صنعاء 19C امطار خفيفة

فَعْلَة... هل هي ابنة غير شرعية للأغنية اليمنية؟

رأيت أن أكتب عن الأغنية اليمنية التي يؤديها بعض الفنانين الشباب بشكل جديد ومختلف، وإن كان ذلك الجديد والمختلف محدودًا جدًا في وسطنا الفني الذي أصابه الجمود، وتوقف عن الابتكار، وربما يرى الكثير من محبي التراث اليمني أي جديد ومختلف تهديدًا لتراث الفن الغنائي اليمني الأصيل الذي درجوا عليه طويلًا. وهنا أشير بالتحديد لأغاني الفنان هاني الشيباني، التي أصبحت محط جدل في الآونة الأخيرة.

 
وكانت "فعلة".. وهي أغنيته الجديدة التي أثارت جدلًا واسعًا، بل وصمت بالعار أيضًا. لتصبح اسمًا على مسمى "فعلة".
 
ربما مثّلَ هاني الشيباني حالة جديدة وفريدة في طريقة أدائه للأغاني اليمنية، واستخدامه لأغاني التراث! فانتقال الأغنية اليمنية أولًا من مساحتها المعتادة، حين كانت قبل ثلاثين أو أربعين سنة، تُسجل في الاستديوهات المغلقة، وتعرض على الشاشة الصغيرة، أو يتم استضافتها في البرامج التلفزيونية، أو بثها في المناسبات والاحتفالات، بل ضاقت مساحتها أكثر في السنوات الأخيرة لتنحصر في المقايل والزفة، يغنيها فم ممتلئ بأوراق القات، ويتمايل على أنغامها الحضور.
 
وحين انتقلت اليوم لتُغنّى على المسارح، بل انتقلت من الشكل النمطي والقديم، لتكون موضوعًا في فيديو كليب، أثار حفيظة المحافظين، فالأغنية اليمنية بالنسبة لهم هي التراث الذي لا يجب أن يُمس أو تمتدَّ يد التغيير إليه!
فكيف لهم أن يقبلوا بكلمات تراثية "لا يمسها إلا...، تتراقص مع ألحان وإيقاعات جديدة، بل تتناثر مع حركات المطرب وهو يؤديها على خشبة المسرح، أو تمتزج بفن آخر، لتصبح مولودًا غير شرعي؟ كيف يا سادة وهي الأغنية التراثية التي لا يجب أن تتزوج من جنسية أخرى، حتى تظل نظيفة العرق؟
أليست رؤيتنا وتفكيرنا هو في حد ذاته عنصرية؟
لقد كانت تجربة الفنان أحمد فتحي في إدخال فن التراث الغنائي لمنطقة جديدة في الألحان والتوزيع مهمة جدًا، كما في أغنيته "يا أبو زيد" من كلمات القمندان، وكذلك، أخذه من الشعر الحديث للدكتور عبدالعزيز المقالح في أغنيته "صنعانية"، وكانت تجربته في عمل فيديو كليب لهما تجربة مهمة في تاريخ الأغنية اليمينة.
 
وكذلك الفنان المصري محمد منير الذي كان أول من غنى التراث النوبي على المسرح بطريقة تتماشى مع هذا الزمن، ومن دون أن يفقد أصالته، قال منير: "أنا أقدم جزءًا من هذا اللون، كما أقدم حداء الإبل في قالب أوركسترالي".
 
التراث يبقى تراثًا، لا يمكن له أن يندثر أو يموت، حتى وإن راجت وانتشرت الأغاني الجديدة التي يجب أن تواكب العصر والذوق المتغير، وإلا سنظل هناك، لن يعرفنا أحد.
ما الخطأ إن جرب الفنان لونًا مختلفًا، وله الحق في التجربة، والصواب والخطأ، وما العيب في ابتكار ما هو خارج المألوف، وكلٌّ له الحق في سماعه أو رفضه.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً