأمة العربية خاصة، والإسلامية عامة. وقد عقد موضوع القمة تحت عنوان "حماية مصالح الاتحاد الاستعماري وإبرام المعاهدات".
وبناء عليه، أصدر "أرثر جيمس بلفور"، وزير خارجية بريطانيا، من لا يستحق ولا يملك، وعدًا لمن لا يستحق ولا يملك، في 2 نوفمبر 1917م، يشير فيه إلى تأييد حكومة بريطانيا لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
 
ثم جاء الانتداب البريطاني على فلسطين عام 1920م، وفي 29 نوفمبر 1947م صدر قرار التقسيم 181 للجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة، والذي نص على دولة يهودية ودولة عربية في "فلسطين"، فضلًا عن وضع خاص للقدس، وبيت لحم، والأراضي المجاورة تحت وصاية دولية، تلاه القرار 194 الصادر في 22 نوفمبر 1949م، القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.. وبين القرارين الأخيرين تم إعلان وزير الدفاع البريطاني "أرثر جونز"، في 15 مايو 1948م، قرارًا بنهاية الانتداب البريطاني على فلسطين، وتسليم الشأن الإسرائيلي الصهيوني للولايات المتحدة الأميركية، وتم التصويت في مجلس الأمن بدعم الدول الدائمة العضوية في المجلس وقتذاك (الولايات المتحدة الأميركية، الاتحاد السوفييتي السابق، بريطانيا وفرنسا) على إعلان الدولتين (إسرائيل وفلسطين) في الأراضي الفلسطينية، وبالتالي اكتملت المؤامرة لدولة صهيونية يهودية في المنطقة قابلة للتمدد، وتشكل في الوقت نفسه أخطبوطًا يحول دون التقارب بين الدول العربية في الشرق الآسيوي والغرب الإفريقي، بموجب ما ورد في وثيقة "كامبل بنرمان"، تخوفًا من التئام الشمل العربي، وتوحدهم من منطلق أسس مشتركة تربطهم كأمة واحدة قوامها وحدة التاريخ، والثقافة، والجغرافية، واللسان العربي، والأصل الواحد، ناهيك عما تنعم به بلدانهم من موقع، وما تزخر به من ثروات نفطية وغازية ومعدنية وزراعية، تشكل أهم ركائز الحضارة الحديثة.
 

التنين الصيني ينهض كالعنقاء من رماد جسده

 
وفي خضم الأحداث، نهض التنين الصيني كالعنقاء من غبار القرون، وبالتحديد بعد مضي خمسة آلاف سنة، ليشق طريقه من دياجير الظلام إلى عالم الفضاء الرحب والقرية الكونية كمنافس للغرب اقتصاديًا وبكل قوة، ولعله خلال العقود الثلاثة القادمة سيتربع على عرش الاقتصاد العالمي، ومعه الدول الداعمة له: روسيا الاتحادية، ومجموعتا شنغهاي والبريكس كقطب جديد في عالم جديد متعدد القطبيات.
 
وفي السياق نفسه، انجلت حقيقة أبعاد الصهيونية العالمية التوسعية في المنطقة العربية التي ما فتئت وبشتى الوسائل المتاحة العمل على قطع الطريق على الصين، والحد من تنافسها الاقتصادي، وجعلت من المنطقة العربية حلبة صراع وتنافس.
 

الأحداث المتسارعة في المنطقة والحرب الإسرائيلية التوسعية

 
حقيقة الأمر، إن مجريات الأحداث المتسارعة، والمتمثلة بالحرب الإسرائيلية المجنونة، قد بدأت في المنطقة بتدمير قطاع غزة، والضفة الغربية، والقدس الشرقية، ومحاولة تهجير أهلها قسريًا، بهدف تصفية القضية الفلسطينية، والتمدد نحو لبنان، وإرباك الوضع في المنطقة عمومًا لأغراض توسعية مرسومة وفقًا لمشروع الشرق الأوسط الجديد وصفقة القرن، وفي توقيت حرج تمر به المنطقة العربية المفعمة بالخلافات، والفتن، والحروب الداخلية، مما يسهل ويتيح للكيان الإسرائيلي الفرصة لتنفيذ المخطط الاستعماري الصهيوني للمنطقة، ضاربًا عرض الحائط بكل القرارات والاتفاقات الدولية والمبادرات، في مقدمتها المبادرة العربية الرامية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة بحدود الرابع مند يونيو 1967م، مقابل إقامة علاقات طبيعية مع الكيان الإسرائيلي.
 

مساعٍ مبذولة لدول عربية لإنهاء الحرب الإسرائيلية في فلسطين ولبنان

 
من الجدير بالذكر، أن مصر، والسعودية، وقطر، والأردن، بذلت وماتزال تبذل جهودًا كبيرة في المحافل الإقليمية والدولية، على النحو الآتي:
- وقف حرب الإبادة في قطاع غزة بين الكيان الإسرائيلي والمقاومة حماس.
- إنهاء جميع الانتهاكات الأحادية غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
- الانسحاب من قطاع غزة، وإطلاق سراح الرهائن، وتبادل الأسرى، ومعالجة الأزمة الإنسانية الكارثية.
- القيام باجتماعات ومبادرات على الصعد كافة لإنهاء الحرب الوحشية في قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان، وضرورة تنفيذ حل الدولتين وفقًا للقانون الدولي، والمعايير المتفق عليها، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن، ومبادرة السلام العربية، والمبادرات الأخرى ذات الصلة بهدف تحقيق سلام شامل وعادل ودائم يلبي حقوق الشعب الفلسطيني، وأمن إسرائيل والمنطقة، مما سيمهد الطريق أمام علاقات طبيعية بين دول المنطقة يسود فيها الاستقرار والأمن والسلام والتعاون.
- دعم جهود بناء الدولة ودعم الحكومة الفلسطينية الجديدة، وأهمية وجود حكومة فلسطينية واحدة في غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.
- دعم الجهود الأممية ومساعي السلام ووضع جدول زمني لتجسيد الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال.
- دعم شعب لبنان وسيادته والحفاظ على أراضيه وأمنه واستقراره، وعلى ضرورة المساعدات الجماعية لشعب لبنان الشقيق في مواجهة أزمته الحالية، والحد من تبعاتها الإنسانية، ودعم مؤسسات الدولة اللبنانية للقيام بواجباتها الدستورية في بسط السيادة على كامل أراضيها.
 

مساعٍ مصرية لجمع الفرقاء الفلسطينيين تجاه بلورة الدولة الفلسطينية

 
دعت مصر، في مطلع نوفمبر الجاري 2024م، إلى اجتماع بتقريب وجهات النظر بين حركة "فتح" وحركة "حماس"، في القاهرة، بشأن غزة، من خلال لجنة الإسناد المجتمعي، لإنهاء الانقسام الفلسطيني، والوصول إلى حلول لإدارة قطاع غزة بعد انتهاء القتال، وكذا عدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، وإنشاء لجنة مشتركة لإدارة القطاع.
أسفر الاجتماع عن تحفظات حركة حماس في الجانب المتعلق بإدارة شؤون غزة بعد وقف الحرب.
ويرى مراقبون أنه لا مناص من التئام الفصائل الفلسطينية تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية المعترف بها دوليًا، مما سيسهم في الدفع إقليميًا ودوليًا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، والاعتراف بها كدولة كاملة العضوية في الأمم المتحدة.
جوهر القول، إن العالم العربي يمر في الوقت الراهن، في مرحلة عصيبة، وما يقتضي هو عدم تمكين أي تدخلات خارجية في الشؤون الداخلية للبلدان العربية حفاظًا على الأمن القومي العربي. كما يتطلب العمل على التئام الشمل العربي ورص الصفوف، وإقامة السوق العربية المشتركة كمطلب ملح وحتمي، والسعي الجاد والدؤوب لما يضمن للعرب التكامل في جميع الميادين الاقتصادية، والعلمية، والأمنية والعسكرية، وهم الأجدر في ذلك انطلاقًا من روابط، وأسس مشتركة تعزز تفوقهم، وتضعهم في أعلى مراتب الصدارة بين الأمم.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً