صنعاء 19C امطار خفيفة

عام على طوفان الأقصى

يصادف اليوم ذكرى مرور عام على انتفاضة 7 أكتوبر 2023 المجيدة، الذي كان ولايزال زلزالًا غير مسبوق وغير متوقع، قضّ مضاجع العدو وحلفائه الذين ظنوا أن الفلسطيني استكان وهان، وأن المسألة مسألة وقت لإعلان إسرائيل انتصارها الكامل بضم الضفة المحتلة، ثم القيام بغزو عسكري شامل لغزة لتصفية القضية الفلسطينية بتطهير عرقي يريحها من الوجع الفلسطيني لنصف قرن على الأقل.

 
٧ أكتوبر قلبَ حسابات هؤلاء جميعًا، ولذلك لم يكن وقوفهم الكامل، سلاحًا ومالًا وإعلامًا وسياسة ودبلوماسية، إلّا تبريرًا مضافًا إلى كل ذلك الغطاء المهلهل الباطل الذي لا أخلاق ولا مشروعية له؛ وهدفه نزع حقٍّ مشروع لشعب في مقاومة المحتل، وهو "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس" الذي كان يمكن تقبله، تجاوزًا، لو كان الانتقام الصهيوني قد اقتصر على عملية عدوانية واحدة، وليس عامًا كاملًا من الدمار الشامل الذي مسَّ بالدمار ما لا يقل عن 70% من مباني غزة وقتل ما يزيد عن 42.000 شهيد وأكثر من 96.000 مصاب.
 
امتد طوفان الأقصى من غزة إلى جنوب لبنان وجبهات أخرى مساندة لم يكن يتوقعها العدو، واليوم يتحدث العالم عن احتمال حدوث حرب إقليمية. لو كان من يقود العالم وضع مسافة بينه وبين سياسات الكيان التوسعية وضغط عليه وعاقبه لعدم تنفيذه قرارات الأمم المتحدة، وأولها قرارا التقسيم وحق العودة، لما شهدنا اعتداءات صهيونية متكررة. إن من المؤكد أن الكيان الوظيفي صُنع لكي يرتكب جرائمها لكيلا تستقر المنطقة ولا تقوم لها قائمة.
بدأ الاحتلال الاسرائيلي المجرم حرب إبادة جماعية بحقّ شعبنا الفلسطيني في غزة والضفة وجنوب لبنان، ناهيكم عن اعتداءاته المستمرة على سوريا واليمن لسحق إرادة المقاومة الصامدة.
 
سيسجل التاريخ في أنصع صفحاته أن شعبًا محتلًا محاصرًا لا يكاد يروي عطشه صمد لـ365 يومًا ضد أقوى جيش في المنطقة تسليحًا وتمويلًا ودعمًا أمريكيًا وبريطانيًا.
وعربيًا لسنا وحدنا من نشعر بالحزن والأسى للموقف الرسمي العربي والإسلامي المساند حتى بالمستطاع، والدولي الصامت إلّا من بيانات خجولة كما هو حال الموقفين الروسي والصيني؛ والمتواطئ كما هو حال مواقف معظم الدول الغربية الشريكة الكاملة في العدوان وفي استمرار الاحتلال.
 
نحن نؤكد أن قضية الشعب الفلسطيني هي ليست قضية اليوم، بل هي قضية شعب يناضل منذ أكثر من 75 عامًا في وجه أحدث قوة احتلال واستيطان في عالمنا الحديث، وصراعنا مع هذا العدو لن ينتهي إلا بإنهاء الاحتلال ومحاسبته على كل الجرائم التي ارتكبها بحق شعوب المنطقة، وحل قضية الشعب الفلسطيني بقيام دولته وعاصمتها القدس.
نحيي في هذه المناسبة شعوب العالم المحبة للسلام، والتي استمرت الى اليوم برفع صوتها ضد حرب الابادة والمطالبة بوقفها ودعم نضال الشعب الفلسطيني ليتحصل على العدالة وحقه في تقرير مصيره.
 
ولا بد أيضًا من أن نحيي دولة جنوب إفريقيا (مانديلا) التي أخذت على عاتقها المبادرة في رفع دعوى ضد نتنياهو وحكومته لمحاكمتهم كمجرمي حرب إبادة أمام المحكمة الجنائية الدولية، ونشعر بالأسف في الوقت الذي كان يجب أن تكون مثل هذه المبادرة صادرة بالإجماع من كل الدول العربية.
 
أما اليوم، وبعد مرور عام على حرب الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال، فإن عدوانه لم يتوقف على حدود غزة والضفة الغربية، بل امتد إجرامه لاستهداف لبنان بأعنف القنابل والصواريخ التي ألحقت أضرارًا غير مسبوقة بحق هذا الشعب الآمن، واستمر في تصعيده باغتيالات قادة المقاومة وصولًا لاغتيال الشهيد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وبدأ بغزو لبنان واجتياحه بريًا، مما تسبب بسقوط مئات الضحايا من المدنيين ونزوح ما يزيد عن مليون ومائتي ألف لبناني من قراهم ومدنهم.
 
بل حتى وأن عدوانه امتد ليشمل دول سوريا والعراق واليمن… وكل هذا يحصل أمام مرأى الدول العربية والإسلامية دون أن يتحرك أحد لدعم ومناصرة بلداننا العربية في مواجهة هذا العدو الذي تمادى في عدوانه وطغيانه.
ونؤكد أن إسرائيل وطموحاتها لن تتوقف على حدود فلسطين ولبنان، بل ستمتد كما أكد نتنياهو أكثر من مرة الى دول الشرق الأوسط في حلمه ومشروعه لقيام اسرائيل الكبرى الممتدة من النيل إلى الفرات.
 
لذلك فإننا في ظل هذه الظروف غير المسبوقة التي تمر بها منطقتنا العربية، فإننا نناشد الجماهير العربية من المحيط الى الخليج أن تتحرك، وأن يعلو صوتها للتضامن مع فلسطين ولبنان وسوريا واليمن والعراق، ودعمهم في مقاومتهم ومواجهتهم للكيان المحتل، لأنهم يشكلون خط الدفاع الأول عن الأمة العربية والإسلامية والمقدسات.
 
ولا بد من أن يستيقظ ضمير العالم لوقف هذه الحرب والحد من اشتعال المنطقة بأكملها بسبب حرب نتنياهو!
ومن جانبنا فإننا نحيي صمود الشعب الفلسطيني واللبناني وتضحياتهم التي لا تقدر بثمن في وجه عدو مجرم وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق.
المجد والخلود لشهداء المقاومة وكل ضحايا العدوان.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً