صنعاء 19C امطار خفيفة

نحن أحفاده!

نحن أحفاده!
د. عبدالعديز عبد الغني واحفاده

تعيدني الذاكرة إلى تلك اللحظة مكثفة المعاني والدلالات..

البعض، وهم قلة قليلة، يحاولون إيهام الغالبية بأن عبدالعزيز عبدالغني أحد مكونات الفساد الذي أكل الأخضر واليابس، وصار بفعل كباره حزبًا كبيرًا أركانه في كل مناحي الحياة...
الفساد الذي كاد يقنع الجيدين والطيبين والنزهاء أنهم على خطأ حين لم يَفسُدوا ويصيروا جزءًا من القطيع...
أجزم، وأنا هنا أستشهد بمن اقتربوا من الرجل، رافقوه طوال حياتهم، اللواء العروسي ومحمد سائقه الخاص، قلت لمحمد أما اللواء صلاح الدين العروسي في تعليقه على ما كتبته يوم ذكرى استشهاده شهادة تحترم:
"قلب الأستاذ عبدالعزيز لا يحمله إنسان في عصرنا هذا
الأستاذ بحر بل محيط من الصفات الحميدة
رافقته 17 سنة أعرف عنه ما لم يعرفه أحد. أحببته كثيرًا، بادلني هذا الشعور
كنت أرافقه ولا أتركه إلا بعد التاسعة"
أما محمد سائقه وأنا ألتقيه معظم الأيام فسكنه قريب مني، سألته:
هل كان الأستاذ فاسدًا؟
حلف بأن عبدالعزيز عبدالغني من أنزه من عايشهم، وقالها "والله العظيم إنه يوفي من جيبه"...
لا حاجة بي لأن أحلف إرضاء لمتنطع أو فاسد، أنا هنا أخاطب الطيبين وأولئك الذين يرددون أحيانًا كلامًا يسربه الفاسدون في محاولة للإساءة للرجل، كذلك الذي قال:
"صحيح هو نزيه، لكن "حُمّيه" من ذيك المشروع في كندا". وأضاف يقول وقد أطلق تنهيدة نفاق انشق لها جبل نقم:
"لكن معليش يعيش منه"
عبدالعزيز عبدالغني وباع ساعته الشخصية يوم أن زوج ابنه محمد، لم أؤلف هذا من رأسي، بل أخبرني خلف عبدالله علي ووالده من باعها، وعندما زوج إحدى بناته أهدى لهما سيارته الفوكس واجن التي كانت مغمورة يومها بالتراب!
قلت يا محمد هل هناك مشروع لوالدك في كندا؟
قال بهدوء: عليهم أن يكشفوا للناس
هنا جملة اعتراضية مني:
عبدالعزيز عبدالغني من بين كثيرين لم يدبر نفسه وهو مسؤول في الدولة، وسرى بجواز كندي! رجال الله دبروا أنفسهم مبكرين وقفزوا من السفينة ليغرق فيها صاحبهم!
ظل العزيز عزيزًا وفيًا للفكرة التي آمن بها ولم يخن..
الذي آلمه في النهاية أن "ما يؤلمني أن الدولة ترعى الفساد"
ألا يقولون إن الإنسان ابن البيئة التي جاء منها ونتاج حقيقي لها، اسمعوا الحكاية:
ذات نهار تواصلت مع زميل، واتفقنا على أن نلتقي في حديقة داخلية للأطفال قريبة من جولة الرويشان في الدائري الأول...
وقفت بسيارتي في شارع جانبي...
شربنا قهوتنا، وطال بنا الحديث
خرجنا كل منا في اتجاه...
هممت بالصعود إلى السيارة، لاحظت أن هناك من صدمها صدمة خفيفة، سمعت من ينادي عليّ:
يا أخ
قلت: نعم
كانت هناك سيارة بدأت تتحرك
تلك السيارة دحشت سيارتك وسائقها ترك لك هذه الورقة
مسكت الورقة:
كتب عليها الاسم ورقم التليفون واعتذار:
"اتصل بنا ونصلحها على حسابنا"
ارتحت جدًا للسلوك الحضاري
ليقف أمامي اثنان عمراهما فوق الحادية عشرة:
أنا من دحشت سيارتك وأعتذر، انتظرناك أنا وأخي، تأخرت، خفنا يعاقبونا في البيت لتأخرنا، طرحنا لك الورقة
قلت:
ما إسمك؟
عبدالعزيز محمد عبدالعزيز عبدالغني
قلت دعني أشد شوية:
كيف تصدم سيارتك وتذهب؟
والله يا عم انتظرناك طويلًا وقلت لك أيش اللي خلانا نشتي نروح
ابتسمت:
جدك الأستاذ عبدالعزيز؟
نعم وهذا أخي، نسيت اسمه
ووالدك محمد؟
نعم
قلت: يعيش الذي رباكم جميعًا، كل الشكر له لهذه التربية
الورقة ستظل معي للتذكر (موجودة في كتاب ما)
بلغ جدك السلام ووالدك
ودّعاني بكل أدب
تلك هي بيئة عبدالعزيز عبدالغني
ولا عزاء للفاسدين

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً