صنعاء 19C امطار خفيفة

برلمان صنعاء يعبث بالدستور ويقوض استقلالية القضاء

2024-09-13
برلمان صنعاء يعبث بالدستور ويقوض استقلالية القضاء
برلمان صنعاء (أرشيف)

تجاهلًا لنصوص الدستور اليمني النافذ، عبثت جماعة الحوثي، بمنظومة العدالة، وقوضت مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، ومررت عبر برلمانها المنقوص في صنعاء، مشروع قانون يمنح رئيس مجلسها السياسي الأعلى صلاحيات تعيين أعضاء في السلطة القضائية من خارجها، في انتهاك صارخ وغير مسبوق لاستقلالية القضاء.

 
الأربعاء الماضي، أقر برلمان صنعاء "تعديلات قانون الأحوال الشخصية رقم (1) لسنة 1991 بشأن السلطة القضائية" الذي تقدمت به حكومة الحوثيين غير المعترف بها، مما أثار انتقادات حقوقية وقانونية واسعة، وتحذيرات من خطورة هذه الخطوة التي وصفها نادي قضاة اليمن بـ"المذبحة القضائية" التي تعبث بحقوق المواطنين وحرياتهم وكرامتهم.
 
 

انقلاب على العدالة

أعلن نادي قضاة اليمن رفضه القاطع للتعديلات القانونية، واعتبرها محاولة لإعادة البلاد إلى عصور الإمامة المظلمة. وأكد أن تمرير مشروع القانون يمثل انقلابًا كاملًا على العدالة، طال كافة المهن القانونية والقضائية، وعصف بقيم التماسك والتشارك.
 
واستنكر النادي في بيان صادر عنه، إقرار مشروع قانون كهذا خلال يوم واحد من تقديمه إلى برلمان صنعاء، معتبرًا ذلك "إهدارًا للإجراءات الشكلية والموضوعية والضمانات الدستورية".
 
تم تقديم مشروع التعديلات على قانون السلطة القضائية إلى البرلمان يوم الاثنين الفائت من حكومة الحوثيين، رغم أن الحكومة، حتى وإن كانت شرعية، فهي غير مخولة دستوريًا بالتدخل في شؤون السلطة القضائية، على اعتبار أن كلًا منهما سلطة منفصلة عن الأخرى. ومع ذلك، تم إقرار مشروع القانون صباح الأربعاء، مما يعني أن مناقشة مشروع التعديلات وإحالته إلى اللجان المختصة لدراسته ومن ثم إعادته إلى قاعة البرلمان للتصويت عليه وإقراره لم يستغرق سوى يوم واحد، وهو ما أثار حفيظة خبراء قانونيين قالوا إن الإجراءات كانت شكلية وتهدف إلى إضفاء شرعية على قوانين تم فرضها بالقوة.
 
وتعليقاً على ذلك، قال النائب في برلمان صنعاء، عبده بشر، إن "استدعاء مجلس النواب لانعقاد استثنائي لمناقشة وتشريع تعديلات قانونية خلال جلسة أو جلستين، أمر غريب وغير منطقي"، خاصة وأن استدعاء المجلس يكون "لأمر جلل وكبير، وليس لتعديل قانون وتمريره بمخالفة دستورية". وأوضح بشر في منشور على صفحته بالفيس بوك أن عددًا من المواد التي تضمنها مشروع تعديل السلطة القضائية، "مخالفة صريحة لدستور الجمهورية اليمنية".
 

معايير مطاطية

ينص الدستور اليمني على استقلالية القضاء كجزء أساسي من نظام العدالة، غير أن التعديلات تهدف إلى تعيين قضاة بناءً على انتماءاتهم الطائفية أو السياسية، مما يهدد هذه الاستقلالية ويجعل القضاء عرضة لتأثيرات الانتماء والولاء.
ألغت التعديلات الجديدة شرط الحصول على مؤهل جامعي أو مؤهل من معهد القضاء لتعيين القضاة، واستبدلته بمعايير مطاطية تشمل علماء الشريعة الإسلامية الحاصلين على إجازات في الفقه والمشهود لهم بالكفاءة والنزاهة.
 
ومن ضمن التعديلات المثيرة للجدل، منح القضاة الجدد سلطة توقيف المحامين ومنعهم من الترافع لمدة قد تصل إلى 3 سنوات، في مخالفة صريحة لقانون المحاماة الذي أعطى المحامين حصانة لضمان استقلالية عملهم في الدفاع عن الحقوق دون تدخل.
 
وهو ما أثار حفيظة نقابة المحامين اليمنيين، التي أعلنت رفضها القاطع للتعديلات القانونية التي طالت السلطة القضائية، واعتبرتها انتهاكًا صارخًا لاستقلالية القضاء ومبدأ فصل السلطات، ووصفتها بأنها "مشروع كارثي" يهدف إلى خصخصة القضاء والسيطرة عليه.
 
ودعت النقابة في بيان صادر عنها مساء الأربعاء، جميع المحامين وأعضاء السلطة القضائية إلى الوقوف صفًا واحدًا للتصدي لهذه التعديلات، كما ناشدت اتحاد المحامين العرب ومنظمات المجتمع المدني لدعم موقفها المناهض لهذه التعديلات، وأكدت أن التعديلات المقترحة مليئة "بالعلل والأمراض".

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً