صنعاء 19C امطار خفيفة

يتعهدون باحترام حصانتها ويحاكمون موظفيها

تناقض سياسات الحوثيين تجاه المنظمات الدولية يعمق الأزمة الإنسانية في اليمن

2024-10-14
تناقض سياسات الحوثيين تجاه المنظمات الدولية يعمق الأزمة الإنسانية في اليمن
سيارة تتبع منظمات الأمم المتحدة الإغاثية في صنعاء (شبكات تواصل)

في خطوة أثارت قلقًا دوليًا واسعًا، أعلنت السلطات الحوثية في صنعاء إحالة موظفي منظمات أممية ودولية إلى المحاكمة بعد احتجازهم تعسفيًا منذ يونيو الماضي، وسط تحذيرات من تعقيد جهود الإغاثة وتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.

وشهدت صنعاء في يونيو الماضي حملة اعتقالات واسعة طالت العشرات من موظفي المنظمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة ومنظمات إنسانية وإغاثية دولية ومحلية. حيث تحتجز السلطات الحوثية 13 موظفًا أمميًا، منهم 6 من المفوضية السامية لحقوق الإنسان، و2 من اليونسكو، وموظف واحد من كل من مكتب المبعوث الخاص، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، واليونيسيف، وبرنامج الأغذية العالمي. بالإضافة إلى أربعة آخرين محتجزين منذ عامي 2021 و2023، ثلاثة منهم يعملون لدى اليونسكو وموظف واحد يعمل لدى المفوضية السامية لحقوق الإنسان. جميعهم لم يُسمح لهم بالتواصل مع عائلاتهم أو منظماتهم، وفقًا لتأكيد الأمم المتحدة.

كما تحتجز السلطات الحوثية أكثر من 50 موظفًا آخرين يعملون لدى منظمات دولية ومحلية، وعاملين سابقين في الهيئات الدبلوماسية الأجنبية. وجميع هؤلاء يواجهون تهمًا عدة من بينها التجسس لصالح شبكات أمريكية وإسرائيلية.

ورفضت منظمات أممية ودولية الاتهامات الموجهة ضد المعتقلين، وأعربت عن قلقها البالغ جراء إحالة جماعة الحوثي لعدد كبير من الموظفين المختطفين تعسفيًا إلى النيابة الجزائية المتخصصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة.

وجاء في بيان مشترك، وقع عليه المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وتسعة من رؤساء المنظمات: "إن توجيه اتهامات محتملة ضد زملائنا أمر غير مقبول ويزيد من فترة احتجازهم دون أي تواصل مع عائلاتهم". وأضاف البيان أن هذا القرار يثير مخاوف جدية بشأن سلامة وأمن موظفينا وأسرهم، محذرًا من أنه "سيعيق بشكل أكبر قدرتنا على الوصول إلى ملايين الناس في اليمن الذين هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية وخدمات الحماية، الأمر الذي ينعكس سلبًا على سلامتهم ووضعهم".

وطالب البيان السلطات الحوثية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع موظفي وكالات الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية الدولية والوطنية، ومنظمات المجتمع المدني، والبعثات الدبلوماسية المحتجزين بصورة تعسفية، مشددًا على ضرورة إيقاف استهداف العاملين في المجال الإنساني في اليمن.

تناقض في التوجهات

قرار الحوثيين بتحويل موظفي الأمم المتحدة المعتقلين تعسفيًا إلى المحاكمة يتعارض مع توجه مغاير أعلنته وزارة الخارجية والمغتربين التابعة للجماعة قبل يومين فقط من قرار المحاكمات. في التاسع من أكتوبر الحالي، وجهت "خارجية الحوثيين" مذكرة إلى مكتب المنسق المقيم للأمم المتحدة والبرامج والوكالات العاملة تحت مظلة الأمم المتحدة ومكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن وبعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة بصنعاء؛ أكدت فيها التزام "حكومة الحوثيين" بالمواثيق والمعاهدات الدولية الموقع عليها وبالأخص ما يتعلق باحترام الحصانات الممنوحة للأمم المتحدة ومنظماتها وبرامجها ووكالاتها. الأمر الذي عده مراقبون تحولًا إيجابيًا في سلوك الحوثيين وتعاملهم مع المنظمات الأممية والدولية، ومحاولة للانفتاح على الخارج يقوده الوزير الجديد القادم من خارج دائرة التشدد الحوثي.

تعزز هذا الاعتقاد بإعلان الوزارة في مذكرتها إلغاء المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية والتعاون الدولي، الذي تحول خلال السنوات الماضية، إلى أداة لقمع الأنشطة الإنسانية وتقويضها. وأوضحت المذكرة أن قطاع التعاون الدولي انتقل إلى وزارة الخارجية والمغتربين باعتبار الوزارة هي القناة الوحيدة للتواصل، وفقًا لقرار أصدره رئيس مجلس الحكم بصنعاء مهدي المشاط.

هذا التناقض يثير تساؤلات حول مصداقية التزامات الحوثيين تجاه المجتمع الدولي، واختلاف التوجهات داخل الجماعة فيما يتعلق بالسياسات الخارجية. الأمر الذي يزيد من المخاوف بشأن سلامة وأمن الموظفين الأمميين المعتقلين. كما تعكس هذه السياسات المتناقضة التحديات الكبيرة التي تواجهها الجهود الإنسانية في اليمن، وتبعاتها الكارثية، التي بدأت ملامحها تظهر بإعلان الأمم المتحدة تعليق كافة أنشطتها غير المنقذة للحياة في مناطق سيطرة الحوثيين.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً