صنعاء 19C امطار خفيفة

المثقفون في مجرى الثورة.. و"المشكلة اليمنية"(2-2)

• على طريق الاحتفاء والتكريم لثورة 26 سبتمبر 1962م في ذكراها الثانية والستين الخالدة.. الثورة التي حاولت نقل اليمنيين من تاريخ إلى آخر، فكان لها الاستبداد التاريخي الداخلي، والاستعمار الخارجي، بمرصاد العدوان وحتى اللحظة، وهي كذلك تحية للمفكر الشهيد، محمد أحمد نعمان.

 
 
لقد فرض "ورثة الإمامة الجدد"، استمرار منظومة النظام القديم، ولكن بأشكال وصُوَرٍ حديثة، وجاء انقلاب الخامس من نوفمبر 1967م، ليضبط إيقاع المعادلة وفقًا لمصالح "ورثة الإمامة"، بعض الأساسيين والفاهمين والمدركين منهم، الذين كانوا يمارسون ذلك بوعي أيديولوجي قصدي وتاريخي بمصالحهم، وبعضهم الآخر، حتى من هم محسوبون على شباب الثورة، وجدوا أنفسهم في حمى الصراع السياسي التنافسي الحزبي يغلبون التعارضات الثانوية، على التناقض الرئيس، بسبب تعقيدات التركيب السياسي، والاجتماعي والطبقي للقوى المشاركة في الثورة، وبسبب الإرث الأيديولوجي والتخلفي التاريخي الاستبدادي الذي يمتد لقرون سحيقة، وبسبب غياب الرؤية الاستراتيجية وكتحصيل حاصل، فقدان بوصلة الحركة في الاتجاه الصحيح، فاشتركوا اعتباطيًا وعبثًا في لعبة الانقلاب النوفمبري/ الشباطي، متوهمين أنهم يحققون مصالح الثورة، ويحافظون على الجمهورية، وهو الأمر الذي لم يستمر أكثر من شهر أو أشهر معدودة، حتى وجدوا أنفسهم خارج معادلة السياسة والسلطة، وبعضهم كان مصيره السجن، ولو لفترة قصيرة، بمن فيهم من أذاع بيان الانقلاب.
وليس من تم نفيهم للجزائر، حتى دون علم السلطة الجزائرية دبلوماسيًا وسياسيًا بذلك، سوى لعبة مؤقتة للتخلص من غير المرغوب فيهم، وعودة المطلوبين منهم بعد ذلك للاستمرار للمشاركة في قمة السلطة، وليس قتل وسحل الشهيد بطل الحصار، عبدالرقيب عبدالوهاب نعمان، وغيره، سوى دليل حي على ذلك.
 
وهنا يصدق قول المفكر الشهيد، محمد النعمان، من أن "الجمهورية الجديدة في اليمن لم تكن تعني -بالنسبة للبعض (أؤكد بالنسبة للبعض -الباحث)- أكثر من انتزاع السلطة من السلالة الهاشمية إلى غيرهم ممن يسمون " القحطانية"، أما جوهر التفكير السياسي، وتحديد العلاقة بين الحاكم والمواطن، وأثر الأخير في تحديد سياسة الأول، فإن الأمر لا يعدو ما كان عليه في القديم، وليس طبيعيًا أن يكون تلاميذ المدرسة القديمة، أو الأحداث الذين لم يرثوا تجربة، أو يكن لهم حظ ونصيب في وعي سياسة الدولة الحديثة بسبب العزلة الطويلة التي عاشتها اليمن، ليس طبيعيًا أن يقوى هؤلاء على الخروج بالجمهورية عن دائرة الحكم السلطاني"(١)، وليس من فراغ ولا مصادفة أن يسمي د. أبو بكر السقاف، كتابه، الذي نشر في طبعته الأولى، تحت اسم مستعار، محمد عبدالسلام، "الجمهورية بين السلطنة والقبيلة".
 
ولذلك، كان الانقلاب السياسي والاجتماعي والاقتصادي الأول على المضمون الجمهوري، بإصدار "وإعلان في مطلع أكتوبر 1962م، ما أسمي بمجلس الدفاع الأعلى المكون مما أسمي بشيوخ الضمان، الذين -حسب ما جاء في قرار رئيس مجلس قيادة الثورة ورئيس الوزراء- "كانوا يتعهدون بقبض الواجبات" قبل قيام الثورة، أي الذين كانوا ملتزمين بتحصيل الزكوات من الفلاحين لتقديمها إلى الحكومة بعد خصم 5% منها لصالحهم، مقابل ضمان توريد الفلاحين لها إلى خزانة الدولة. أما مهمة هذا المجلس فهي "حماية الحدود"، أي الدفاع عن أمن البلاد، وبموجب هذا القرار فإن أعضاء المجلس سيكونون "برتبة وزراء" ولهم مرتبات الوزراء"(٢)، أي أننا وجدنا أنفسنا ومبكرًا أمام محاولات سياسية جدية للانقلاب على المضمون السياسي، والاجتماعي للثورة، أي انقلاب على أهداف ومبادئ الثورة، حد منها نسبيًا ولفترة محدودة أولًا حالة "الازدواجية في قمة السلطة"، وثانيًا، فتح أكثر من أربعين جبهة عسكرية في مواجهة الثورة.
 

وهذا القرار السياسي الخطير -وغيره- هو الذي جاء ليؤكد معنى ومضمون "ورثة الإمامة الجدد"، الذي نشير إليه، وهو الذي يعني رفع القبيلة، والمشيخة القبلية، تحديدًا، إلى رأس السلطة والدولة، وتأسيس وصناعة دور سياسي قائد/ وجديد لها في قمة السلطة الجمهورية، يعني حلول القبيلة، وتحديدًا رموز المشيخة القبلية تدريجيًا، ليس بديلًا عن الإمامة، بل بديلًا عن وجود الدولة في صورة "دولة القبيلة"، أو "الجمهورية القبلية"، وصولًا إلى "الجمهورية الوراثية"، كما كان الحال مع علي عبدالله صالح، وهو عمليًا ما تكرس طيلة سنوات الحرب على الجمهورية منذ 62-1967م، وما بعدها، وصولًا إلى ما سُمِّيت زورًا "المصالحة"، مارس 1970م. وجاء انقلاب 5 نوفمبر 1967م، ليعلن بداية مرحلة سياسية جديدة، تم فيها استبدال الحضور، والدور المصري، بالدور السعودي، وهو المستمر حتى اللحظة في أشكال وصور مختلفة.

 
وإلا كيف نفسر ونفهم تحويل انتصار السبعين يومًا الأسطوري والبطولي إلى هزيمة سياسية ووطنية؟! بالحديث الفارغ عن المعنى عما سُمِّي بهتانًا "المصالحة"، بعد أن تحولت السعودية، إلى "طرف مصلح" بين اليمنيين "المجانين المتحاربين"، ولم يتبقَّ أمامنا سوى شكر السعودية، والاعتذار لها عن سوء ظننا بها، وعن عدوانها وحربها علينا طيلة سنوات ثمان! وماتزال حربها على اليمنيين قائمة ومستمرة حتى اللحظة!
لقد أدركت السعودية "العدو التاريخي"، ماذا تريد من اليمن المعاصر، منذ عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، حتى لا نغوص بعيدًا في التاريخ، كان عدوان حرب 1934م، و"معاهدة الطائف"، هي "البروفة الأولى" ولذلك كانت السعودية الأكثر وعيًا وإدراكًا حول ماذا تريد من اليمن الجمهوري، وكيف يجب أن يكون مستقبل السياسة والسلطة والدولة فيه.
 
ومن هنا إصرار السعودية "العدو التاريخي"، من أول أسبوع لقيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، على حصار وضرب الثورة وإفراغها من مضمونها، وأن لا خيار أمامنا، سوى تنفيذ وتطبيق نصوص "مؤتمر خمر" و"اتفاقية الطائف" 1965م، ولو بعد حين، وبالتدريج، المهم أن ينتقل الحكم/ السلطة إلى "ورثة الإمامة الجدد"، ولذلك كانت أحداث 23/24 أغسطس ١٩٦٨م، باعتبارها مصلحة وضرورة سياسية، واقتصادية سعودية بدرجة أساسية، بقدر ما هي مصلحة مباشرة لأعوانهم من رموز المشيخة القبلية والعكفة الجدد.
 
وكأن "ورثة الإمامة"، هي/ هم البديل السياسي/ الذاتي والواقعي لحالة "ثنائية الإمامة والقبيلة" في الصورة والشكل الجمهوري الجديد، "الشيخ"، و"العكفي"، تحت الرعاية والحماية السعودية، بحيث يمكننا اختزالها -كما سبقت الإشارة- في صورة: "شيخ الرئيس، ورئيس الشيخ"، والتي استمرت عمليًا طيلة قرابة نيف وثلاثة عقود، في صورة علي عبدالله صالح، وعبدالله بن حسين الأحمر، وهذه العلاقة القائمة والمجسدة باسم الجمهورية، والثورة هي واحدة من أبشع وأسوأ صور تداعيات حضور ليس الأيديولوجية الإمامية، "المشكلة اليمنية"، بل الممارسة بعقلية الإمامة، كما تجلت وتمظهرت في رأس ما تبقى مما تسمى "القيادة الجمهورية"، ولكن ضمن وفي صور وأشكال حداثية معاصرة، وهو ما كان يتحقق فعليًا على الأرض اليمنية، وتحديدًا من بعد انقلاب 5 نوفمبر 1967م، وحتى اللحظة الراهنة.
 
في تقديري أن أصدق وصف وتعبير عن انقلاب 5 نوفمبر 1967م، هو ما كتبه المثقف الشهيد محمد أحمد نعمان، عن المآل السياسي الذي صار إليه الوضع الجمهوري خلال السنوات الأولى للثورة والحرب على الجمهورية من الداخل (بقايا الإمامة، والمشايخ وشبه الإقطاع) ومن الخارج الرجعية السعودية. وهو ما ورد في كتابه "أزمة المثقف اليمني"، إذ يقول حول الوضع السياسي المرتبك والمصطرع في القيادة الجمهورية، وفي وضع البلاد كلها، وحالها، التالي:
"حرج ما بعده حرج، أن يجد المرء نفسه يواجه أحلامه مواجهة المنكر لها المتبرم بها، الناقد لها في عنف، وشمول وعمق. وأشد قسوة على النفس من هذا الحرج أن يتقبل الإنسان أحلامه وهو يجدها تتحقق بصورة مشوهة، تكون في بعض حالاتها أسوأ مع الوضع الذي أراد الخلاص منه"(٣).
هذا الكلام الحرج والمحرج والقاسي على النفس والعقل، كتبه محمد النعمان، في أواخر العام 1963م، وكأنه يتنبأ بالانكسار المبكر للمسار الجمهوري، وهو ما تم الإعلان عنه أو انكشافه سياسيًا وعمليًا مع انقلاب 5 نوفمبر 1967م، الذي أعطى الشرعية السياسية الكاملة لجريان تطبيق مفهوم "ورثة الإمامة"، في قمة السلطة الجمهورية، باسم "المجلس الجمهوري"، الفارغ من المعنيين؛ "المجلس"، و"الجمهوري"، بعد إزاحة قيادة جمهورية سبتمبر الأولى 62-1967م، وماتزال تداعيات مفهوم أو مصطلح "ورثة الإمامة الجدد"، يعيد إنتاج نفسه وبأشكال مختلفة من التنسيق مع الإمامة الأصل "الهاشمية السياسية المعاصرة"، ومع الخارج الإقليمي والدولي في صورة ما يجري اليوم في البلاد.
علمًا أن للمفكر الشهيد محمد النعمان تقييمًا إيجابيًا ومتناغمًا مع الانقلاب، بل مدافعًا عنه كما في بعض محاضراته، إذ يرى في الانقلاب خطوة نحو الدستورية والاستقرار و"الديمقراطية" و"الشورى" كما هي في انتخابات "مجلس الشورى"، وبعدها "المجلس الوطني"، وهذا خلاصة رأيه في انقلاب 5 نوفمبر 1967م، الذي نجد أنفسنا لا نتفق معه، مع كل التقدير له كباحث ومفكر.
كان "ورثة الإمامة" باسم الجمهورية، يسيرون ويتحركون ويحكمون مقلدين لما كان في العهود الإمامية؛ الإماميون يحكمون باسم الحق الإلهي، والشيخ، والعكفي الجديد، يريد الحكم باسم الأيديولوجية التاريخية، لحقه في الاستمرار في الحكم، وهو ما تم حقيقة بعد سنوات من الحرب على الثورة والجمهورية، فقط إزاحة الإمامة كأسماء وشكل، من معادلة السياسة والسلطة، مع بقاء منظومتهم الأيديولوجية سارية المفعول ليس على مستوى "البناء الفوقي"، بل حتى على مستوى المجتمع، وبخاصة في مناطق شمال الشمال، ولذلك ستلاحظون أنهم اتفقوا جميعًا بعد انقلاب 5 نوفمبر 1967م، بل من قبل ذلك في صورة مؤتمراتهم القبلية: "عمران"، "خمر"، و"الطائف"، وغيرها من المؤتمرات القبلية، على استبعاد بيت حميد الدين، وإن بصوت خفيض، والتوجه الفعلي لتصفية جميع المعارضين الجمهوريين لذلك، كما تم في أحداث 23/24 أغسطس 1968م.
 
إن "الهاشمية السياسية" و"ورثة الإمامة الجدد" ينطلقان من موقف أيديولوجي/ سياسي شبه متقارب، حتى لا أقول من منطلق واحد، بسبب اختلافات نسبية، واقعية وتاريخية وأيديولوجية في ما بينهما، الأولى تقول: بحقها الإلهي، "المقدس"، والثانية، تقول: "بحقها السياسي التاريخي"، الأولى منطلقة من السماء "الله"، في تأكيد حقها في الحكم، والثانية تنطلق من أرض القبيلة، والمشيخة القبلية التي كانت تاريخيًا، هي الوجه الحربي/ العسكري لـ"الهاشمية السياسية"، تحديدًا، وحتى اليوم، من بعد دخول "الهادي" يحيى بن الحسين الرسي إلى اليمن (284هــ)، وكلاهما -بدرجات متفاوتة- ليستا مع قضية بناء الدولة الوطنية الحديثة، ولا مع قضية المواطنة للجميع، ولذلك لا ينظرون للحكم والنظام السياسي باعتباره مؤسسة لها دور وظيفي منحصر في خدمة المواطنين، ومن أن الحاكم هو موظف لدى الشعب بأجرة معينة، ولفترة معينة "ذلك أن المعنى الشائع والمتوارث للحكم والسلطة هو التحكم في الشؤون العامة والخاصة لتحقيق رغبات وأهواء المتمسكين بالسلطة"(٤)، والحديث السالف هو للمفكر الشهيد محمد أحمد نعمان.
وهنا تكمن "المشكلة اليمنية"، في من ينظر للحكم، والنظام السياسي باعتباره "تحكمًا/ وعصبية" بحق إلهي، أو بحق سياسي تاريخي، معطى قبلًا، ومن ينظر له كوظيفة، ودور يقوم به الفرد/ الحاكم، في خدمة المجتمع.
 
ومن يتمعن بعمق في السؤال/ المشكلة، سيجد أنها استمرار لسؤال الإمامة القديم في الحق بالإمامة بـ"الوصية" الحق المنصوص في "المنصب المخصوص"، وليس الحق الموزع بين كل الناس/ الشعب.. وكأننا اليوم أمام عودة ثانية لسؤال المعتزلة والخوارج، في جعل الإمامة/ الرئاسة في جميع الناس (قريش وغيرهم)، وليس في "البطنين"، أو في من يحسبون أنفسهم اليوم "ورثة الإمامة" بحق "سياسي تاريخي"، بحكم العادة والتعود، ومن هنا عودة غير جدلية، "عقيمة" لظاهرة أو حالة "ثنائية الإمامة والمشيخة القبلية" في شكلها المعاصر، و"كأنك يا بو زيد ما غزيت"!
فالإمامة، حسب وصف وتعبير الأستاذ عبدالسلام صبرة، في "من وراء الأسوار"، "ليست إلا شجرة جرداء" لا تورق ولا تثمر، قد انتصبت للناس في ملتقى الطريق تعترض الرائح، وتصد السبيل، فلا الناس بظلها يستظلون، ولا من شرها ناجون"(٥). وما يحصل على الأرض اليوم يقول ذلك بوضوح، وليس أزمة أو مشكلة "القضية الجنوبية"، سوى واحد من أعراض ذلك المرض الأيديولوجي السياسي التاريخي، الذي اشترك الجميع في صناعته، وهنا نجد أنفسنا دوريًا نعود لمواجهة "المشكلة اليمنية"، التي تعم اليوم تداعياتها السلبية، كل اليمن، شمالًا وجنوبًا.
 

خلاصة القول:

هذا حقيقة ما كان من موقف وحركة المثقفين اليمنيين، والسياسيين، خلال السنوات الأولى من الحرب على ثورة 26 سبتمبر 1962م، ولذلك توزع موقف المثقفين تحديدًا بعد الثورة من الحل لـ"المشكلة اليمنية"، بين ثلاثة اتجاهات أو مواقف؛ الأول: موقف ثوري وطني ديمقراطي حداثي تحرري مع خيار الجمهورية كمواطنة، ودولة للجميع دون إقصاء لأحد، وإن كان برؤية غير مكتملة ومرتبكة، ومنقسم على نفسه -مع الأسف- ويقف محاصرًا ووحيدًا في مواجهة حمولة أيديولوجية سياسية، وثقافية واجتماعية تاريخية، تمتد لأكثر من ألف عام، فقط، وبعدة معرفية وفكرية وسياسية ناقصة (غير مكتملة) حول ما يجب أن يكون فقط، حلمه/ حلمهم الوطني والثوري بالتغيير. ولذلك تحمل، ومايزال حتى اليوم يتحمل تبعات موقفه ذلك، معاناة وتعذيبًا، وتعبًا وسجونًا، وصولًا لقطع الراتب، والثاني: موقف "وسطي" بين الإمامة، والجمهورية، يحاول أن يمسك بالعصا من المنتصف، في صورة جماعة "مؤتمر خمر" و"مؤتمر الطائف"، والذين أكدوا على الشكل الجمهوري بعد إفراغه من مضمونه، "دولة إسلامية"، ولذلك كانوا في قلب الحرب ضد الجمهورية والثورة من داخلها ومن خارجها في صورة ذلك "الحل الوسط"، الجمهو/ إمامي، وهو الذي انتصر -مع الأسف- سياسيًا وعمليًا، في صورة ما تحقق بعد استكمال انقلاب 5 نوفمبر 1967م، والثالث: هو من لايزال متمترسًا ومتربصًا عند خندق "الهاشمية السياسية"، وبقوة، كما هو حاصل اليوم، وكان خلال العقود الستة الماضية يتحين الفرصة للعودة لـ"التمكين"، والثاني والثالث من المثقفين، والسياسيين، يجدون أنفسهم -في الأمس واليوم- في اللحظة السياسية التاريخية الحاسمة من التمكين يصطفون معًا، ضمن "ثنائية الإمامة والقبيلة"، كتلة واحدة في حصار وقمع من يمثلون الاتجاه الثوري الديمقراطي، ومن يحلمون بخيار دولة الحرية والعدالة والمواطنة للجميع.
وللبحث في تفاصيل التفاصيل حول كيف توزعت المواقف حول كل قضية ومسألة، وهو أمر مهم وإضافة نوعية للمكتبة البحثية، فإنه بحاجة إلى بحث/ أبحاث مستقلة، وأتمنى لو تخصص وتكرس رسائل علمية أكاديمية مفصلة في هذا الاتجاه وغيره، من موقع البحث العلمي.
ونقطة على السطر.
 
الهوامش:
 
١. محمد أحمد نعمان، "الأطراف المعنية في اليمن (الفكر والموقف)"، ص٢٨٢.
٢. صحيفة "اليقظة"، عدن، 20/10/1962م، نقلًا عن د. محمد علي الشهاري، كتاب "مجرى الصراع بين القوى الثورية والقوى اليمنية، منذ قيام ثورة 26 سبتمبر 1962م، حتى قيام حركة 13 يونيو 1974م"، مطبعة 14 أكتوبر، عدن، 1990م، ص63.
٣. محمد أحمد نعمان، "من وراء الأسوار"، نفس المصدر، ص269.
٤. محمد أحمد نعمان، "أزمة المثقف اليمني (الفكر والموقف)"، الأعمال الكاملة، ص281.
٥. من إجابة عبدالسلام صبرة، "من وراء الأسوار"، محمد أحمد نعمان، "الفكر والموقف"، ص246.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً